عادت جماهير مشجعي كرة القدم "الأُولتراس" من جديد، لهتافاتها التي كانت أحد دعائم ثورة يناير العظيمة، لينادوا ويطالبوا بالحرية في ظل حكم المستبد المنقلب عبد الفتاح السيسي.
ومن قلب استاد القاهرة غنى جمهور نادي الأهلي المصري مجددًا "قولناها زمان للمستبد الحرية جاية لا بد"، وذلك على هامش مباراة الأهلي ومونانا الجابوني ضمن منافسات دور الـ32 التي انتهت بفوز الأهلي برباعية نظيفة.
واعتقل أمن الانقلاب مشجعًا أشعل شمروخًا فنشبت المناوشات بين جماهير النادي الأهلي الموجودة في المدرج العلوي وأفراد أمن الانقلاب.
وزعمت صحف انقلابية موالية لأمن الانقلاب أن المشادات بدأت بعدما وجد جمهور الأهلي في غير الأماكن المخصصة لهم بمدرجات الصحفيين، وعندما منعتهم قوات الأمن تحول الأمر لاشتباكات بين الطرفين، انتهت بالقبض على عدد من المشجعين، فكان الرد الهتاف ومزيد من الشماريخ، حتي تم الإفراج عنهم، لتهدأ حدة ثورة الجمهور.
ورصد متابعون من قلب المباراة ومنهم الحقوقي طارق حسين هتافات جماهير النادي الأهلي معلقًا "رغم كل القمع ورغم السجن والتعذيب والقمع وحبس أي حد بيتكلم وسجن الجمهور، جمهور الأهلي هتف في استاد القاهرة قولناها زمان للمستبد الحرية جاية لا بد libertà كانت مكتوبة".
ومن تلك الهتافات "يا حكومة بكرة حتعرفى بإيدين الشعب حتنضفي والآيه الليلة مقلوبة.. يا نظام غبى افهم بقى مطلبي.. حرية حرية حرية حرية".
اعتقالات
وعقب المباراة بدأت سلسلة من الاعتقالات التعسفية ضد شباب الألتراس، وقالت صفحة الألتراس في تدوينة على صفحتها بموقع "فيسبوك" : " من فجر اليوم ويتم القبض على أفراد من المجموعة من بيوتهم ومن أماكن عملهم لأنهم فقط معروفين وأسمائهم معروفة لاغير .
وأضافت :"كنا قد نوهنا بالأمس ان ما حدث بالمدرج العلوي ليس لجمهور الاهلي دخل به وهو ما ظهر للجميع وبالتأكيد مسجل ما حدث بكاميرات الاستاد .الجمهور إلتزم بتشجيع ناديه ولاعبيه ولا يوجد اي سبب او مبرر لما يحدث .
والشباب الذين تم القبض عليهم لا نعرف مكانهم حتى الان".
دورهم في ثورة يناير
أعادت هتافات الألتراس التي انطلقت باستاد القاهرة مساء أمس، إلى الأذهان الدور الكبير الذي قامت به جماعات الالتراس في ثورة يناير عام 2011.
فقد لعبت مجموعات الألتراس دورا مهما في ثورة يناير، وشاركت في حشد الناس للخروج إلى الشوارع والتظاهر ضد نظام المخلوع حسني مبارك، واعتصموا داخل ميدان التحرير وساهموا في حماية الثوار أثناء مواجهة البلطجية لخبرتهم في الكرّ والفرّ مع قوات الأمن المركزي في عهد النظام السابق.
وبعد نجاح الثورة ظهر الألتراس في الساحة السياسية على فترات متقطعة سواء خلال الفترة الانتقالية التي أدارها المجلس العسكري واستمرت لعام ونصف عام أو خلال حكم الرئيس محمد مرسي الذي لم يستمر إلا عاما واحدا حيث انقلب عليه وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي.
وأصبحت جدران الشوارع مكانا لتعبير أعضاء الألتراس عن غضبهم واحتجاجهم، فقاموا بتدوين العشرات من الجداريات التي تميزها الزخارف الملونة والرسومات والشعارات الثورية والسياسية، مطالَبة بسقوط الحكم العسكري وتخليدا لذكرى الشهداء الذين سقطوا في الثورة وأحداث مجزرة بورسعيد.
بداية الألتراس
بدأ ظهور الألتراس فعليًّا عام 2007، وثمّة اختلاف فيما إذا كان ألتراس النادي الأهلي قد سبق أم ألتراس الزمالك (وايت نايتس)، قبل أن تنتشر الظاهرة مع كافة مُشجعي الأندية المصرية الأُخرى، مثل الإسماعيلي (يلو دراجونز)، وغزل المحلة (ألتراس ويلز)، والنادي المصري البورسعيدي (ألتارس جرين إيجلز)، الذي وصفهم تقرير لصحيفة الأخبار اللبنانية بأنهم «الأكثر عُنفًا في لغة الخطاب، وطريقة تعاملهم مع مُشجعي الفرق الأُخرى»، ليصل بهذا العدد التقريبي لأعضاء هذه المجموعات لأكثر من 200 ألف شخص، كانوا كفيلين للنظر إليهم على اعتبارهم قوةً مُؤثرةً في الشارع المصري، بعد ثورة 25 يناير 2011.
شباب ضد الظلم
في الوقت الذي كان يُنظر فيه إلى كرة القدم في مصر على أنّها ملهاة الشعب عمّا يدور في كواليس الحكم، والسياسة، بخاصة خلال الفترة الأخيرة من عهد المخلوع محمد حُسني مُبارك، ورغم أن مجموعات الألتراس كانت مُشاركةً بطبيعة الحال في تلك الملهاة، إلا أنّ حركة خفية وراء الستار لم تلق اهتمامًا من الإعلام، كانت لاحقًا في القلب من الثورة المصرية عام 2011؛ إذ إن كل مُباراة كرة قدم، بخاصة لفريقي الأهلي والزمالك، كانت بمثابة سبب آخر لمزيد من الغضب لدى مجموعات المشجعين تلك، ومن ثمّ دافعٌ آخر لمواجهات عنيفة قادها أفراد الألتراس أثناء، وعقب ثورة يناير.
في تقرير لوكالة مونت كارلوا الدولية من قلب القاهرة، يصف الألتراس بأنّهم مجموعة من الشباب لا علاقة لهم بالسياسة «لكن في مصر هم أكثر من ذلك»، والسبب يعود إلى الشرطة، التي اعتبرتهم مجموعة منظمة من المخرّبين، ومن هنا بدأت الحكاية مع رفع ألتراس فريق الإسماعيلي (ييلو دراجونز) في إحدى المباريات، لافتةً كُتب عليها «الثورة مبادئنا»، وحتى تصنيف وكالة أنباء أسوشيتد برس، لمجموعات الألتراس في مصر كان أنها أكثر المجموعات تنظيمًا بعد جماعة الإخوان المسلمين، وذلك في 2013.
وتُمثّل روابط الألتراس في مصر مجموعات شبكية من الشباب الذين ينتمي كثير منهم للشرائح الدنيا من الطبقة المُتوسطة، يجمعهم في ظاهر الأمر الانتماء الجارف للنادي، ومن وراء الكواليس الغضب الجامح تجاه ما يُمكن تسميته بـ«النظام» الاجتماعي كما السياسي، وهو ما تعبر عنه أدبياتهم بشكل واضح، وفقًا لما يرصده المدون المصري محمد جمال بشير في كتابه «كتاب الألتراس»، إذ يرفض أعضاء الألتراس الظهور في وسائل الإعلام التي لا يُمكن تغافل التوتر الحاصل بينها وبينهم، كما أنهم ضد ما يُسمونه بـ«الكرة الحديثة»التي تتحكم فيها الرأسمالية ومصالحها، وأخيرًا ضد الشرطة بطبيعة الحال للصدام الدائم بينهما، باعتبارهما في النهاية تنظيمًا غير مفهوم! بحسبه.
أضف تعليقك