يونس جعادي
لا يختلف اثنان على أن ظاهرة التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني مستشرية جدا، وفي جميع المجالات سياسية كانت أو اقتصادية أو في غيرها مجالات مختلفة أخرى ومن بينها الرياضية منها عموما وفي كرة القدم خصوصا، حيث وإن كان التطبيع موجودا في السابق ولكنه ليس بهذا الزخم الذي نشاهده حاليا، حيث نجر جرا إلى الحديث عن ذلك من بوابة المقابلة الاستعراضية التي كانت ستجرى بين منتخبي الكيان الصهيوني ونجوم الأرجنتين يوم التاسع من شهر (يونيو/حزيران) الحالي على ملعب تيدي في القدس، في إطار استعدادات هذه الأخيرة لبطولة كأس العالم القادمة بروسيا، والتي تم إلغاءها رسميا البارحة بعد اعتذار الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم عن إجرائها لعدم رغبته في أي تداخل رياضي سياسي كان خصوصا وأن الكيان الصهيوني يعطيها بعدا سياسيا أكثر منه رياضي حيث عبر الطاقم الفني بقيادة المدرب سامباولي وقادة منتخب الارجنتين وعلى رأسهم ميسي وماسكيرانو عن عدم رضاهم عن إجراء هذه المقابلة.
هذا من جهة ومن جهة أخرى يعد موضوعنا أشمل من هذا اللقاء الودي حيث يتمحور الموضوع حول استدعاء مدرب المنتخب الصهيوني لبعض اللاعبين العرب ومن حمله من آخرين سابقا وحاليا لقمصان بعض الأندية الإسرائيلية وقد تلقى سبعة لاعبين عرب دعوة من مدرب الكيان الصهيوني للمشاركة وتمثيل ألوان المنتخب في مقابلة الأرجنتين الملغية، ويتعلق الأمر بكل من حارس مرمى اتحاد بني سخنين محمود قنديل إلى جانب كل من لؤي طه من هبوئيل بئر السبع، عايد حبشي من بني يهودا، طالب طواطحة من نادي فرانكفورت الألماني، بيرم كيال المحترف بنادي برايتون الإنجليزي والمهاجمين مؤنس دبور وضياء السبع حيث كان هؤلاء سيمثلون منتخب الكيان الصهيوني رفقة عديد اللاعبين الإسرائيليين الأصليين في مواجهة رفقاء ميسي على أراضي القدس الشريف والتي كان من المتوقع أن تشهد حضورا قياسيا جدا للجماهير رغبة في تشجيع منتخبها ورغبة أيضا في مشاهدة رفقاء ميسي.
وجود لاعبين عرب يمثلون أندية الكيان الصهيوني عموما، والمنتخب خصوصا ليست وليدة اللحظة فهي ظاهرة تاريخية لها جذور قديمة فقد مثل عديد اللاعبين سابقا أندية كثيرة بل وكانوا قادتها وصناعا لإنجازاتها التاريخية، وسنذكر على سبيل المثال بعض الأسماء ممن باعت وطنها وشرفها من أجل المجد من جهة والمال من جهة أخرى أو لدوافع أخرى مختلفة، وخانت قضيتها الأم التي لازال الكثير من بني جلدتهم يضحي بالغالي والنفيس من أجلها، حيث مثلوا عديد الأندية الصهيونية وكان أبرزها قطبي مدينة حيفا أبويل ومكابي وأيضا مكابي تل أبيب والنادي العربي اتحاد بني سخنين الذين مُثلوا بأكبر عدد ممكن من اللاعبين العرب في الفريق ومن بين أبرز اللاعبين الذين لعبوا في الفرق الإسرائيلية نجد زاهي أرملي الذي لعب لثماني سنوات كاملة من 1982 إلى 1990، محمد غدير، طالب طواطحة، شادي شعبان، رشيد عدوي، حسام عموري، عاهد عزام، إبراهيم حجازي، أدهم عثمان والذين مثلوا أيضا منتخب شباب إسرائيل تحت 17 سنة، ومؤنس دبور كما يوجد لاعبون لعبوا لأندية أخرى كمراد أبو عنزة بفريق أشدود وأحمد السبع بناديي مجد الكروم ومكابي نتانيا.
ويعد اللاعبون التالية أسماءهم أبرز الأسماء التي أحدثت ضجة داخل فلسطين بعد انتقالهم للعب لأحد أندية الكيان وعلى رأسها عباس صوان الذي هدد بالقتل بعد انتقاله، وسليم طعمة ونجوان جريف الذين انتقلا إلى أوروبا أيضا مع لاريسا اليوناني واستون فيلا الإنجليزي تواليا، كما نجد أيضا بيرم كيال الذي كان أحد أفضل اللاعبين الشباب في بداية الألفية الجديدة، أما أفضل اللاعبين المتوجين فنجد وليد بدير الذي توج بعشر القاب كاملة نصفها بطولة وآخر للكاس في إسرائيل ومثل منتخب الكيان الصهيوني في عشرات المقابلات سجل فيها عديد الأهداف، في حين نجد اللاعب رفعت ترك استثناء فقد لعب ثم توجه للتعليق في قنوات إسرائيلية ثم توجه لتدريب الأندية هناك أيضا، ويبقى هدف عباس صوان ضد إيرلندا هو من جلب له الأضواء وسلط عليه وسائل الإعلام التي اكتشف أصوله العربية.
بخلاف ما ذكرنا من لاعبين يعتبر أيضا اتحاد أبناء سخنين ناديا عربيا مشاركا في الدوري الإسرائيلي لكرة القدم ويتواجد به البعض ممن ذكرنا من لاعبين سابقا، ولكن القضية لا تعتبر محصورة في تطبيع بعض اللاعبين الفلسطينيين مع الكيان الصهيوني فقط، أو في هذا النادي العربي الذي يصنع الاستثناء بتواجده ضمن أندية الدوري الصهيوني فقط، بل الأمر تعداه لتواجد بعض اللاعبين المصريين سابقا في فرق إسرائيلية بعد حصولهم على جنسية هذا الكيان الغاصب من أمثال حسن توفيق الذي لعب لنادي إيلات وجرجس فوزي وميخائيل يونان وصفوت حليم بفريق بني سخنين، حيث دائما ما تسعى الأندية الصهيونية لضم اللاعبين المصريين وتقدم لهم عروض مغرية جدا وتستغل مشاكلهم المادية مع الأندية أو تستغل مشاكل الدوري المصري وتوقفه لإنقاذ كثير اللاعبين من البطالة حسبهم، ومنحهم مبالغ ضخمة جدا للتوقيع واللعب بقمصانهم ومنح الجنسية وتسهيل أمور الإقامة، الحماية والتنقل ومنح ضمانات لتسهيل انتقالهم إلى أوروبا للاحتراف أيضا.
هذا من جهة ومن جهة أخرى يعتبر دوري الكيان الصهيوني أحد الدوريات التي تشارك الأندية بها في البطولات الاوروبية للأندية وهو ما يحتم لقاءها بأندية يلعب لها بعض اللاعبين العرب، وهو ما حدث سابقا في عديد المناسبات حيث تثبت من خلالها اللاعبون العرب وفاءهم للقضية الفلسطينية وعدم دخول الاراضي المحتلة وعدم الاعتراف بهذا الكيان الغاصب، ومن أبرز هذه الامثلة رفض اللاعب المغربي مروان الشماخ السفر مع نادي بوردو سنة 2009 للقاء مكابي حيفا وتحجج بالإصابة لتفادي ذلك وهو ما قام به مواطنه أيضا المحترف بدينامو كييف الأوكراني في دوري مجموعات دوري الأبطال حين رفض مواجهة مكابي تل أبيب، في حين كان للجزائريين كريم مطمور، ياسين براهيمي والمصريين عمرو زكي وحسين حسن والسعودي حسين عبد الغني نفس الموقف ورفضوا السفر والاعتراف بالكيان الصهيوني..
وغيرها أمثلة سابقة وحالية كثيرة ومتعددة تثبت مواقف مشرفة وتاريخية للاعبين عرب رفضوا بيع القضية بثمن بخس، في حين تبقى مشاركة بعض اللاعبين العرب المجنسين في منتخبات أوروبية عدة واجبة ومرغمين على المشاركة مع منتخبات بلدانهم في التصفيات الأوروبية المؤهلة لكاس أمم أوروبا وكأس العالم ضد منتخب الكيان الصهيوني لما لذلك من عقوبات يتفادى البعض الوقوع فيها بالمشاركة بقمصان المنتخبات المجنسين بها.
أضف تعليقك