يتساءل البعض: لماذا ثار الشعب المصري هذه الثورة الشعبية العارمة والشاملة والسلمية، المنقطعة النظير في العمق والصدق والشمول، تلك الثورة التي فجرها الشباب في 25 كانون الثاني/ يناير 2011م - 21 صفر 1432هـ؟
للإجابة على هذا السؤال، ولفهم هذه الحقيقة، علينا أن ندرك أن هذه الثورة إنما تفجرت ضد كم هائل من "الخطايا" التي تراكمت على امتداد ثلاثة عقود، ولم تكن مجرد اعتراض على عدد من "الأخطاء".
لقد صرحت مصادر صهيونية قبل أسابيع من تفجر هذه الثورة بأن نظام حسني مبارك إنما يمثل كنزا استراتيجيا للأمن الإسرائيلي!! وهذا التصريح الصهيوني إنما يشير إلى "عار" لم يسبق له مثيل في نظم الحكم التي تعاقبت على حكم مصر، التي هي كنانة الله في أرضه وحامية الإسلام والعروبة على مر التاريخ.
ونظام العار هذا، الذي تفجرت هذه الثورة لاقتلاعه، هو الذي حرض على الغزو الأمريكي/ الغربي للعراق عام 2003م، ذلك الغزو الإمبريالي الذي حقق مصالح الأعداء عندما دمر العراق، وهو القوة الأولى في الشرق العربي، وصنع بذلك مأساة من أكبر مآسي العرب والمسلمين في القرن العشرين، وتسبب في تجزئة العراق وسيطرة أمريكا والتشيع الصفوي على مقدراته، وتحويل ثلث شعبه إلى شهداء وأرامل ويتامي ولاجئين!
ونظام العار هذا هو الذي أيد الغزو الأمريكي/ الغربي لأفغانستان عام 2001م، على الرغم من أن الرئيس الأمريكي "بوش الصغير" قد أعلن أن هذا الغزو إنما يأتي في سياق "حملة صليبية" على الإسلام والمسلمين، كما أعلن بعد عامين من ذلك التاريخ، إبان حربه على العراق، وأنها حرب عادلة بالمقاييس التي وضعها القديس "أوغسطين" (354 - 430م) و"توما الإكويني" (1225 - 1274م) و"مارتن لوثر" (1483 - 1546م) وغيرهم!!
ونظام العار هذا هو الذي أيد الغزو الإثيوبي للصومال، ذلك الغزو المدعوم أمريكيا والذي أسقط حكومة المحاكم الشرعية، وأدخل الصومال في دوامة العنف والدمار.
ولقد صرح رأس نظام العار هذا يومئذ فقال: "نحن نتفهم التدخل الإثيوبي في الصومال"! هذا التدخل (الغزو) الذي قاده "ميليس زيناوي" الذي كان يهدد بقطع مياه النيل عن مصر والسودان!
ونظام العار هذا هو الذي عاش على امتداد ثلاثة قرون يقدم نفسه للغرب باعتباره المحارب للمد الإسلامي، والحامي لأمن إسرائيل!
ونظام العار هذا هو الذي تواطأ وغض الطرف عن الحرب العدوانية المدمرة التي شنها الكيان الصهيوني على لبنان عام 2006م، وعلى غزة عام 2008/ 2009م والتي دمرت وقتلت البشر والشجر والحجر.
تلك بعض من الخطايا التي اقترفها نظام العار، والتي فجرت ثورة 25 يناير 2011م.
أضف تعليقك