• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: سليم عزوز

أخيراً، تمكنت بحمد الله، من التوصل للسؤال الاستراتيجي، الذي احتارت البرية فيه، ونصه: “من هذا”؟!
أما هذا فقد كان الأخ الأستاذ، الذي ظهر مع النائبة في برلمان السيسي في وصلة ردح تاريخية، استباحت فيها “البنورة الفرنسية”، “كلير تالون”، توشك أن تمد يدها للشاشة لتأتي بها وتفترسها، لكن الله سلم، فقد بدت نائبة برلمان السيسي، كما لو كانت “الفك المفترس”، وظني أن “كلير” قد “قطعت الخلف” بعد هذه الحلقة.
وفي المجتمعات التقليدية يقولون إن الإنسان “يقطع الخلف”، والقدرة على الإنجاب، إذا تعرض لخطر شديد، أنتج خوفاً مقيماً، وظني أن “البنورة الفرنسية” اطلعت لأول مرة على طبعة مختلفة للبشر، غير تلك التي تعاملت معها في حياتها. في كتاب “أبي آدم” للدكتور عبد الصبور شاهين، يقول إن البشر وُجدوا على الأرض قبل الأدميين، نسبة لآدم. يبدو أن كلامه صحيح!
وحتى لا ينشغل أحد بمحاولة الوقوف على معنى “البنورة”، فهي من “البنور”، وأعتقد أن “البنور” ليس اختصاصاً صعيدياً فقط، فكلنا نعرف “البنور”، وقد كانت سندريلا الجزيرة، “إيمان عياد” لقبها في السابق “إيمان بنورة”، ويبدو والله أعلم أن “البنورة” هي كلمة عامية، والفصحى لها هي “بلورة”. لا بأس “البلورة الفرنسية”!
انشغل الناس بالنائبة في برلمان السيسي “غادة عجمي”، كما انشغلوا برقة وأداء الباحثة “كلير تالون”، لكن ثالثاً كان في الحلقة لم ينتبه إليه أحد، مع أنه بدا كما لو كان شخصاً مهماً، في مقام الضابط رئيس المباحث، وهو يعلن بجدية، أنه لن يسمح بهذا الكلام أن يقال أمامه، دون أن يقوم المذيع بلفت انتباهه بأنه من يدير البرنامج وليس هو لكي يسمح أو لا يسمح، لكن المذيع كان في الوضع تائها، فلم يستطع أن يسيطر على الأداء، وكيف لمثله أن يتمكن من السيطرة على “الفك المفترس”، وقد حولت الحلقة، كما لو كانت “الاتجاه المعاكس” بدون فيصل القاسم، وكل ميسر لما خلق له.
فمن يكون الذي لم ينتبه لحضوره مشاهد واحد، ليجيب على سؤالنا من هذا؟ وهو من قلة كلامه، يبدو أنه يشارك وفق ما اهتدت اليه بعض البرامج مؤخرا، بأن يتحول أحد الضيوف في الأستوديو إلى مشاهد، حيث ينسى المذيع أن يعطيه الكلمة، كما ينساه المشاهدون، فهو مجرد واحد مثلهم، وإن تغير موقعه!
والمشكلة أن ما تم الترويج له على نطاق واسع، لم يكن كل الحلقة، ولكن مجرد جانب منها، عندما كانت النائبة في برلمان السيسي في حالة تمدد بالحرارة، وكقنبلة توشك أن تنفجر فتدمر هذا العالم مترامي الأطراف. ورغم أنها منتمية للسيسي وترى أنه “الأمل والمنى”، إلا أنها تخالف دعوته لانقاص أوزان المصريين حفاظاً على الكوكب من عدم قدرته على تحمل الأوزان الثقيلة!

مرافعة توفيق حميد

أحد المتابعين أرسل لي حلقة برنامج “فرانس 24” كاملة، لأعرف بنفسي الاجابة على سؤال: “من هذا”؟ وكانت فرصة ليست فقط في التوصل إلى اجابة على سؤالي الاستراتيجي، فقد عرفت أيضاً إسم المذيع، وهو يبدو تونسياً، أو مغربياً، كما تقول لكنته،وأنا أشاهده كثيراً على الشاشة، فالمذيعون في القناة الفرنسية هذه ليسوا كثيرين، لكن عندي أزمة في حفظ الأسماء!
المذيع اسمه “توفيق حميد”، وذهبت إلى “غوغل” لكي أعرف مساره الوظيفي واسم بلده، فاكتشفت أن محرك البحث هذا لا يعرف إلا “توفيق حميد”، المصري الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي نشاهده على قناة “الجزيرة”، وقبل أيام كان في برنامج “الحصاد”، وأتحفنا بمرافعة عن عظمة التعديلات الدستورية، التي يقدم عليها السيسي، وجاءت مرافعته الجبارة حول النص على أن الجيش هو الحامي للدستور وللديمقراطية. وهذا ضد طبائع الأشياء، ويدشن لدولة عسكرية عضوض في مصر، لم تعرفها في ظل تاريخ الحكم العسكري فيها على طوله وعرضه.
المفكر الجهبذ، الذي تحول في واشنطن، من شاب منتم للجماعات الإسلامية إلى ليبرالي يؤمن بالمدنية، يأتي في لحظة ونكتشف، أن جينات الاستبداد لا تزال متجذرة تحت جلده، فالديمقراطية لا تليق إلا بالمواطن الغربي، ولا يليق بالعالم العربي إلا حكم الجيوش، وكأنه اختراع لم تجربه البشرية من قبل، وكانت نتائجه وخيمة، قادت هذه البلاد إلى مزيد من التبعية والتخلف والفساد.
ومرافعة “توفيق حميد” المصري/ الأمريكي، قامت على أنه حتى إذا جاء بالانتخابات من هم ضد الديمقراطية، أمكن للجيش بما يملكه من قوة التدخل، وضرب مثلاً تركيا أيام العسكر، وهي تجربة فاسدة، فلم تنهض تركيا إلا عندما كان الحكم للإرادة الشعبية، لكن توفيق حميد، المشغول بتفوق اسرائيل، يرى أن الخطر في إرادة الشعوب، فلا بد من أن تجرد شعوب المنطقة من إراداتها، ولو بقوة السلاح، ثم أنه مع فكرة استمرار سياسة التبعية للغرب المتفوق والقوي، وهذه التبعية لا يضمن استمرارها إلا حضور الجيوش العربية في السياسة، وهي أزمة نخبة تعيش التبعية بداخلها، وتدرك أن العين لا تعلو على الحاجب!
“توفيقنا” كانت بدايته الانحياز للانقلاب العسكري في مصر، ثم تطور موقفه وبدا رافضاً لبعض القمع في سياسة السيسي، قبل أن يعود أدراجه إلى معسكر الانقلاب متماهيا معه، ومؤيداً له، فاسرائيل تساند السيسي وتدعمه!
ولأن لكل قوم “توفيق حميد”، فلا أظن أن “توفيق حميد” القناة الفرنسية سالفة الذكر، هو مثل “توفيق حميدنا”.. أقصد “حميدهم”.. والـ “هم” هذه عائدة على الانقلابيين في مصر، وعلى من يرعاهم في “تل أبيب”. وبالمناسبة، فمن لم يغادر معسكر الانقلاب من الانقلابيين، جرى إخفاؤه قسريا، فأين شركاء وزير الدفاع في الانقلاب؟ رئيس الأركان ووزير الداخلية، فتسمية الانقلابيين هنا صارت الآن تسمية خاطئة، فلا يوجد سوى انقلابي واحد أول حرف من اسمه عبد الفتاح السيسي!

الخبير محمد الحنفي

عندما بدأت مشاهدة حلقة “فرانس 24” من أولها تمكنت من أمرين:
الأول: التوصل إلى إجابة على سؤالي الاستراتيجي: “من هذا”؟ فقد عرفت أن هذا اسمه “محمد الحفني”، والتعريف به أنه “خبير في الاقتصاد السياسي”؟ وهي إجابة زادت الأمر غموضا، فمن هو أيضاً محمد الحفني الخبير في الاقتصاد السياسي؟ وأين يمارس هذه الخبرة؟ والتعريفات التلفزيونية فقدت في الأغلب الأعم قيمتها، وصار التعريف يحتاج إلى تعريف. وفي أحد برامج “الجزيرة”، تم الاهتداء لمزيد من التعريف بالضيوف، بثلاث فقرات، فتجد في الفقرة الأولى: كاتب وصحافي، وفي الثانية: نشرت له العديد من المقالات في صحف دولية ومحلية. وفي الفقرة الثالثة: له عدداً من الأبحاث المنشورة. وعلى قاعدة: “راقصة وبترقص”، فما دام هو كاتب وصحافي فلا بد من أن يكتب وينشر!
وفي بعض التعريفات: أكاديمي وأستاذ للعلوم السياسية مثلاً. حصل على الماجستير، ثم حصل على الدكتوراه (الله أكبر)، ونسوا الاضافة المهمة (ماجستير بالبحث)، أم ماجستير بالمقررات الدراسية!
لا بأس، فمحمد الحفني، خبير في الاقتصاد السياسي، لكن كل هذا لا يفسر سر الشموخ الذي ظهر به، وهو يتمثل هيئة حضرة “الضابط النابتشي”، فيعلن أنه لن يسمح لهذا الكلام أن يقال في وجوده، وقد ذكرني بمساعد سابق لوزير الداخلية المصري شارك في برنامج “الاتجاه المعاكس” وكان هذا قبل الثورة، وكان في مواجهة المعارض التونسي منصف المرزوقي، فكانت المعاملة ضابط في مواجهة معتقل في قسم شرطة، وقد كتبت عن هذه الحلقة هنا في هذه الزاوية، وقلت في الضابط ما قال مالك في الخمر، حيث استفزني الأداء فكنت حاداً في النقد!
الأمر الثاني: أن الحلقة لم تبدأ حادة، فقد كان موضوعها عاطفيا باهتا، يفتقد للجاذبية وهو: “فرنسا – مصر زيارة رئاسية لتعزيز العلاقات الاستراتيجية”. وكان هذا بمناسبة زيارة ماكرون للسيسي!
ومع هذا العنوان، لم يكن سؤال “توفيق حميد” باهتاً، فقد نفخ فيه من روحه وهو يوجهه لنائبة برلمان السيسي: “التناغم في الموقفين الفرنسي والمصري.. ميه ميه؟”.
اللافت، أن النائبة العتويلة، ذهبت بعيداً، فقد كانت قد أعدت عدتها من خلال ورقة كتبت فيها الاجابة، وهي تعيد العلاقات الفرنسية – المصرية، لمرحلة النشأة والتكوين، متجاوزة السؤال، وقد قالت إن العلاقة بدأت مع حملة نابليون بونابرات. عندئذ أدركت أن السيسي وناسه يعيشون خارج المجرة، فكلاما كهذا قاله هو نفسه في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع ماكرون، وإن لم يذكر اسم نابليون بونابرت. لنستعير السؤال الخالد للطيب صالح: من أين جاء هؤلاء الناس؟!
فنابليون بونابرت، لم يأت إلى مصر زائراً، أو سائحاً، أو طالبا للقرب، ولكنه جنرال فرنسي جاء غازياً، ومحتلاً، وعندما يتم التأريخ للعلاقات الطبيعية بين مصر وفرنسا بالاستعمار الفرنسي، فمؤكد أن الشعور الوطني لهؤلاء القوم يعاني أزمة مستقرة، إن لم يكن اضطراباً مستمراً.
فالمصريون، الذين لا يعبر عنهم السيسي ونائبته بأي حال من الأحوال، لم يستقبلوا الزائر الفرنسي الأخ الأستاذ نابليون بونابرت بالورود، ولكنهم دخلوا معه وجنوده في مواجهات عنيفة، باعتبارهم قوات محتلة، يلزم الانتماء الوطني مقاومتها، وليس الاحتفال بها، وبعض المحافظات ومنها محافظتنا سوهاج اتخذت من طردها للحضور الفرنسي عيداً قوميا لها، فأجدادي هزموا الفرنسيين في يوم 10 أبريل/نيسان عام 1799م فصار هذا يوم عيد للمحافظة من كل عام!
نائبة برلمان السيسي قالت إن من هاجموها هم الاخوان، ولا تدرك أنها بما فعلت قد قدمت للاخوان خدمة عظيمة، في تمكين الناس من الوقوف على سمات الكائن السيساوي.
المؤكد أن نائبة السيسي اخوان بايعت على المصحف والمسدس في حجرة مظلمة!

أضف تعليقك