عندما يريد أحد من الناس أن يستنكر التمييز في المعاملة بين أناس، يجب أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات، تجده يقول: إن الأمر فيه خيار وفقوس، فتجد المحظوظين هم من يطلق عليهم الخيار، وأما غيرهم من غير المحظوظين فيصنفون على أنهم فقوس.
وهذا ما نلمسه في تعامل الغرب عامة والولايات المتحدة الأمريكية خاصة، في قضايا حقوق الإنسان، في منطقتنا العربية، ففى الوقت الذى تقوم فيه الدنيا ولا تقعد لأن أحد الصهاينة المغتصبين قتل أو طعن يتهم الجميع بالإرهاب، لكن عندما يقوم أحد عملاء الغرب بقتل شعبه وسحقه لا يتحرك أحد كما قال شاعرنا أديب إسحق:
قتل امرئ في غابة
جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن
مسألة فيها نظر!!
فمثلاً، "تيريزا ماي" رئيسة وزراء بريطانيا، قامت بالرد على روسيا، عندما سممت عميلها المزدوج في بريطانيا"سكريبال" باستخدام غاز الأعصاب المحرم دوليا، وقامت بريطانيا بطرد 23 ديلوماسيا روسيا، باعتبارهم ضباط استخبارات غير معلنين!
وقد ردت روسيا بالمثل، لكن أين موقف هؤلاء وهؤلاء، من إبادة آلاف الاطفال الأبرياء الذين أبادهم النظام النصيري بالغازات السامة مرات ومرات، وانتهى الأمر بلعبة روسية مع أوباما، بأنها اتفقت مع النظام النصيري على التخلص من جميع الأسلحة الكيماوية.
وهذا مانددت به مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، التى استنكرت رفض أوروبا الجلوس مع كل من الرئيس السوداني "عمر البشير" وولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" في القمة الأوربية العربية في شرم الشيخ، بينما جلست مع قائد الانقلاب العسكرى في مصر، والذى أدانته كل المنظمات الحقوقية الدولة لانتهاكه حقوق الإنسان.
وقالت المجلة الأمريكية: إن قائد الانقلاب قام بإعدام المعارضين السياسيين، وسجن أكثر من 60 ألفا منهم، واغتصب السلطة بانقلاب عسكري، من رئيس منتخب في انتخابات عادلة ونزيهة.
وقالت: لماذا تشعر أوروبا بأنه من الضروري للغاية إقامة علاقات مع الأنظمة الاستبدادية؟
وأجابت بأن السبب المعلن، هو أن التحدث إلى الجيران لا مفر منه، على الرغم من أن القمة لم تنجز شيئا سوى الكلام، لكن الكلام كانت له آثار ملموسة، فقد خلع القادة الأوربيون على قائد الانقلاب شرعية كان يتطلع إليها بإلحاح وبمنصة تظهره مقبولا لدى المجتمع الدولي.
حتى إن رئيس المجلس الأوروبي "دونالد توسك" أنهى مؤتمر شرم الشيخ بمؤتمر صحفى، مع قائد الانقلاب وسط تصفيق حار من الصحفيين الموالين للنظام الانقلابى لقائد الانقلاب وهو يصيح قائلاً: "لن تعلمونا الإنسانية"، لأنه لدى الأوروبيين والعرب "فهما مختلفا للإنسانية والقيم والأخلاق"، ودعا أوروبا إلى احترام القيم والأخلاق والإنسانية العربية، مثلما أن العرب يحترمون تلك القيم الأوروبية.
واعتبرت أن الإصرار على ضرورة التعامل مع قائد الانقلاب وأمثاله من طغاة العرب، بزعم أن أوروبا لا تستطيع التعامل مع مشكلة الهجرة ليست واقعية، بل إخفاق مهين للحكم الديمقراطي في أوروبا.
كما أن صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، اعتبرت: إن القمة العربية الأوروبية في منتجع شرم الشيخ لم تكن لتأتي في توقيت أسوأ من هذا، فالبرلمان المصري وافق على تمديد حكم السيسي "الذي يزداد استبدادا، حتى عام 2034".
كما اعتبرت أن هذه القمة "رمزا" لصفقة بين الاتحاد الأوروبي والحكام المستبدين".
وأن مشكلة الهجرة التى تعانى منها أوربا جعلت القادة الأوربيين يقبلون بالتعاون مع حكام طغاة مثل السيسي، حتى لو أدى ذلك إلى اتهام الدول الأوروبية بالنفاق وإضفاء الشرعية لأنظمتهم.
كما قال المحلل والباحث بمعهد يونايتد سيرفيس الملكي البريطاني في لندن-" ها هيلير" أن تعامل الاتحاد الأوروبي مع الدول العربية المستبدة، ساعد بالفعل حكومة السيسي على تحسين مكانتها العالمية بعد الانتقادات التي وجهت لها عقب انقلاب 2013 الذي أوصله إلى كرسي الحكم.
وقال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عن مؤتمر شرم الشيخ :عُقد بمصر اجتماع بين الاتحاد الأوروبي ومن دعاهم السيسي الانقلابي من أعضاء الجامعة العربية.
وخاطب القادة الأوربييين قائلاً: "هل يمكنكم الحديث عن الديمقراطية في الاتحاد الأوروبي، بعد أن لبيتم دعوة السيسي الذي أعدم 42 شخصا منذ توليه السلطة؟".
كما أن وزير الخارجية التركى "مولود جاويش أوغلو" اعتبر ذهاب قيادة الاتحاد الأوروبي بأكملها (إلى مصر) ووجودهم مع السيسي نفاق وازدواج في المعايير".
وقال: بلغ النفاق ذروته في أوروبا التي تقول لنا إن طبقتم الإعدام في تركيا سنفعل كذا وكذا بحقكم.
هذه الدول (الأوروبية) تخلت عن مبادئها".
كما أدان خبراء الأمم المتحدة موجة الإعدامات الأخيرة في مصر "بعد اعترافات أدلوا بها تحت التعذيب" وأن ذلك مخالف للقانون المصري نفسه والقانون الدولي، على حد سواء.
واعتبروا أن عمليات الإعدام التى تمت في تلك الظروف ترقى إلى مستوى الإعدام التعسفي.
أضف تعليقك