بقلم: عز الدين الكومي
أعلن الرئيس الجزائرى “بوتفليقة” تراجعه عن الترشح لعهدة خامسة، وتأجيل الانتخابات لأجل غير معلوم، وأعلن أن القصد من تأجيل الانتخابات هو لطلب الشعب، وحرصاً على تفادى كل سوء فهم فيما يخص وجوب وحتمية التعاقب بين الأجيال الذي التزمت به.
وأنه هناك حزمة تعديلات ستكون رداً مناسباً على المطالب التي جاءتني منكم، وبرهانا على تقبلي لزوم المحاسبة والتقويم الدقيق لممارسة المسؤولية على جميع الـمستويات، وفي كل القطاعات”.
وأن هناك ندوة وطنية جامعة مستقلة، تكون بمثابة هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لتدارس وإعداد واعتماد كل أنواع الإصلاحات التي ستشكل أساس النظام الجديد الذي سيتمخض عنه إطلاق مسار تحويل دولتنا الوطنية.
وأن هذه الندوة الوطنية ستتولى تحديد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، كما ستتولى تنظيم أعمالها بحرية تامة بقيادة هيئة رئاسية تعددية، على رأسها شخصية وطنية مستقلة، تحظى بالقبول والخبرة، على أن تحرص هذه الندوة على الفراغ من عُهدتها قبل نهاية عام 2019.
ويرى البعض أن رسالة بوتفليقة مفخخة لأنه تضمنت تمديداً لعهدته الرابعة، وأنها مجرد مناورة للمحافظة على النظام والتحكم في عملية التغيير بالمرحلة المقبلة.
فالبيان أعطي السلطة الكاملة للندوة الوطنية المستقلة، والتي سيختارها بالطبع بو تفليقة نفسه وليس الشعب، كما أن الندوة بدورها ستختار لجنة الانتخابات ولجنة صياغة الدستور، وليس الشعب، وبالتالى فالشعب الجزائرى سيكون خارج حسابات الجنرلات وبقية أركان العبلة السوداء.
ومن خلال قراءة بسيطة فى بيان بوتفليقة بعد لقاء “القايد صالح”، الذى قدم له تقريرا أمنيا عن الوضع في البلاد، يمكننا القول بأن قواسم مشتركة بين بيان بوتفليقة بالتراجع عن الترشح، وبيان تنحى مبارك خلال ثورة يناير، فمبارك قال لم أكن أنتوى الترشح، كذلك قال بوتفليقة لم أكن أنوى الترشح..
وكانت النتيجة أن ذهب مبارك وبقي نظامه الفاسد..فهل ياترى سيذهب بوتفليقة ويبقى نظامه لاستنساخ سيسى جديد فى الجزائر ؟.
زد على ذلك أن تعيين “نورالدين بدوى” رئيسا للوزراء، قد تم بتخطيط السعيد بوتفليقة، وليس من عبدالعزيز بوتفليقة، ما يؤكد بأن هناك نية للالتفاف على الإرادة الشعبية، لأن نورالدين بدوى هو الوزير الذي كان مكلفاً بضمان فوز بوتفليقة بعهدة خامسة، فتعيينه رئيسا للوزراء، يؤكد هينمة العسكر على الأوضاع حتى هذه اللحظة.
بوتفليقة لعهدة خامسة ولكنه تم تأجيل الإنتخابات ما يعني أنه مازال رئيسا، وإن شئت فقل عهدة رابعة طويلة، وسيظل رئيسا لمدة غير محددة وبالتالى لم يتم تحقيق مطالب الشعب،
فتم تعيين رئيس حكومة جديد دون تشاور مع القوى السياسية والمدنية.
لذلك لا يشكل تراجع بوتفليقة، عن ترشحه لولاية خامسة استجابة لمطالب الشعب، لايعدو عن كونه التفافاً على هذه المطالب، فى ظل الإعلان عن تشكيل حكومة كفاءات، كمحاولة لتهدئة الأوضاع وامتصاص غضبة الشارع. كما أن فرنسا تراقب الوضع عن كثب، لذلك سارعت بالترحيب بقرار بوتفليقة وهو ما يلقى بظلال كثيفة من الشك حول حول الدور الفرنسى المشبوه.
لذلك يرى البعض أن بوتفليقة ومعه عصابة العسكر الفائز الوحيد فى هذه الجولة، فإذا كان الجزائريون اجبروا بوتفليقة عن التراجع عن الترشح لعهدة خامسة، فإن بوتفليقة نجح فى جدولة العهدة الرابعة بعيداً عن الصناديق.
لذا من الضرورى الإستمرار فى الشارع لتحقيق كافة المطالب فى صياغة دستور توافقى، والحياة الكريمة ومحاربة الفساد والتدوال السلمى وليس العسكرى للسلطة وانتخابات حرة نزيهة وشفافة!!
لأن تأجيل الانتخابات لأجل غير معلوم – هذا ضحك على الذقون-وفرصة لعصابة العسكر لالتقاط الانفاس وترتيب الأوضاع، برعاية فرنسية إمارتية، ثم بعد ذلك يتم الانتقام من المحتجين وتصنيفهم وضرب بعضهم ببعض، ووصفهم بالقلة المندسة، عبر إعلام الدولة، إلى أن تحين الفرصة لإجراء الانتخابات على عين العسكر، لضمان لقدوم أحد الجنرلات كما هو معلوم ومشاهد، وما تجربة تونس منكم ببعيد!!
فعلى الشعب الجزائري أن يتعلَّم من أخطاء الثورة المصرية، ويعى أنه عندما تمت الأطاحة بمبارك لكن بقى نظامه، فحدثت الكارثة، التى قضت على آمال الشعب فى الحياة الكريمة ومحاربة الفساد.
فذهاب بوتفليقة، مع بقاء العصابة المتحكمة فى كل مفاصل الدولة، قد يتسبَّب بكارثة أكبر بكثير من بقاء بوتفليقة في الحكم.
أضف تعليقك