بقلم: عز الدين الكومي
قال “سامح بسيوني”، رئيس الهيئة العليا لحزب النور، إن «الحزب لا يُصنف نفسه على أنه حزب مؤيد ولا حزب معارض، لكنه يصنف نفسه على أنه نوع ثالث من الأحزاب يؤيد أي فكرة بها مصلحة البلاد والعباد، ويعارض أي فكرة بها مفسدة البلاد والعباد».
وهذا الكلام كان من الممكن أن يكون مقبولاً، لولا أن ممارسات الحزب عكس ماصرح به بسيونى ، لأن حزب النور بالأساس صناعة مخابراتية بامتياز.
فقد ذكر طارق حجى في لقاء مع إحدى الفضائيات : أن حبيب العادلي وزير داخلية المخلوع أكد له أنه جند جيشا من السلفيين لمواجهة الإخوان المسلمين، لخدمة نظام مبارك وكسر عضد الإخوان والعمل على تشويه صورتهم في الشارع المصري.
وقال حجى إن هذا الحديث دار بينه وبين حبيب العادلي في إحدى حفلات الإفطار في رمضان قبل الماضي عند رجل أعمال من نجوم العهد السابق قائلا للجميع: نحن توصلنا إلى الجماعة التي ستعمل على تفتيت عضد الإخوان المسلمين، وتعمل على تشويه صورتهم وهم السلفيون.
فحزب النور مؤيد للنظام الانقلابى على طول الخط ،منذ الانقلاب المشؤوم على الرئيس المنتخب،الدكتور”محمد مرسى” وحتى اليوم. وإذا كان بسيونى يزعم بأن حزبه نوع جديد من الأحزاب في عالم السياسة لم يسبق إليه أحد ، وأنه يؤيد أي فكرة بها مصلحة البلاد والعباد، ويعارض أي فكرة بها مفسدة البلاد والعباد!!
فأي مصلحة تعود على البلاد والعباد من أن يحكم طاغية مدى الحياة،أم أنها نظرية اختيار أخف الضررين التى يتذرع بها هؤلاء.
وأنا أرى أن تصريحات بسيونى لاتختلف كثيراً عن تصريحات مخبري أمن الدولة إعلام مسيلمة الكذاب ومرتزقة النظام الانقلابى من أن التعديلات الدستورية تصب في مصلحة المواطن، لأنهم جميعاً خرجوا من – بلاعة واحدة-!!.
وسؤال لهذا البسيونى ، الذى يحاول أن يستخف بعقولنا، أي مصلحة في أن يتم الانقلاب على رئيس منتخب، وهو ما يخالف منهج أهل السنة والجماعة، ومنهج أتباع الجامية والمدخلية وأدعياء السلفية، من أن طاعة ولى الأمر واجبة وإن جلد ظهرك وأخذ مالك، وإن شرب الخمر وسرق وزنى على الهواء مباشرة؟؟!!
أم أن المصلحة أن يقوم حزب المخبرين والأمنجية الذين يبررون ظلم المستبد واستبداده. فحزب النور لايعدو عن كونه شاهد زور، يشرعن حكم الطغاة أينما وجدوا.
ليس أتباع حزب النور هم من حرموا الثورة لأنها في فقههم الأعوج تعد خروجا على الحاكم؟ ولماذا لم يتعاملوا مع الرئيس المنتخب بهذا الفقه؟أم أن الأحكام الفقهية انتقائية وحسب الطلب ، كما يريد الكفيل ، وكما يريد جهاز أمن الدولة؟؟
حزب النور الذى ملأ الدنيا ضجيجاً،عن تهنئة الأقباط بأعيادهم ،وحذر الإخوان المسلمين من تهنئتهم ، وقال مخيون يومئذ: “تهنئة الأقباط بأعيادهم الدينية مخالفة لسنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم” و”تهنئة الأقباط مسألة عقائدية لا نجبر عليها (النور والدعوة السلفية) وليست مجالا للنقاش أو التنازل عنها، و”موقفنا كحزب سياسي، واضح من الأقباط، وفى حقهم الكامل فى ممارسة شعائرهم وحماية أموالهم وأعراضهم”.
كما أن برهامى اعتبر: أن تهنئة الأقباط بأعيادهم “حرام شرعًا”، نظرًا لما “يتضمنه ذلك من اعتراف بأعياد المشركين ترتبط بعقائدهم المخالفة للتوحيد كميلاد الرب”. و”الدوام على تهنئة الأقباط لا يدخل ضمن البر والإحسان الذي أمرنا الله به”، وفجأة نزل الوحى على أحد دهاقنة الحزب “محمد الأباصيرى” الذى قال بصريح العبارة: “يجب علينا أن نفرق بين المناسبات والمظاهر الاجتماعية، وبين العقائد، لأنه يوجد لدينا خلط كبير بين الجانبين، فمشاركة المسلمين للأقباط في أعيادهم وتهنئتهم لا يوجد فيها أي أزمة”.
ألم يعتبر حزب النور السلام الوطنى في فترة حكم الرئيس “مرسى” حراما، وخلال عزف السلام الوطني في برلمان 2012 امتنع أعضاء حزب النور عن الوقوف ، كما انسحب محمد إبراهيم منصور ممثل الحزب فى لجنة الخمسين (التى أعدت دستور 2013) أثناء عزف السلام الوطني، بعد الانتهاء من التصويت عليه؟
وبعد الانقلاب العسكرى ، وتحديداً بتاريخ 10 ديسمبر 2014، قال “صلاح عبدالمعبود” إن أعضاء الحزب سيقفون للسلام الوطني، فى برلمان عبدالعال.
فما الذى حدث؟ هل غير الحزب جلده خوفاً من عصا الانقلاب ، أم أن –سبوبة- الحزب والمتاجرة بالدين أصبحت بائرة؟ كما أن “مخيون” رئيس دهاقنة الحزب، وقف كالصنم أثناء عزف السلام الوطنى احتفالا بافتتاح تفريعة بلحة ، أم أن فتاوى تحريم الوقوف للسلام الجمهورى كانت فى زمن مرسي فقط؟.
وفى أول انتخابات برلمانية ، تحالف حزب الحرية والعدالة ، مع عدد من الأحزاب العلمانية، كبادرة على حسن النية وعدم إقصاء أحد من المشهد السياسى ،وعندما سئل برهامى عن تحالف حزب الحرية والعدالة مع تسعة أحزاب علمانية أجاب بقوله: إن هذا تحالف لم يقصد به نصرة المظلوم وإحقاق الحق، وليس كحلف الفضول، بل هو تحالف على تقسيم “الكعكة” فى البرلمان، وأن يلزم التصويت لقائمة التحالف الإسلامى بقيادة حزب النور.
بينما بعد سهرة 30 يونيو قال دهاقنة حزب النور: لامانع من وجود حزب سياسى باسم الشيعة أو الملحدين ،طالما أن تلك الأحزاب التزمت بالقانون والدستور وطالما أنها لم تمارس فكرًا يُخالف عقيدة المصريين والكل لديه الفرصة للعمل السياسي السلمي.
وأخيرًا يمكننا القول، إن مواقف حزب النور البلعامي لاعلاقة لها بالشريعة أو مصلحة البلاد والعباد ،ولكن مواقفه تنطلق أساسًا من رؤية كفيله، وأمن الدولة و أباطيلهم التى ألبسوها لباس الشرع، ابتداء من طاعة الحاكم المتغلب، وعدم الخروج على ولي الأمر، واختيار أخف الضررين، وكل ذلك كان القصد منه عرقلة الرئيس مرسى وإفشاله!!
أضف تعليقك