بقلم: ممدوح الولي
تعددت الأجهزة الحكومية المعنية بحماية المستهلك المصري، والتي بدأت عام 1997 بإنشاء جهاز لمرفق الكهرباء وحماية مستهلكي الكهرباء، من حيث انتظام الخدمة وجودتها وسعرها، وتلاه عام 1998 إنشاء جهاز تنظيم مرفق الاتصالات لحماية مستخدمى الاتصالات، وإنشاء الجهاز التنظيمي لمياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك عام 2004، لحماية مستهلكي مياه الشرب والصرف الصحي من حيث انتظام الخدمة وجودتها وتسعيرها المناسب، وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية عام 2005، وجهاز حماية المستهلك عام 2006، لحمايته من السلع الرديئة والإعلانات المضللة، وحقه في إعادة السلع للبائع أو استبدالها.
وتم تكوين مجلس إدارة لكل من تلك الأجهزة وكان هناك حرص على تمثيل المستهلكين فيه، كما تم تخصيص مقرات لها وعمالة وميزانيات مناسبة، بل ومنح الضبطية القضائية للعاملين بها لتسهيل مهمتهم، الى جانب وجود 97 جمعية أهلية تعمل بمجال حماية المستهلك. لكن الواقع العملى لدور تلك الأجهزة يبدو هامشيا، ولا يشعر غالب المستهلكين بوجودها.
ويرجع ذلك الى تبعيتها للوزراء المنوط بها تقييم أعمالهم. فجهاز مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، المنوط به التوصل لتسعيرة عادلة لتعريفة استهلاك الكهرباء، لا تكون مجحفة بمستهلكي الكهرباء، يرأس مجلس إدارته وزير الكهرباء. وهكذا لا تتوافر الاستقلالية الكاملة للجهاز لتقييم مدى كفاءة خدمة الكهرباء وانتظامها.
الحكومة تختار ممثلي المستهلكين
والجهاز التنظيمي لمياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك، المنوط به وضع التسعيرة المناسبة لمياه الشرب بما لا يضر بالمستهلكين، يرأس مجلس إدارته وزير الإسكان والمرافق، وهو الوزير الذي يرأس الجمعية العمومية للشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، التي تتبع لها 25 شركة تابعة بالمحافظات، والتي من المفترض أن الجهاز التنظيمي لمياه الشرب يراقب مدى جودة خدماتها، ولهذا لم يسمع أحدا له صوتا مع زيادات أسعار مياه الشرب المتكررة.
والجهاز القومي للاتصالات الذي تم إنشاؤه عام 2003 كبديل لجهاز تنظيم مرفق الاتصالات، والمنوط به حماية حقوق مستهلكي الاتصالات، وتقييم الكفاءة الفنية والاقتصادية لمختلف خدمات الاتصالات يرأس مجلس إدارته وزير الاتصالات.
وأعضاء مجالس إدارات تلك الأجهزة يتم تعيينهم من قبل رئيس الوزراء، بترشيح من الوزير المختص، كما تزخر تلك المجالس بممثلي الوزارات الحكومية، مما يحقق لهم الأغلبية مقابل ممثلي المستهلكين، بل إن حتى هؤلاء الممثلين للمستهلكين تختارهم الجهات الحكومية، ولم يكن لمستهلكي الخدمة أي دور في اختيارهم.
وهكذا نجد ممثل المستهلكين بمجلس إدارة الجهاز القومي للاتصالات هو رئيس اتحاد البنوك، وممثلي مستهلكي الطاقة بجهاز مرفق الكهرباء هم: رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، ورئيس جهاز حماية المستهلك، ورئيس اتحاد الصناعات، ورئيس اتحاد الغرف التجارية.
وتتركز كل هذه الأجهزة في القاهرة، ومن خرج منها اتخد من القرية الذكية (في الكيلو 28 طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي مقرا)، مثل جهاز حماية المنافسة، وكذلك جعل مقر الشكاوى بجهاز حماية المستهلك في القرية الذكية، مع انفراده بأنه الجهاز الذي له ستة مقرات في المحافظات، بينما لا توجد أية فروع في المحافظات لباقي الأجهزة.
أرباح ضخمة لجهاز الاتصالات
وإذا كانت ثلاثة من تلك الأجهزة قد اتخذت شكل الهيئة الخدمية التي تتكفل الحكومة بغالبية مصروفاتها، مثل جهاز حماية المنافسة الذي حصل على 14 مليون جنيه في موازنة العام المالي الحالي، وجهاز حماية المستهلك الذي حصل على 20 مليون جنيه، وجهاز مياه الشرب الذي حصل على 14 مليون جنيه، فقد بدأت الحكومة بفرض رسوم على المستهلكين تخصص حصيلتها لتلك الأجهزة، لتخفيف نفقاتها عن الحكومة، حيث تم العام الماضى فرض رسم قرش عن كل متر مكعب من استهلاك مياه الشرب، تخصص حصيلته لجهاز مياه الشرب، رغم غياب أي دور ملموس له تجاه مستهلكي مياه الشرب أو الصرف الصحي.
أما جهاز مرفق الكهرباء وحماية المستهلك فهو هيئة اقتصادية تسعى للربح، وقد حقق ربحا في السنوات الماضية (ما بين عامي 2012 وحتى 2016)، فيما عدا عام 2015 حين حقق خسارة قليلة.
وأما الجهاز القومى للاتصالات، والمنوط به حماية مستهلكي الاتصالات، فهو هيئة اقتصادية تسعى للربح، ويسمح له قانون إنشائه بالحصول على مقابل للخدمات التي يؤديه للغير والتراخيص التي يمنحها، والحصول على حصيلة الغرامات والتعويضات التي يحكم بها قانونه، ومن هنا فلم تقل أرباحه ما بين عامى 2012 وحتى 2016 عن المليار جنيه سنويا، بل إنها بلغت 1.9 مليار جنيه في العام الأخير. ولهذا لم يسمع جمهور مستهلكي الاتصالات له صوتا مع زيادة ضريبة القيمة المضافة على خدمات الاتصالات، وكذلك مع زيادة رسم التنمية مؤخرا على خطوط المحمول الجديدة واشتراكات الشهرية.
أضف تعليقك