وأخيرًا وبعد عام من الجدل والاشتباكات التي صاحبت محاولة إخلاء أهالى جزيرة الوراق، أصدررئيس وزراء الانقلاب قرارًا، نشرته الجريدة الرسمية، بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أراضي جزيرة الوراق، يتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
وألزم القرار جميع الجهات الحكومية ذات الولاية على بعض الأراضي بتسليم هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة المستندات الموجودة بحوزتها والمتعلقة بتلك الأراضي بما فيها المثبتة لأي تعاملات تمت على أجزاء منها أيا كان غرضها سواء كان التعامل لجمعيات أو أفراد أو شركات، وذلك خلال شهر على الأكثر من تاريخ صدور ذلك القرار.
وأوضحت الخريطة المرفقة بالقرار أن التخصيص يشمل كل أراضي الجزيرة، مما يجعلها بأكملها تحت ولاية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
وأصل الحكاية يعود إلى يونيو 2017حيث أشار قائد الانقلاب في إحد خطاباته، إلى جزيرة الوراق، -على طريقة فوازير عمو فؤاد رايح يصطاد- قائلًا: جزيرة موجودة في وسط النيل، مساحتها أكتر من 1250 فدان- مش هذكر اسمها- وابتدت العشوائيات تبقى جواها والناس تبني وضع يد، لو فيه 50 ألف بيت هيصرفوا فين؟ في النيل اللي إحنا بنشرب فيه؟الجزر الموجودة دي تاخد أولوية في التعامل معاها.وجاء تعليق قائد الانقلاب في إطار الحديث عن ضرورة استرداد الدولة لأراضيها التي شهدت تعديات عليها بالبناء.
وبعد شهر من هذا التصريح المشؤوم، قامت شرطة الانقلاب مع مسؤولين من وزارات الأوقاف والري والزراعة بداهمة الجزيرة، لتنفيذ 700 قرار إزالة لتعديات على أراضي الدولة، ووعلى الفورنشبت اشتباكات بين قوات أمن الانقلاب وأهالي الجزيرة الذين اعترضوا على أعمال الإزالة، وأسفرت الاشتباكات يومها عن مقتل مواطن من سكان الجزيرة وإصابة تسعة عشر آخرين بحسب، في حين أُصيب أكثر من سبعة وثلاثين من أفراد شرطة الانقلاب، وألقت الشرطة القبض على العشرات من أهالي الجزيرة.
وبعد ذلك تم إرسال اللواء كامل الوزيري، رئيس الهيئة الهندسية لعسكر كامب ديفيد، للإجتماع بالأهالي أكثر من مرة لتهدئتهم والحديث معهم عن مشروع الحكومة لتطوير الجزيرة. وقال اللواء كامل الوزيرى في إحدى لقاءاته مع أهالى الجزيرة: إن القوات المسلحة هي المسؤولة عن مشروع تطوير الجزيرة لـصالح أهلها!!
لكن السؤال من هم أهلها ؟وقال الوزيرى :وسيتمّ الحفاظ على الكتلة السكنية داخل الجزيرة كما هي، مع إزالة بعض المنازل المتناثرة على أطرافها، وتعويضهم بمساكن بديلة داخل الكتلة السكنية، وذلك بغرض تجميع السكان في منطقة واحدة لتطويرها، وقد أوضح أن الهيئة الهندسية ستكون مسؤولة عن شَقَّ طرق جديدة بالجزيرة وتطوير البنية التحتية وإنشاء مدارس جديدة، لكنه لمح إلى وجود إمكانية لطرح جزء من أراضى الجزيرة لمشاريع استثمارية!!
وهذا هو بيت القصيد، بالرغم من أن صحيفة الشروق الموالية للانقلاب، نشرت ماوصفته بأنه مشروع منسوب لهيئة التنمية العمرانية يكشف تفاصيل تحويل جزيرة الوراق إلى منتزه سياحي ثقافي ترفيهي تجاري على ضفاف النيل، تحت اسم “جزيرة حورس”.!!
والطريف أنه عندما قامت شرطة الانقلاب بالاعتداء على أهالى الجزيرة، لمجرد أنهم اعترضوا على خطة النظام الانقلابى الرامية لإخلاء الجزيرة وطرد السكان وبيعها لمستثمرين أجانب، بالرغم من أهل الجزيرة يمتلكون المستندات التي تثبت ملكيتهم، وبحوزتهم أحكام قضائية صدرت بأحقيتهم في الجزيرة، لكن على مايبدو أن أحد المستثمرين الإمارتيين، الطامعين في الجزيرة، وهو المدعو “محمد بن خليفة” صهر محمد بن زايد وصاحب شركة إعمار هو الذي سال لعابه على جزيرة الوراق لإقامة منتجع سياحي عالمى، وقده وعده قائد الانقلاب بالموافقة وتسليمها له، بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية، وهاهو يفى بوعده !!
وقد كان تعليق رئيس وزراء الانقلاب على أحداث الوراق الدامية: يجب على الدولة استعادة سلطتها على أراضيها !!
الدولة هي عسكر كامب ديفيد ومجموعة المرتزقة والمنتفعين التي تحيط بالعسكر!!
فيما كان تعليق وزارة أوقاف الانقلاب على الأحداث: إن رفع أي شخص السلاح في وجه رجال الأمن جريمة نكراء، فهيبة الدولة وحمايتها تقتضي منا جميعًا استنكار ورفض أي مقاومة مسلحة بأي نوع من السلاح تحت أي ذريعة.
وأكدت في بيان لها، بأن استعادة حق الدولة واجب شرعي ووطني، وأنه يجب الضرب بيد من حديد على يد كل معتد أو متطاول على المال العام وأراضي الدولة وأملاكها، لأنها ملك للشعب كله، وندعم وبقوة حملة الدولة في استرداد أملاكها، التي هي ملك لنا جميعًا، وبخاصة في ظل إتاحة الفرصة أمام الجادين في تقنين أوضاعهم.
ويجب أن ندعم وبقوة قواتنا المسلحة الباسلة وقوات الشرطة الباسلة سواء في معركتها ضد الإرهاب أو ضد البلطجة والاعتداء على المال العام، أو في مجال حفظ الأمن العام، وأن دورها كان حماية وتأمين الموظفين من جهات الولاية صاحبة الاختصاص في إزالة التعديات.
واليوم بعدما تكشفت الحقائق، ماذا يقول وزير أوقاف الانقلاب؟، قد نسمع له خطبة في القريب بعنوان: فضل انشاء المنتجعات السياحية في الإسلام؟!!
أضف تعليقك