بقلم: عز الدين الكومي
يبدو أن قائد الانقلاب، بعدما تخلص من كل الذين دعموه فى رافعة الانقلاب والوصول للسلطة، وجمع كل السلطات فى يده جاء الدور على”الطيب”، فقد جاء الدور على الطيب ليقول له قائد الانقلاب “لقد نفذ رصيدكم” ففى أول تطبيق لتفعيل القرار الذى أصدره قائد الانقلاب قبل أسابيع والذى يقضى بأن يكون الترخيص بالسفر للخارج فى مهام رسمية أو لأعمال تتعلق بالوظيفة بقرار من عبد الفتاح السيسي، لكل من رئيس الوزراء ونواب رئيس الوزراء، ويسرى الحكم على كل من يشغل وظيفة أو يعين فى منصب بدرجة رئيس مجلس وزراء أو نائب رئيس مجلس وزراء، والذى كان مقصوداً به بالأساس الطيب دون غيره.
تفعيل قرار قائد الانقلاب بمنع الطيب من السفر، جاء على خلفية تقدم الطيب بطلب للسفر إلى دولة الإمارات، للقاء بابا الفاتيكان، وإمعاناً فى إذلال الطيب وإهانته، تجاهلت رئاسة الانقلاب طلب الطيب للسماح له بالسفر إلى أبو ظبي للمشاركة في احتفالية “الأخوة الإنسانية” وقداس بابا الفاتيكان “فرانسيس”، وانتظر الطيب ولكن لم يأته رد على طلبه، وقد تأزم الموقف بين النظام الانقلابى وعيال زايد، لأن عدم حضور الطيب هذه الاحتفالية سيجعلها باهتة وتؤتى ثمارها التى ينتظرها “محمد بن زايد” وبالتالى لا تحقق القصد منها، وقد وجرت اتصالات مكثفة خلال الأيام السابقة على موعد الاحتفالية من قبل عيال زايد، ولكن دون جدوى مما اضطر عيال زايد للتدخل لحل مشكلة الطيب والسماح له بالسفر، وقد امتعض الإماراتيون من هذا التصرف من حليفهم قائد الانقلاب الذين دعموه بكل قوة، خوفا من فشل الاحتفالية، وهناك تسريبات بأن الإمارات لوحت باتخاذ خطوات غير سارة بالنسبة للنظام الانقلابى إذا استمر فى تعنته ولم يسمح للطيب بالسفر إلى الإمارات، وبالفعل أرسلت الإمارات الشيخ “سلطان القاسمي”، حاكم إمارة الشارقة على رأس وفد لإنهاء مشكلة الطيب والسماح له بالسفر، وقد قابل ” القاسمى” الطيب وأثنى عليه وعلى علمه ودوره فى نشر الإسلام الوسطى، مما جعل رئاسة الانقلاب ترضخ فى النهاية لمطالب الإمارات والسماح للطيب بالسفر.
لكن فى نظرى ستكون هذه آخر سفرية للطيب على حد علمى – لأنها كانت بمثابة الإنذار الأخير للطيب بأنه لا سفر واحترام بعد اليوم، وقد بدا هذا واضحاً من تجاهل الإعلام الانقلاب للاحتفالية، وعدم إعطائها الاهتمام المطلوب والتغطية المناسبة، بما فى ذلك الصحف الانقلابية التى تتلقى تمويلا من عيال زايد نحت نفس المنحى وتجاهلت الطيب وتعاملت معها بحذر شديد.
وبناء على ما سبق، يمكننا القول بأن الطيب باتت أيامه معدودة، فمن الآن وصاعداً سيتم تجهيز حملة إعلامية ممنهجة وموجهة، لإهانة الطيب وإذلاله وتجاهله والهجوم عليه وعلى الأزهر.
وسوف يستمر ضغط قائد الانقلاب على الطيب، حتى يتم إقصاؤه من مشيخة الأزهر بالترهيب أو الترغيب، بعد رده على قائد الانقلاب فى النيل من السنة النبوية، كما أنه لم يبد موقفا متجاوبا فى الموافقة على التعديلات الدستورية، على غرار مافعله بابا الكنيسة “تواضروس”الذى صرح بأنه لا مانع من تعديل الدستور.
كما أنه من المرجح أن الطيب سيضطر فى النهاية وتحت الضغوط والإذلال والإهانة والتجاهل والهجوم الإعلامى الممنهج، أن يتقدم باستقالته من تلقاء نفسه، كما فعل من قبل عندما كان يشغل منصب مفتى الجمهورية، قبل أن ينقل لرئاسة جامعة الأزهر عام 2003، عندما أعلن عن استقالته من منصب الفتى وتنحى طواعية.
وتشير كل الدلائل إلى أن الطيب بصدد اتخاذ هذه الخطوة جبرا عنه، لأنه سيجد نفسه مضطراً للإقدام على هذه الخطوة مكرهاً،
مكرهاً، خاصة بعد رفض النظام الانقلابى، التجديد لكل من وكيل الطيب الدكتور “عباس شومان” وإلغاء ندب المستشار “محمد عبدالسلام” المستشار القانونى للطيب ليجد الطيب نفسه وحيداً فى مرمى نيران النظام الانقلابى وإعلامه المأجور.
فسنة الله التى لا تتغير ولا تتبدل، فى أن من أعان ظالماً سلطه عليه، فيخطئ من ظن أن الظلم الواقع على غيره لن يصل إليه، لأن الظالم لا يحيا إلا بنشر المظالم، وبالتالى لا بد أن يطال ظلمه من أعانه عليه.
وكأنى بالطيب وهو يهنأ ثوار سهرة30 يونية بنجاح ثورتهم، ويبشرهم بأن ما حدث ليس انقلاباً ولكنها إرادة شعبية، وأن أستند فى تأييده للانقلاب إلى القاعدة الفقهية التى تقول بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى، ولم يعلم المسكين أن ما قاله وفعله وسكوته على إراقة الدماء المعصومة هو الضرر الأكبر.
أضف تعليقك