بقلم: وائل قنديل
"قمة الظهران لن تخرج إلاّ بقرار تاريخي.. السلام مع إسرائيل ومواجهة مشروع إيران الطائفي؛ لأن النتيجة من يرفض السلام يخدم إيران، وعليه أن يتحمّل تبعات قراره".
هذه العبارات الواضحة الفاضحة لم ترد على لسان أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني، ولم تأت ضمن تصريحات لوزير الحرب الصهيوني، أفيجدور ليبرمان، ولم تكن جزءًا من مقال لمعلق صهيوني قح، في كبريات الصحف المعبرة عن صقور الاحتلال.
هذه العبارات المكتوبة بالحبر العبري، واللغة العربية، استقبلت بها الرياض ضيوفها المدعوين لما عرفت تاريخياً باسم "القمة العربية" التي انعقدت أمس في المنطقة الشرقية السعودية.
تفتتح "الرياض"، الصحيفة الأكثر تعبيراً عن المملكة السعودية، أعمال القمة بمقال بعنوان "قمة الظهران: سلام مع إسرائيل ومواجهة مع إيران" لكاتب أكاديمي، كان نائباً لرئيس التحرير فيها، يقول فيه "اليوم لا خيار أمام العرب سوى المصالحة مع إسرائيل، وتوقيع اتفاقية سلام شاملة، والتفرغ لمواجهة المشروع الإيراني في المنطقة، وبرنامجها النووي، ووضع حد لتدخلاتها في الشؤون العربية، وهو خيار لا يقبل أي تبرير أو تأخير، أو حتى مساومات ومزايدات على القضية الفلسطينية؛ لأن إيران تشكّل تهديداً مباشراً على الكل".
قبل أن يردّوا عليك بأنها شطحة من كاتب، ووجهة نظر شخصية لا تمثل إلا كاتبها، تذكّر أن عشراتٍ من الصحفيين والمدونين والدعاة والمغرّدين ذهبوا وراء الشمس وصودروا وحوصروا وشردوا في المنافي، عقاباً على آراء عبروا عنها على مواقع التواصل الاجتماعي، وليست في صحفٍ رسمية ناطقة باسم الحكومة.
تذكر أيضاً أن "الرياض" هي الصحيفة التي صفق لها المتحدث باسم جيش المحتل الصهيوني، أفيخاي أدرعي، في أغسطس الماضي، لما كتب تغريدته الشهيرة "وشهد شاهد من أهل صفه.. الرياض تنطق بالحق وتسمي الأمور بأسمائها.. اللهم أبلغ أني شهدت #حماس_إرهابية ".
لكنهم أغلب الظن لن يهتموا بالرد عليك، ولن يجدوا بأساً فيما أتى به الكاتب، ذلك أنه لم يفعل شيئاً أكثر من تسييل الخطاب الدبلوماسي الرسمي في مقال بصحيفة، ولم يذهب أبعد مما قطعه وزير الخارجية، أو ولي العهد السعودي، في هذا المضمار، حيث تتلخص عقيدته السياسية في نقطتين: الأولى لإسرائيل الحق في الأرض وللعرب فرص تعاون أمني واقتصادي معها، والثانية إن إيران وحماس والربيع العربي هم الأعداء ومحور الشر في العالم.
تلك هي مرتكزات ما يسمّى محور "عرب اعتدال"، وهو المحور الذي تم الإعلان عنه رسمياً، في مثل هذه الأيام من العام الماضي، حين قصّ العاهل السعودي والرئيس الأميركي، وتوابعهما، شريط الافتتاح، في حفل صاخب في العاصمة السعودية الرياض، لمعت فيه ابتسامات أصحاب المشروع، وهم يتحلقون حول البلورة السحرية، بينما كانت أعين الحضور تفيض من الدهشة والانبهار وهم يتابعون خطوات الأميرة إيفانكا تتحرّك برشاقة داخل القصور السعودية، قبل أن تطير وعائلتها، مباشرة، إلى حائط مبكى الصهاينة، لتتفجر بعد ذلك ينابيع الهرولة العربية الاعتدالية صوب الكيان الصهيوني.
دعني أكرّر عليك أن "اعتدال" دراما واقعية، من تأليف بنيامين نتنياهو، وضع خطوطها في الرابع من أغسطس 2014، حين زف إلى العالم بشرى خروج تشكل "حلف إقليمي جديد"، يجمع إسرائيل ودولاً عربية باتت تُعرف بأنها "معسكر الاعتدال".
وبناءً على ما سبق، لن يكون مستغرباً أن يعقدوا ما يطلقون عليها "القمة" قادم السنوات في قاع تل أبيب، ولم لا وقد بات بعضهم يعتبرها الشقيقة الكبرى!
أضف تعليقك