• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: ممدوح الولي

يعيش كثير من المصريين حالة من الانكسار الممزوج بالخوف والحزن؛ وهم يرون مكاسب ثورة يناير 2011 تُؤخذ منهم تدريجيا، والتي تحققت بصدور إعلان دستوري في مارس 2011؛ حدد فترتين فقط لرئاسة الجمهورية كل منهما أربع سنوات.

لكن تلك الفترة الرئاسية تم تعديلها قبل أيام إلى ست سنوات، مع السماح للسيسي بالترشح لفترة ثالثة، يمكنه خلالها جلب مرشح صوري، أو أكثر، كما فعل في انتخابات 2018، ليضمن البقاء حتى 2030، مستمرا في منصبه 16 عاما متصلة.

ولا سبيل أمام للاعتراض على ما يريده الحاكم، فالبرلمان المصنوع من قبل الأجهزة السيادية جاهز لتشريع ما يريده الحاكم، حتى ولو كان مخالفا بشكل صريح للدستور الذي وضعه النظام الحالي، وأجهزة الإعلام مسخّرة للدفاع عن كل ما يريده الحاكم، مهما كان شاذا ومخالفا لمبادئ الحريات والديمقراطية، وللنيل من معارضيه واتهامهم بأحط الاتهامات، مع تواجد عدد من المحامين الجاهزين لرفع دعاوى قضائية على المعارضين ليتم الزج بهم للسجون، مع تجديد الحبس الاحتياطي لهم بدون سقف زمني.

ولا يكتفى النظام تجاه غير الراضين عن سياساته بالصمت، وترك الساحة السياسية لأنصار النظام، بل إنه يجبرهم على إعلان التأييد العلني والعملي لسياساته. وها هي التعديلات الدستورية الأخيرة التي فرضها النظام، حيث تم خلالها الضغط على أصحاب الشركات والمحال التجارية للتبرع المادي والعيني للاستفتاء عليها.

الخوف يعم رجال الأعمال

وتعليق اللافتات الداعية للمشاركة في الإستفتاء عليها والموافقة عليها، حتى قبل تحديد معالمها بأسابيع، ونشر إعلانات بالصحف لنفس الغرض، والتصريح لوسائل الاعلام بتأييدها، خاصة من قبل رؤساء الغرف التجارية والصناعية وجمعيات المستثمرين، وحشد العاملين لديهم للتصويت وتوفير وسائل الانتقال اللازمة لذلك.

ولأن رأس المال جبان، فلا سبيل أمام هؤلاء سوى الانصياع لما يريده النظام؛ لأنه لا سند قضائيا أو مهنيا أو نقابيا أو إعلاميا يمكن أن يلجأوا إليه، وعليهم أن يتذكروا أن هناك رئيس منتخب قابع في السجن منذ سنوات، وتُكال له الاتهامات بلا منطق، ورموز مدنية وعسكرية وراء القضبان، لمجرد عدم رضا النظام عنهم، ورجال أعمال تمت مصادرة أموالهم وشركاتهم.

وسيظل مشهد رجل الأعمال توفيق دياب، صاحب التوكيلات الأمريكية العديدة، وابنه وهما مقيدان بالحديد، رغم أنهما غير معارضين للنظام وهاجمت الصحيفة اليومية التي يملكانها الإخوان بضراوة، ماثلا أمام أعينهم، وكذلك قضية الاحتكار المحجوزة لرئيس اتحاد المستثمرين لدى جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، لتحريكها في أي وقت يرغب فيه النظام، ليدرك كل منهم أنه لا سبيل أمامه سوى الرضوخ، بل والتبرع لصندوق تحيا مصر وللمبادرات الرئاسية المتكررة، والمساهمة في الرعاية المالية للأنشطة الرئاسية، مثل مؤتمرات الشباب وغيرها، مهما كانت حالة الركود في السوق والتخلي عن جانب من العمالة بسبب ذلك.

الصمت يخيم على نادي القضاة

ولم تقتصر حالة الانكسار على رجال الأعمال وأصحاب المحال والمقاهي، فعندما ألمح الجنرال بنيته لإجراء تعديل بالدستور في أيلول/ سبتمبر 2015، بادر عدد ممن شاركوا في صياغة دستور 2014، والذين كلفهم النظام الحالي بتلك المهمة، بتشكيل ما يسمى مؤسسة حماية الدستور، لكنه عندما عندما تحول الأمر إلى حقيقة خلال الأسابيع الأخيرة، لم يسمع أحد لهم صوتا.

وحتى من انسحبوا من عضوية اللجنة التأسيسة لإعداد دستور 2012، بزعم أنه لا يحقق مطالب الأمة، لم يسمع أحد لهم صوتا وهو يرون التغول في هدر مكتسبات ثورة يناير، والتدخل الرئاسي لاختيار رؤساء الهيئات القضائية والمحكمة الدستورية العليا، وزيادة مهام الجيش على حساب المجتمع المدني، وما سبقها من تدخل في اختيار رؤساء الهيئات الرقابية..

ونفس الموقف كان لنادي القضاه، ولنادي قضاة مجلس الدولة، رغم تقليص مهام مجلس الدولة من خلال التعديلات الجديدة للدستور. بل إن قيادات يسارية وناصرية لم تقاطع الاستفتاء الأخير، وقامت بالتصويت قائلة إنها رفضت التعديلات؛ لأنها تعلم أن مطلب النظام الأساسي هو المشاركة في التصويت حتى يحصل على صور إعلامية تبرز تواجد أي أشخاص في اللجان الانتخابية، كي يوظفها محليا ودوليا لتأكيد رضا الجمهور عنه.. فهؤلاء يحققون للنظام مطلبه، حتى لا يكون مصيرهم مثل أقرانهم؛ معتصم مرزوق ويحيى القراز ويحيى حسين عبد الهادى وغيرهم.

سلع غذائية لبعض المشاركين

وعندما يرى الموظف البسيط أو حتى الكبير، وصاحب المعاش والمرأة المعيلة، وغيرهم من الحرفيين والبسطاء، تلك الحالة من الانكسار والانبطاح لدى كبار رجال الأعمال والصفوة والإعلاميين، فهل يملك هؤلاء القدرة حتى على التصريح برأيهم في التعديلات الدستورية أو غيرها من الأمور، وهم أصلا مطحونون بسبب الغلاء المستمر، بينما هناك وعود للكثيرين منهم بالحصول على حقيبة بلاستيكية، تضم عددا من المواد الغذائية كهدية مجانية للمشاركين بالتصويت؟

وربما كان رأى بعض

هم: ولماذا نغضب بشكل كبير من التعديلات الدستورية، ونحن نرى الدستور قد تم تجاهله بشكل كبير منذ إصداره؟ حيث تتنافى ممارسات النظام اليومية تجاه الحريات مع نصوص الدستور، سواء مع وسائل الإعلام أو مع وسائل التواصل الاجتماعي، والزج في السجون لمواطنين لمجرد وجود كتابات بصفحاتهم الشخصية لا تروق للنظام.

وهل منعت مواد الدستور النظام الحالي من إعادة فرض حالة الطوارئ مرات عديدة بما يخالف الدستور؟ وهل نُفذ النظام قانون العدالة الانتقالية الذي طالب به الدستور؟ وهل كانت إقالة وزير الدفاع متسقة مع نصوص الدستور؟

فالدستور الحقيقى في العالم الثالث هو رغبات الحاكم الفرد، المدعوم بالجيش والشرطة والإعلام والقضاء، ورضا دول الغرب فتتغاضى عن استبداده وتعسفه تجاه حقوق الإنسان، سواء كان في مصر أو بالإمارات أو بالسعودية وغيرهما من الدول الحليفة له، والتي تخلت عن عدائها لإسرائيل، وتتركز وارداتها السلعية والخدمية والدفاعية مع دول الغرب.

وها هي قائمة الدول الخمس عشرة الأولى بالواردات السلعية المصرية العام الماضي؛ تشير لتواجد الصين والولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وإيطاليا، إلى جانب البرازيل والهند وإسبانيا وكوريا الجنوبية وإنجلترا وفرنسا، فيها.

أضف تعليقك