بقلم: عز الدين الكومي
استكمالا لمسلسل البراءة للجميع، ومسلسل “عودوا إلى مقاعدكم”، كما قال المستشار “محمود كامل الرشيدي” للمتهمين في قضية “القرن” التي كان يحاكم فيها “حبيب العادلي”، وزير داخلية المخلوع، مع المخلوع مبارك وقيادات نظامه، فقد عادوا جميعا إلى مقاعدهم في قاعة المحكمة، كما عادوا إلى منازلهم آمنين، دون أن يحكم على أحد منهم بالسجن. وأخيرا أحد قضاة الدم، معتز خفاجي، الذي أصدر أحكامًا على المئات من رافضي الانقلاب والمعارضين لسلطة الانقلاب بالإعدام والمؤبد، قضى ببراءة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي في اتهامه وآخرين بتسهيل والاستيلاء على حوالى 2.4 مليار جنيه من المال العام بوزارة الداخلية، وتغريمه 500 جنيه، في القضية المعروفة إعلاميا بـ”فساد الداخلية”.
هذا هو القضاء الفاسد الذى حكم فى نفس القضية على زميل العادلى فى السرقات والاستيلاء على أموال وزارة الداخلية وإهدارها، المتهم “نبيل خلف”، رئيس الإدارة المركزية للحسابات والميزانية السابق بوزارة الداخلية، بالسجن 3 سنوات، وإلزامه برد مبلغ 62.1 مليون جنيه وتغريمه مبلغا مماثلا، إلى جانب العزل من الوظيفة. فلماذا لم يحكم على حبيب العادلى بنفس العقوبة؟
وكما قال الراحل نيلسون مانديلاً رئيس جنوب إفريقيا:
لا يدافع عن الفاسد إلا فاسد
ولا يدافع عن الساقط إلا ساقط
ولا يدافع عن الحرية إلا الأحرار
ولا يدافع عن الثورة إلا الأبطال..
و كل شخص فينا يعلم عن ماذا يُدافع !
لكن لا غرو سيد مانديلا فقد صرنا فى زمان تحترم فيه الراقصة والعاهرة واللص والبلطجى.
ولله در القائل:
احترامي.. للحرامي..
صاحب المجد العصامي..
صاحب النفس العفيفة..
صاحب اليد النظيفة..
جاب هالثروة المخيفة..
من معاشه في الوظيفة..
وصار في الصف الأمامي..
احترامي.. للحرامي.. !!
لذلك يحكم على لص سرق 2 مليار جنيه بغرامة خمسمائة جنيه، فضلا عن الفساد والإجرام الذى مارسه إبان توليه الوزارة! وقد أصاب حكم براءة العادلى الكثير من الشعب المصرى بالدهشة، لأن قيمةغرامة المرور بسبب السير عكس الإتجاه في قانون المرور المصري من ١٠٠٠ إلى ٣٠٠٠ جنيه، فعلى الأقل كان على قاضى الدم أن يعتبر حبيب العادلى سار بسرقاته عكس الاتجاه، كما هو حال كل لصوص العسكر.
ويأتى هذا الحكم مخالفا للحقيقة، لأن الأجهزة الرقابية قدمت لجهاز الكسب غير المشروع، ما يثبت أن ثروته قيمتها 18 مليار جنيه و42 قصراً! ووفقاً للتقرير الذي قدمته الأجهزة الرقابية، ونشرته “جريدة الأهرام الحكومية” بعد ثورة يناير، أوضح التقرير بأن العدالى يملك “9 فلل و7 شقق ومزرعتين على مساحة 70 فداناً، ومساحات شاسعة من الأراضي في العين السخنة، و51 قطعة أرض موزعة في ثلاث محافظات، و4 سيارات مرسيدس، بالإضافة إلى امتلاكه وأسرته 18 مليار جنيه، و42 قصراً وفيلا وأسطول سيارات فارهة، وعدداً كبيراً من الشقق السكنية بمساكن الضباط بمختلف المحافظات”.
وأقول لكل من هو مستاء من براءة “حبيب العادلى” عد بالذاكرة إلى التسريب الصوتى الذى بثته قناة مكملين لمكالمة ضابط المخابرات الحربية، أشرف الخولي، ومخبر أمن الدولة “عزمي مجاهد”، عن أن اعتقال حبيب العادلي في مصر ما هو إلا خطوة “شكلية”. فقد أكد الخولي، أثناء حديثه مع عزمي مجاهد عن إعلان تسليم العادلي نفسه إلى السلطات، أن يشدد في تغطيته الإعلامية على نقطتي: “سيادة القانون” وأنه لا وجود لـ”محاباة” في مصر، لكنه استدرك بالقول: “عنده جلسة النقض فالموضوع كان لازم يحصل بالطريقة دي، وبرضو بالشياكة يعني لغاية بس الانتخابات تعدي والدنيا تهدا”.
والانتخابات عدت والدنيا هديت، والحكم بعد المكالمة، وسلم لى على سيادة القانون، فماذا ننتظر من القضاء الشامخ، أحد أضلاع الثورة المضادة، الذى لا هم له إلا إعدام الشباب الأبرياء بتهم ملفقة.
رحم الله ثورة يناير ومن استشهدوا في ثورة يناير ومن عاشوا بعد ثورة يناير كان الله فى عونهم وهم يشاهدون براءة حبيب العادلى، وهو يدفع خمسمائة جنيه أى ما قيمته 29 دولارا، بعد أن نهب، أكيد بأنه يدفع غرامة عدم المشاركة فى استفتاء التفصيلات الدستورية، تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.
أضف تعليقك