أجرى الصحفي التركي بجريدة "غرتشيك حياة" سليمان شاهين، لقاء مع ناشط روهينغي طلب عدم الكشف عن اسمه، عرض من خلاله "المأساة" التي يعيشها الروهينغا في بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، قال فيها أنهم هربوا من ظلم ميانمار التي ممارسات إرهاب العنصرية بحق أقلية الروهينغا المسلمين، مما دفعهم للهروب بحثًا عن بصيص أمل.
وتحتجز السعودية مئات من مسلمي الروهينغيا دون توجيه تهم ضدهم ولآجال غير محددة، في ظروف بالغة السوء بمركز احتجاز الشميسي بجدة. بينهم نساء وأطفال فروا من بطش حكومتهم وجيشها العنصري الذي مارس "الإرهاب" بحق مدنيين على أسس عرقية ودينية.
ويعيش نحو 300 من مسلمي الروهينغا على الأراضي السعودية. ومعظم هؤلاء الأشخاص دخلوا السعودية بجوزات سفر بنغلادشية ودول مجاورة.
يقول أحد المسلمين الروهنجيا الذين أجري معهم الحوار: للأسف فإنه عندما اتضح أن بعض جوازات السفر تلك مزورة أصبحوا يحملون صفة هاربين داخل البلاد. وهو ما يعتبر ظلما مضاعفا. فأولئك الذين اضطروا للنزوح من بلادهم بضغط من الحكومة الميانمارية تعرضوا للنصب على يد تجار البشر. وكان يمكن التسامح مع هذه الوضعية قبل عام 2010، ذلك أن السعودية لم تكن تطبق إجراء بصمة الإصبع عند الدخول إلى أراضيها. وما هو ما كان يسمح للمرء بالإقامة في البلد لسنوات طويلة دون ملاحقة حتى لو دخل البلد بطريقة غير شرعية، وهو ما ألغاه إجراء بصمة الإصبع. فمهما هرب المرء تستطيع الحكومة بأريحية تامة الوصول إليه.
إن ما يبحث عنه مسلمو الروهينغا ليس العيش بطريقة غير شرعية، بل يريدون امتلاك ضمانات رسمية وعيش حياة طبيعية وكسب المال ورعاية أسرهم. لكنهم للأسف مجبرون على دفع ثمن فقدانهم الجنسية باهظا في كل مكان يذهبون إليه.
ويتابع، يوجد في مدينة جدة مكان يشبه معسكر الاعتقال، اسمه مركز اعتقال شميسة، وهو معسكر كبير. لكن بالطبع مستحيل أن نعرف العدد بالكامل، ذلك أنه ليس هناك بيانات رسمية. لكني أخمن أن هذا المعسكر يضم نحو ألفين إلى ثلاثة آلاف من مسلمي الروهينغا. وكما قلت فالمعسكر كبير للغاية وبقدرة استيعابية تستطيع استضافة 30 ألف شخص، والناس هناك يقيمون في وحدات مختلفة، فجميعهم لا يقيمون غي مكان واحد بشكل جماعي. ولهذا مستحيل تحديد العدد بالكامل. ويمكننا القول بأريحية تامة أن ظروف ذلك المعسكر لا تختلف كثيرا عن ظروف معسكرات الاعتقال.
واستطرد، نحن نتحدث عن بيئة تعتبر فيها إمكانية التواصل قاصرة للغاية ويحرم الشخص من الصحف والتلفاز ولا يمكن توصيل الهواتف إلى أولئك الأشخاص إلا بطرق غير شرعية. فهم يعيشون حياة المساجين وينتزعون منهم حريتهم. وبعضهم لا يستطيع الخروج من هذا المكان لسنوات، بل بينهم من لا يتحمل الظروف القائمة ويفقد أمله في المستقبل وينتحر. ولهذا يجب على الحكومة السعودية منح هؤلاء الأشخاص المظلومين حق اللجوء وإنقاذهم من هذا المعسكر في أقرب وقت ممكن.
نعم، إنهم يعيدون الأشخاص الموجودين هنا إلى بلادهم بعد إتمام إجراءات خروجهم من البلد. وأما من دخلوا الأراضي السعودية عبر بنغلاديش يعتبرون محظوظين بشكل أكبر في هذه النقطة. ذلك أن البلدين تجمعهما اتفاقية. فبنغلاديش مجبرة على استقبال اللاجئين الذين تعيدهم السعودية. بيد أن من دخلوا السعودية من بلدان أخرى مثل الهند وباكستان ونيبال فأوضعهم أكثر وخامة. ذلك أن تلك البلدان لا تقبل أبدا استقبال مسلمي الروهينغا الذين تعيدهم السعودية. فمن دخلوا من تلك البلدان يمثلون معظم من أصيبوا بالجنون وأقدموا على الانتحار بعد أن أقاموا لفترة طويلة في معسكر شميسة. ولا يوجد أي حل لهذه المعضلة أبدا.
ويءكد الروهنجي، فيقول: هؤلاء الأشخاص ليسوا لصوصا أو قتلة، بل أناس قدموا إلى بلد مسلم لإنقاذ حياتهم على أمل أن يجدوا الراحة في ذلك البلد بعدما اضطروا للنزوح من بلادهم. ألا تدخل هذا الوضعية ضمن مسائل حقوق الإنسان؟
ويؤكد أنه طلب من منظمة التعاون الإسلامي مساعدتهم بشكل مكتوب ومفصل فأوصل للمسؤولين السعوديين ومنظمة التعاون الإسلامي، وطلب منهم المساعدة في الوصول لحل. لكن لم يتلقى أي رد من أي من الجانبين.
ويختتم حديثه قائلا، للأسف فقد رجح مسؤولو منظمة التعاون الإسلامي غض الطرف عن المأساة التي تحدث في مدينة مقرهم. يعلمون جيدا أن مسلمي الروهينغا أشخاص بدون دولة أو حكومة. فهناك أرض يشعر عليها كل مجتمع وشعب في العالم بالأمان ويلجأ إليها وقت الحاجة.
أضف تعليقك