كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الحقوقية الدولية، عن وجود عوار كبير في أحكام الإعدام المتزايدة في مصر، جراء تآكل استقلالية السلطة القضائية وتقويض ضمانات الإجراءات القانونية.
وحذرت المنظمة من أن نظام السيسي يتحرك بوتيرة متسارعة نحو إعدام المعتقلين من معارضي الانقلاب العسكري.
ووصفت المنظمة النظام القضائي المصري بأنه ليس ظالما في أغلب الأحيان فحسب، لكنه "معطوب"، مؤكدة أنه في إحدى القضايا تبين أن "توقيع قاض على عقوبة إعدام كان مزورا".
وتحت عنوان "لماذا زادت الإعدامات في مصر بشدة ولماذا يجب أن تتوقف"، رصد التقرير ما اعتبره عيوبا منهجية في المحاكمات، مشيرا إلى الحكم بالإعدام على أكثر من 500 شخص بالإعدام في قضية واحدة، وحكم آخر على طفل عمره 4 سنوات بالسجن المؤبد.
وأضاف التقرير: "هناك مخاوف شديدة ومشروعة من أنه، وبعد عدة سنوات من تقويض ضمانات الإجراءات القانونية، وتآكل استقلال القضاء، الباب أصبح مشرعا على مصراعيه أمام فيضان الإعدامات التي تُنفذ بعد محاكمات جائرة إلى حد كبير".
ومن الأسباب التي أدت إلى الارتفاع الحاد في الإعدامات في مصر، تدخل السلطة في أحكام القضاء، ما تسبب في تنحي العديد من قضاة المحاكم الجنائية ببساطة عن النظر في المحاكمات الجماعية، بحسب المنظمة.
وفي أواخر 2013، أنشأت الحكومة "محاكم إرهاب" خاصة ضمن نظام المحاكم الجنائية، وعيّنت قضاة موالين لها، في خطوة لتحويل القضاء، إلى أداة أخرى للقمع.
وفي مواجهة محكمة النقض (أعلى محكمة طعون في البلاد)، والتي كانت محطة تدقيق قوية ضد تلك الأحكام المعيبة، ملغيةً الكثير من أحكام الإعدام بين 2014 و2016، وافق "السيسي" على تعديلات قانون الإجراءات الجنائية المصري وقانون الطعن أمام محكمة النقض من أجل الالتفاف على المحكمة.
وفي اليوم ذاته، وافق "السيسي" على تعديل آخر يُحكم فيه قبضته على تعيين رئيس محكمة النقض، ما مهد لتراجع دور المحكمة في إلغاء أحكام الإعدام المعيبة بشكل كبير، لتؤيد العشرات منها.
بالإضافة إلى ذلك، أصدر "السيسي" قانونا في أكتوبر/تشرين الأول 2014 وسّع فيه بشكل غير مسبوق اختصاص المحاكم العسكرية، التي أحيل إليها أكثر من 15 ألف مدني، وأصدرت المئات من أحكام الإعدام.
ومنذ انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، توجه النيابة العامة في مصر، اتهامات سياسية وجنائية مستندة إلى أدلة مغلوطة، بما فيها أدلة معيبة واعترافات تم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب، فضلا عن إساءة استخدام الأحكام القانونية لتنفيذ الحبس الاحتياطي بحق آلاف المواطنين، بغية سجنهم تعسفا لفترات تتخطى في كثير من الأحيان المدد القانونية.
ومنذ وصول "السيسي" إلى الحكم منتصف 2014، حلت مصر بين أعلى 10 دول من حيث عدد الإعدامات السنوية.
ومنذ 2014، أصدرت المحاكم الجنائية والعسكرية أكثر من 2500 حكم إعدام أولي، منها المئات في قضايا عنف تشوبها انتهاكات، ولا تتوافر فيها معايير النزاهة، وفق تقارير حقوقية.
وهناك الآن نحو 50 شخصا عرضة لتنفيذ الإعدام بحقهم في أي لحظة بعد تأكيد محاكم الاستئناف العسكرية أو المدنية أحكام إعدامهم.
أضف تعليقك