بقلم: عصام تليمه
العالم الكبير الدكتور سلمان العودة، شخصية يفخر بها أي قطر عربي، فضلا عن الخليج العربي كله، بل الأمة الإسلامية كلها، ومن العبث والصبيانية ما قامت في المملكة العربية السعودية بطلب الحكم عليه بالقتل تعزيرا لحجج ومبررات تصب في خانة الفخر والاعتزاز لا الإدانة، من اتهامه بأنه عضو في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وتأسيسه منظمة النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم، وأمور أخرى لا يمكن بحال من الأحوال أن يضعها إنسان عاقل يؤمن بالله عز وجل إلا تحت باب قوله تعالى: (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا) الأحزاب: 39.
كيان علمائي
وحتى اتهامه بانضمامه لاتحاد علماء المسلمين، فهذا الاتحاد نفسه، هو كيان علمائي لا يعبر عن أحزاب ولا توجهات سياسية، بل يعبر عن الأمة، وهو ما بينه الاتحاد من أول يوم أعلن فيه في الثاني عشر من يوليو سنة 2004م، وأعلن عن ميثاقه وسياسته وثوابته، وأنه لا يصطدم بالدول، وليس معنيا بإصدار الفتاوى حتى لا يكون منافسا للمجامع الفقهية، أو المؤسسات الدينية المعنية بالفتوى.
وقد كان سلمان العودة ضمن وفد علمائي من الاتحاد في أحداث العدوان على غزة سنة 2008م، وقد زار رؤساء وملوك دول، كان أول من زارهم الاتحاد وقتها برئاسة العلامة القرضاوي: الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ثم قابل بعده الملك عبد الله بن الحسين ملك الأردن، فكيف يكون الاتحاد والانضمام له إرهابا؟ ولماذا قبل حكام هذه الدول مقابلة وفده؟
تهمة سخيفة
بل يتهم الشيخ سلمان بالإرهاب، ودعم الإرهاب، وهو الذي ألف كتابه (أسئلة العنف) ناقش فيه أهل العنف، وأدلتهم، وفندها جميعا، مبتغيا بذلك ترشيد شباب الأمة، وحمايتهم من الانجراف في مسيرة حمل السلاح، وإشهاره على المجتمع، سواء داخل بلادنا العربية والإسلامية، أم في البلاد الغربية، بمنهجه الوسطي، وتأصيله العلمي، يجمع فيه بين الأصالة والمعاصرة، وبأسلوب مقنع.
ومن أسخف التهم التي وجهت للشيخ سلمان، أنه أنشأ منظمة نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي منظمة تداعى لتأسيسها عدد من العلماء والدعاة على رأسهم العودة، وقد كان سببها: الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، من الرسام الدنماركي، وغيره فيما بعد، وكأن تأسيس منظمة للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم تهمة تستوجب القتل، في بلد أحد أهم مصادر رزقه: رعاية الحرمين الشريفين، ومنها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وملكها يلقب بـ"خادم الحرمين"، فلا أدري هل الدفاع عن أحد الحرمين ونبيه صلى الله عليه وسلم جريمة؟!!
بل الأنكى لو تخيلنا مثلا، أن الرسام الدنماركي أو أي رسام قام بعمل رسوم مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، ودخل السعودية زائرا، أو مقيما، فهل ستقوم السعودية بإلقاء القبض عليه؟ وهل ستطالب النيابة بقتله تعزيرا أو حدا، لأنه أساء للنبي صلى الله عليه وسلم؟ وبالمناسبة هذا هو قانون المملكة، أم إن التغيرات التي طرأت على السعودية الآن، ربما سمحت لهذا الرسام وغيره أن يدخلوا السعودية من قاعة كبار الزوار، إن لم تقم له حفلة، ويرقص فيها بعض المسؤولين (العارضة) ابتهاجا بزيارته، لكوننا في زمن عجيب، يحاكم فيه من يدافع عن المصطفى صلى الله عليه وسلم!!
والتساؤل المهم هنا للكاتب الدكتور عبد العزيز القاسم، الذي صدع رؤوسنا بعد اعتقال العلماء، بأنهم معززون مكرمون، وكأنهم في فنادق خمس نجوم، مع ما ينقل الآن من إساءة وتضييق على الشيخ سلمان وإخوانه جميعا، أين عبد العزيز القاسم الذي خرج يبشر الناس بجنة محمد بن سلمان، وحسن معاملته للمعتقلين؟ وكأن الاعتقال أصبح نعمة يحلم بها المواطن السعودي، والدليل ما ينقله من سعادة المشايخ المعتقلين، وأنهم ينعمون بالراحة!!
إن اتهام الشيخ سلمان العودة والدكتور علي العمري وإخوانهما من العلماء والدعاة بالإرهاب، لنكتة سخيفة، فمن الإرهابي؟ الذي قام لله داعيا يرشد مسيرة المسلم، ويدعو إلى الله على بصيرة، بالحكمة والموعظة الحسنة، أم من اعتقل الناس من بيوتهم، ومن استخدم السلاح وقتل أبناء الشعب اليمني البريء، وساهم وساعد انقلابات عسكرية قامت بسفك دماء الشعوب، وقتل الأبرياء؟!!
أضف تعليقك