يعتبر ملف الاختفاء القسري من الملفات الخطيرة التي تهتم بها المنظمات الدولية غير الحكومية فضلا عن بعض الجهات الحكومية المصرية وبعض الناشطين في هذا الحقل المتابعين للشأن المصري، ورغم أن البعض يطلق على ذلك اختفاء قسريا إلا أن الأدق أن يٌسمى ذلك اختطافا حينما تقوم به أجهزة الأمن في إطار عمليات خطيرة تقوم من خلالها تسديد ملفات تحاول بشكل أو بآخر أن تقدم أي جناة في قضايا مزعومة للتأكيد على فاعلية جهاز الشرطة وما يسمونه من متابعات أمنية.
ويشهد هذا الملف بعدا شديد الخطورة حينما تقوم جهات عدة على رأسها الجهات الأمنية بنفي أفعال الاختطاف القسري التي تقوم بها الأجهزة، ورغم أن هناك أحداث فاضحة وفادحة إلا أن السلطة الغاشمة بكل أجهزتها تحاول أن تسدل ستار من التعتيم على مثل تلك القضايا ولولا أن جهات حقوقية وجهات دولية غير حكومية تثابر في هذا المقام ما كان هناك كشفا وفضحا لبعض هذه الحوادث الخطيرة التي توضح عملا ممنهجا من النظام، في أعمال الاختطاف يبدو ذلك مع بعض شخصيات تملك بعض الشهرة اكتشفت أن النظام لا يتوانى أن يجعل من الاختطاف لخصومه من أي مكان نهجا يرتكبه بغير أدنى مسؤولية أو محاسبة.
يبدو أن تلك القضية التي شغلت الرأي العام المصري في الآونة الأخيرة، خاصة بعد تقرير بثته الـ بى.بى.سى حول بعض هذه الحالات أراد النظام المصري أن يحاول تبرئة نفسه من هذه التهم التي تتعلق بالاختطاف القسري فها هو يدين نفسه وتنفضح أجهزته الأمنية خاصة حينما يرتكب الأخطاء تلو الأخطاء، فيختطف تلك الحالة في محاولة منه أن يملي عليها رسالة زائفة بما بث في إطار اختطاف واعتقال واغتصاب لهذه الحالة، ورغم أن تقارير عدة من منظمات دولية وحقوقية مٌلأت برصد كل أنواع الانتهاكات من قتل أو اختطاف أو اغتصاب وتعذيب، إلا أن هذه القضية وقف عندها النظام ظانا أنه يستطيع أن يقلب هذه القضية لمصلحته بتدبيج كافة الأجهزة الأخرى التي تسير في ركابه للقيام بعملية تزييف وتزوير كبرى في الأحداث والروايات وبشكل مفضوح، حيث يجرجر أحد المذيعين في الفضائيات ليجري حديثا في وزارة الداخلية وتحت التهديد لهذه المرأة ولمشهد زوجها في إملاء معلومات مغلوطة تؤكد فجر هذا النظام وأجهزته الأمنية في ظل فبركة صار النظام يقوم بها بشكل متكرر.
إذا أردنا فقط أن نذكر هؤلاء فلنذكرهم بقصة أخرى حول تحقيقات ريجيني الباحث الإيطالي، حول قتله تحت التعذيب فهؤلاء خمسة من الشباب اتهمتهم وزارة الداخلية وقامت بتصفيتهم في أحدا "المكروباصات" على هامش إحدى محاولات فبركة قضية رجيني وفبركة ضبط جوازه مع الضحايا في مشهد عبثي عجيب، كله فبركة وتمثيل إلا تصفية الخمسة شباب والذين لفقت لهم القضية وهم موتى وبعد تصفيتهم جميعا، نظن أن من يقتل حتى يغطي على جريمته في قتل هذا الباحث الإيطالي، يستطيع أن يتهدد ويتوعد ويرغي ويزبد ويفعل كل شيء من أجل التغطية على جريمته حتى صار الكذب والإفك سياسة ومنهجا، والافتراء والتلفيق طريقته المفضلة للهروب إلى الأمام وارتكاب جرائم وانتهاكات أخرى ربما تكون أخطر ولكنها تعبر في النهاية عن سياسة تعتمدها الداخلية بعد أن أعلن المنقلب أنه لن يحاسب أحدا من هؤلاء حتى لو عذبوا وقتلوا.
دعونا أيضا أن نتذكر عربة الترحيلات وفبركة التحقيقات والإثنين وثلاثون بتاع على حسب ما ذكر عباس كامل، فمن سيحاسب هؤلاء، هل هؤلاء الذين خنقوا داخل عربات الترحيلات بفعل متعمد مقصود فمن قتل من ضحايا ليسوا إلا "بتاع" أما الذي قتل وارتكب جريمته يقول هذا الفاجر أن أباه يبدو أنه من علية القوم يكلمه على ابنه وأنه يموت عليه قهرا على حد تعبيره، ها هو منطق السادة والعبيد، منطق العنصرية البغيض تقوم به المنظومة الانقلابية بلا حساب أو عقاب، كل شيء قابل للفبركة ليبرؤا القاتل ويقتل الضحايا ويفبركون الجرائم ويٌصفٌون خلق الله، فهذه النفوس مستباحة لا تساوي شيء وليس لها من ثمن أما هم وإن كان القتلة منهم، فهم أسياد فوق الحساب والعقاب.
بهذا المنطق تحدث التلفيقات وتكون الاعتقالات يفلت المجرم وينتهك كل ذي حق بصدد الضحايا ثم يأتي الإعلامي "الثعبان الأقرع" ليمرر تلك الفبركة في مهمة أمنية وبدوره الأملس الخبيث يقوم فيها بكل نطاعة وبجاحة، وبعد أن أكد أنه في بيت الضحية فإذا به بعد ذلك يخرج ويقول أنه في بيت الداخلية، هل عند أحد ذرة شك فيما يقومون به من جرائم وما يقومون به من تلفيقات، وهنا فلتستدع مجالس حقوق الإنسان التي قالت من قبل ونفت أن تكون هناك اختطافات قسرية وتخرج وزارة الداخلية وتطلق الاتهامات ويأتي كبير هيئة الاستعلامات الكائن العسكري في خدمة العسكر ليتحدث عن مهنية الـ بي.بي.سي وعن كذب ارتكبته واعتذار يطلبه، وما جربنا على هؤلاء من الأجهزة الأمنية سوى الكذب والافتراء وارتكاب أحط الأفعال دون اختفاء قسري وتصفية جسدية وتعذيب حتى الموت ثم تحدث التلفيقات.
مجموعة بلطجية اعتدت على "المستشار جنينة" وتلفيقات تحدث كل مرة بها ضباط الداخلية أو أمناء الشرطة من تجاوز وقتل مواطنين بالاعتداء عليهم وتعذيبهم حتى الموت وبعد ذلك يأتي فصل التلفيقات ويخرج هؤلاء بمحاكمات هزلية وبعد ذلك يدعى هؤلاء بالمهنية والمصداقية، يلفهم والتلفيق لهم والشعب ضحايا من قتل واعتقال وتعذيب وتصفية واختفاء واغتصاب. فإذا خرج أحد بعد ذلك ليتحدث عن السلطة المفبركة طاردوهم وطالوهم بالاعتقال، ها هي الأم قد اعتقلت بعد روايتها المخالفة في أجهزة إعلام أخرى، من خرج على النص فليس له إلا الاعتقال وربما ليس له إلا الموت، إنهم يحاولون أن يدفنوا الصدق أو يدفنوا تلك الرواية الفاضحة لهذه المنظومة الباطشة التي لا تحسن إلا فعل القتل أو الاغتصاب. سلطة الاستبداد توزع الكلام وتوزع الخوف والبطش، كما تبطش بكل من يخرج على نصها.
نعم "حاكموه لا يحكم"؛ فهو الذي اغتصب السلطة وقطع الطريق بإجرامه وسلاحه على مسار ديموقراطي، وهو المجرم الغادر الذي اختطف الرئيس المدني المنتخب وأخفاه في محبسه فترة من الزمن ولفق له من القضايا هو وغيره لا تنطلي على أحد إلا باعتبارها محاكمات انتقائية انتقامية، فإذا فعل كبيرهم هذا فهل لا يفعل زبانيته الصغار من جرائم الاغتصاب والاختطاف والتلفيق، حاكموه لأنه زوّر بعض الوثائق حتى يتنازل عن تيران وصنافير ويفرط فيها، إن هذه المرأة التي اختطفت قسريا ثم اغتصبت ليست إلا رمزا لمصر المحبوسة المغتصبة المختطفة التي اختطفت من السيسي وعصابته وصار هذا ببلطجته يتربع على كرسي السلطة يساعده مجرمين صغار يقومون باستباحة النفوس والأعراض، بعد ذلك يتقدم هذا الرجل المشهد لدورة رئاسية ثانية ويقدم نفسه ليحكم مصر أربع سنوات تالية، أيها الناس تأتي المشاهد والأحداث لتؤكد أن هذا الغادر المغتصب، ومن سانده ليؤمن كرسيه، من الواجب أن "يحاكم لا يحكم".
أضف تعليقك