اهتمت صحف القاهرة الانقلابية، اليوم الثلاثاء، وغيرها من الصحف والمواقع المستقلة، بمتابعة العديد من القضايا المحلية والدولية.
فأبرزت صحف الانقلاب ادعاء السفاح عبد الفتاح السيسى أنه يقف في موقعه بإرادة مصرية، زاعما أنه إذا لم تكن تلك الإرادة موجودة فإنه لن يتردد في تركه فورا ولفت إلى أن حقوق الإنسان ليست فقط حرية التعبير والرأي ولكن مفهومها أوسع وأشمل.
وسيطرت إشكاليات حقوق الإنسان وتقييد الحريات المدنية والسياسية في مصر على المؤتمر الصحفي المشترك للسفاح عبد الفتاح السيسي وإيمانويل ماكرون، عقب لقائهما الثنائي بالقاهرة ظهر الإثنين، حيث بدا البون شاسعاً بين رؤيتيهما لسجل مصر الحقوقي، مع ظهور رغبة ماكرون في عدم ممارسة ضغوط حقيقية على السيسي لتغيير مواقفه حفاظاً على مكاسب سياسية وإستراتيجية، غير أنهما اتفقا على ضرورة الفصل الكامل بين هذه القضية والتطور الذي يشهده التنسيق الثنائي حول العلاقات الاقتصادية والعسكرية البينية والقضايا الإقليمية، وبصفة خاصة ليبيا وسورية.
وفي البداية، قال ماكرون إنه "لا يمكن فصل الاستقرار والأمن عن حقوق الإنسان، وأن الاستقرار والسلام الدائمين يسيران جنباً إلى جنب مع احترام الكرامة الفردية وسيادة القانون"، مشيراً إلى أنه تحدث مع السيسي بشأن قائمة تضم أشخاصاً بعينهم تم اعتقالهم منذ سنوات أو شهور في السجون المصرية، والمعلومات المتاحة له لا تقنعه بأنهم كانوا يمثلون خطراً على المجتمع أو النظام في مصر، كاشفاً عن أنه سيلتقي خلال ساعات بعدد من نشطاء المجتمع المدني المصريين.
ورداً على سؤال الصحفي المؤيد للسيسي محمد الباز، عن سبب حديث ماكرون بشأن حقوق الإنسان في مصر بعدما كان يرفض ذلك سلفاً، قال ماكرون: "أنا مقتنع بقوة بمبدأ سيادة الشعوب، ولا أحاول أن أملي شيئاً على أي دولة أخرى... وفي أكتوبر 2017 ذكرت للسيسي بعض أسماء المحبوسين، وطلبت منه إعادة النظر بشأنهم، لكن منذ ذلك الحين جرت الأمور في اتجاه مخالف، فهناك مدونون ومفكرون وضعوا في السجون، وأنا لديّ احترام كبير للشعب المصري، وصداقتي للسيسي وحرصي على صورة مصر تحتم عليّ أن أنصحه بتغيير هذا الواقع، فعندما يسجن مدون مثلاً فهذا ليس جيداً لصورة مصر العزيزة على قلبي".
وعاد ماكرون ليبدي موقفه الداعي لانفراجة في هذا الملف دون ممارسة أي ضغوط قائلاً: "أنا لا أقلل من شأن التحديات الأمنية التي يواجهها السيسي، ولا أقلل من صعوبات بناء دولة بحجم مصر، وبالتالي فلا أملي أي دروس، وأدعم الجهود الجبارة التي بذلت لاحترام حرية العبادة والمعتقدات، خاصة بناء المسجد والكنيسة جنباً إلى جنب في العاصمة الجديدة".
وتلقف السؤال صحفي فرنسي وجه السؤال للسيسي عن أوضاع الحريات وحقوق الإنسان، ليظهر الانفعال والتوتر على وجه السيسي وإجاباته، حيث كرر بصورة موسعة حديثه عن "تبني مصر رؤية خاصة لحقوق الإنسان مغايرة للرؤى الغربية، بالاهتمام بالأوضاع الاجتماعية والصحية لمواطنيها، وليس الحقوق السياسية أو المدنية فقط"، قائلاً: "مصر لن تبنى بالمدونين.. بل بالعمل الجاد والإنتاج الحقيقي"، في إشارة إلى ازدرائه المستمر لأصحاب الآراء المعارضة، مضيفاً: "هناك فارق بين إبداء الرأي وهدم الدولة.. ونحن لن نسمح بهدم الدولة.. لقد أنقذنا مصر من مصير دول أخرى في المنطقة ومن إقامة دولة دينية.. كنتوا هتعملولنا إيه لو سقطنا في هذا المصير؟".
ولم يبد السيسي أي مرونة بشأن الأوضاع الحقوقية، فقال إن "مصر تقع في منطقة مختلفة عن أوروبا وأميركا، وبالتالي لا يجب أن ينظر لها بعيون غربية، بل بعيون مصرية"، وبدأ في استعراض بعض الأرقام عن الحملات التي دشنها قريباً للكشف الطبي وعلاج المواطنين وتسريع قوائم انتظار العلاج وإنشاء المساكن للأسر الفقيرة وصرف المعاشات للمواطنين الأقل دخلاً والعمل على المساواة الكاملة بين المسلمين والمسيحيين، معتبراً أن "مصر بذلك تراعي حقوق الإنسان، ولكن من منظورها الذاتي"، مشدداً على أنه "يحكم مصر بإرادة شعبية، وأنه إذا لم تتوافر هذه الإرادة فسوف يترك موقعه".
وحاول الصحفي المؤيد للسيسي، خالد ميري، إحراج ماكرون بالحديث عن التعامل الفرنسي الرسمي مع المتظاهرين في أحداث السترات الصفراء، فرد عليه الرئيس الفرنسي بأن هناك 11 فرنسياً توفوا نتيجة ما وصفه بـ"البلاهة البشرية" وليس برصاص الشرطة، وأشاد بـ"تعامل الشرطة مع المتظاهرين ومراعاة حقوقهم في التعبير، والحفاظ أيضاً على سلامة المنشآت والممتلكات"، مؤكداً أن "ثمة فارقاً بين المواطنين الذين خرجوا للمعارضة وبعض من سعوا للتخريب".
وسأل صحفي فرنسي ماكرون عن المعدات العسكرية التي باعتها فرنسا لمصر واستخدمت في قتل المتظاهرين، وهو الأمر الذي أشارت له بعض التقارير الحقوقية مؤخراً، فأجاب ماكرون بأن "نوعاً فرنسياً واحداً من المعدات استخدم في واقعة واحدة، علماً بأنه بيع لمصر في غضون عام 2010، أما باقي المعدات العسكرية فهي تستخدم من قبل الجيش وليس في التعامل مع التظاهرات".
وأجاب السيسي عن نفس السؤال زاعماً أن "الشرطة المصرية لا تتصدى بالقوة للمتظاهرين، لأن التظاهر حق يكفله الدستور والقانون في مصر، وأن الأسلحة لا تستخدم إلاّ ضد الإرهابيين الذين يمثلون خطراً على الدولة المصرية، ويرفعون السلاح ضد القوات، وفقاً لقواعد الاشتباك المعمول بها حول العالم".
من ناحية أخرى، اهتمت الصحف ببدء برلمان العسكر، في جلسته أمس برئاسة على عبدالعال، مناقشة مواد مشروع قانون التصالح في بعض مخالفات البناء، الذي يهدف إلى استفادة الدولة من الأراضي والمباني المقامة بالمخالفة لأحكام قانون البناء رقم 119 لسنة 2008.
ونوهت الصحف بأن المجلس كان قد وافق من حيث المبدأ خلال جلسته أمس الأول على مشروع القانون، وبدأ في جلسته أمس مناقشة مواد مشروع القانون، الذي أتى في 12 مادة، وبعد جلسة استغرقت 5 ساعات أقر المجلس 3 مواد من مواد القانون.
فيما تقدم عبد الحميد كمال، الإثنين، ببيان عاجل إلى رئيس برلمان العسكر ، علي عبد العال، بشأن وقائع فساد وإهدار للمال العام بقيمة 3 مليارات دولار، في مشروع إنشاء القطار الكهربائي المعلق "المونوريل"، في العاصمة الإدارية الجديدة.
وفي الشأن الاقتصادي، اهتمت كافة الصحف بمواصلة الدولار للتراجع أمام الجنيه، مشيرة إلى انخفاضه بنحو 9 قروش في عدد من البنوك، لتتراوح أسعاره بين 17.56 جنيه و17.65 جنيه للشراء، و17.66 جنيه و17.75 جنيه للبيع، ليفقد الدولار أكثر من 22 قرشا أمام الجنيه خلال اليومين الماضيين، وسط توقعات بمزيد من التراجع خلال الأيام القادمة.
يذكر أن الدولار قفز لمستويات غير مسبوقة، منذ قرار السفاح السيسي في ٣ نوفمبر ٢٠١٦ بتحرير سعر الصرف.
أضف تعليقك