باتت مشكلة غلاء الأسعار كابوس يؤرق المصريين، منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي عام 2013، وفي كل مرة تعهد فيها قائد الانقلاب بتخفيض الأسعار، كان ما يحدث على الأرض مخالفًا تماما، حيث تشهد البلاد موجة من الغلاء تزيد من معاناة الفقراء ومحدودي الدخل الذين يتوجه لهم السفيه السيسي دائما بوعود معسولة لا ينفذ منها شيئًا، وليس أدلّ على ذلك من زيادة تذكرة مترو الأنفاق إلى 7 جنيهات.
وشهدت مصر منذ استيلاء قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، نحو 14 زيادة مباشرة في أسعار الوقود والكهرباء والسجائر وتذاكر مترو الأنفاق والقطارات، بخلاف 8 قرارات تسببت في إشعال أسعار مختلف السلع والخدمات، ما يشير إلى أن قرارات زيادة الأسعار بصورة مباشرة أو غير مباشرة كانت تصدر بمعدل قرار كل نحو شهرين.
تذاكر المترو
استفز وزير النقل بكومة الانقلاب هشام عرفات المصريين، حين قال تعليقا على قرار ارتفاع تذاكر المترو الذي تم تطبيقه بدءًا من 11 مايو الجاري، إن هذه القرارات كانت ستنفذ منذ فترة ولكن تم تأجيلها، مؤكدًا أن ضميره "مبسوط ومستريح" بعد هذا القرار، تماما كما قال زميله في الكهرباء إنه ليس من بد في رفع أسعار الكهرباء فـ"البحر من أمامنا والعدو من خلفنا"!.
وادعت وزارة النقل بحكومة الانقلاب في بيان أصدرته بمناسبة الرفع: "يوجد عجز في مصاريف الصيانة والعمرات والتجديدات للعامين الماليين 2016- 2017 و 2017- 2018، يبلغ 94 بالمئة، وهناك خسائر متراكمة على المترو تقدر بـ618.6 مليون جنيه".
وادعى المهندس على فضالى، رئيس شركة المترو، من خلال الصحف المؤيدة للانقلاب أن زيادة تذكرة المترو لن تتم خلال العام الجاري، أن "خسائر المرفق وديونه المتراكمة بسبب الفرق بين قيمة التذكرة وتكلفتها الفعلية، مشيرًا إلى أن المرفق كان معرضًا للتوقف لو كان استمر التأجيل".
وزعم "أن الإيرادات التى ستحقق من الزيادات فى سعر التذكرة ستساعد فى توفير المطلوب لشراء 32 قطارًا للخط الأول بجانب الـ20 قطارًا التى تم شراؤها وتوريدها ودخولها الخدمة الفترة الماضية، مستطردًا: “الزيادات ستساعدنا فى عمل صيانة وشراء قطارات مكيفة جديدة..".
غير أنه كشف أن أحلام التحسن مجرد سراب فقال: "عشان أكون صريحا لازم الناس تعرف أن التحسين الملحوظ سيستغرق فى حدود عام ونصف.. لأن إجراءات الطرح والترسية والتعاقد لشراء قطع غيار للصيانة يستغرق فترة لا تقل عن 6 شهور.. كما أن فترة التوريد لقطع الغيار من 10 إلى 12 شهرا".
التمهيد لرفع البنزين
في تمهيد لرفع أسعار المحروقات تم تسريب خبر رفع الأسعار لصحف الانقلاب، ثم خرج مسؤولو السيسي لينفوا الخبر وهي سياسة يتبعها العسكر تسمى "جس النبض".
وتداول ناشطون عبر "فيس بوك"، أمس الثلاثاء، الأسعار الجديدة للمواد البترولية التى سيتم رفعها خلال الأيام القادمة بنسب تجاوزت 150%.
وجاءت الأسعار كما يلي:
بنزين 80 .. خمسة جنيهات للتر الواحد
بنزين 92.. سبعة جنيهات للتر الواحد
أسطوانات الغاز.. 50 جنيهًا للأسطوانة الواحدة.
من جانبه، وفى محاولة لإخفاء ارتفاع الأسعار، نفى المهندس حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول، الأخبار المتداولة حول ارتفاع أسعار الوقود، مؤكدًا "فوجئنا بهذه الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي".
وأوضح متحدث البترول، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "8 الصبح" أمس الثلاثاء على فضائية العسكر "دي إم سي"، أنه بالفعل لدى حكومة الانقلاب برنامج بدأ من 2014 لترشيد دعم الوقود، وتقريب أسعاره من التكلفة الحقيقية له وليس التكلفة العالمية، مشيرًا إلى أنه لم يتم تحديد توقيت حول هذه الزيادة، مدعيًا أنه في حين إقرار الزيادة من قبل مجلس الوزراء سيتم الإعلان عنها بكل شفافية.
وأكد المهندس هاني فاروق إسماعيل، خبير البترول الدولي، أن ارتفاعات أسعار المحروقات الوشيكة تعود إلى شريحة قرض صندوق النقد الدولي، الذي يحتّم على مصر رفع ما تبقى من الدعم الجزئي للمحروقات.
ولفت إسماعيل- في تصريحات صحفية- إلى أن الارتفاع بات وشيكًا بل ربما خلال ساعات قليلة، متأثرًا بحالة التوتر الجيوسياسي الذي يشهده المجتمع الدولي على إثر فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، فضلاً عن تخفيض فنزويلا لحصتها في أوبك، ما أدى بسعر النفط إلى أن يحلق منفردًا فوق 80 دولارًا سعر برميل خام برنت.
رغيف العيش
تشهد منظومة "دعم رغيف الخبز" صراع كبير خلال المرحلة الحالية، حيث تسعى سلطات الانقلاب لتقليل المستفيدين من المنظومة، بالرغم من أنها نفت أكثر من مرة، في العديد من المناسبات، إلًا أنها مازلت تبحث بقوة لتقليل الحصة ورفع سعر"رغيف العيش"، وتقليل أعداد المستفيدين من المنظومة، والتي يبلغ عددهم نحو٨١ مليون مواطن، وفقا لتصريحات وزير التموين في حكومة الانقلاب.
وأثار أحد أعضاء برلمان الدم قضية رفع الدعم عن الخبز في يونيو الماضي، متقدما ببيان موجه إلى وزير التموين في حكومة الانقلاب يطالبه برفع الدعم عن رغيف الخبز، بحجة أن الدولة تهدر عليه مليارات سنويا، قائلًا «ليس من المعقول أن نهدر كل هذه الأموال في دعم رغيف الخبز؛ لأن تجار الدقيق والمخابز يسرقون الدعم الخاص بالخبز ويباع مرة أخرى بالسعر العادي، ولا يجب أن تسكت الدولة على هذا الأمر، بل يجب أن تسرع في تحويل الدعم ليكون نقديا».
وفي اتجاه يشير إلى إدمان السفيه السيسي قائد الانقلاب العسكري للمقامرة، حيث بدأ الالتفاف حول "رغيف العيش" الذي جاء عليه الدور في موجة الغلاء فرغيف الخبز الذي يطلق عليه المصريون "العيش" لأنه بمثابة حياتهم إذ ارتفعت أسعار الخبز إلى 75 قرشا تقريبًا للرغيف الواحد، وسط تلميحات من وزارة التموين في حكومة الانقلاب بضرورة رفع سعر الخبز المدعم الذي يباع بـ5 قروش منذ عام 1988.
ولا يزال الخبز هو العنصر الأساسي في غذاء المصريين، ويعد الخبز البلدي من أهم السلع التي تدعمها مصر منذ عشرات السنين، وقد حافظت الدولة على استقرار سعر الخبز البلدي المدعم حتى يونيو 1980 عند سعر نصف قرش للرغيف، ليرتفع بعد ذلك إلى قرش واستقر عند هذا السعر حتى سبتمبر 1984، ليرتفع مرة أخرى إلى قرشين واستقر سعره حتى عام 1988، إلى أن ارتفع إلى 5 قروش وظل سعره ثابتًا حتى الآن.
أضف تعليقك