• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانيتين

بقلم: أكرم نصر الدين

شئنا أم أبينا صنعت ٢٥ يناير في مصر شعب جديد .

لم يعد القطاع الأكبر من المصريين هو ذلك الرجل أو المرأة الذي يجلس على كنبته أمام التليفزيون يستمع إلى الإعلام الرسمي ويهز رأسه ويهتف لحاكمه نفديك بالروح والدم كما فعل مع السابقين . وإنما أصبح هؤلاء أقلية محدودة وباقي الناس من غير العواجيز قد كفر بهؤلاء الحكام وهؤلاء الإعلاميين وإن سمعهم ليس حبا فيهم وإنما للضحك والسخرية .

وعليه فإنه قد يأتي حاكم على دبابته غصبا لكن لا يطمع أبدا في استقرار كما حدث مع حسنى مبارك . ولا يظن أحد أن استماع الناس إلى إعلام لميس وزوج لميس وأشباه لميس سيغير من الوضع شيئا . فهم يسمعون لهم استماع الكارهين والمحتقرين ومن يعلمون أنهم كاذبين .

ولأن هذا القطاع من الشعب صاحب السن الكبير آخذ في الانقراض والانتهاء بأفكاره لصالح أجيال الشباب .

فإنني أتوقع بإذن الله ثورة هائلة تبدو نذرها في عدم رضا أحد مطلقا الآن لا معارض ولا مؤيد ولا إسلامي ولا غير إسلامي ولا حتى من فوضوهم يوما . الجميع ناقم كما لم يحدث والجميع تجرأ على الكلام . ولم يعد الحاكم هو نصف الإله الذي يخشى الناس أن ينطقوا اسمه فضلا عن أن يشتموه بأقذع الشتائم والألفاظ .

نعم ما أراه الآن هو ثورة وإن لم تكن موجودة في ميدان التحرير ولا ميدان رابعة العدوية كما حدث من قبل ولكنها موجودة وبقوة فى كل قلب وعقل وفى كل بيت و شارع وكل سيارة ووسيلة نقل عام . تظهر على الألسنة وعلى الصفحات وجهارا نهارا كما لم يكن موجودا أيام مبارك ولا غير مبارك .

الثورة الحقيقية التي تضم غالب المصريين الذين يحترقون الآن بلهيب الأسعار وفقد الأحباب من المواطنين وعساكر الجيش والذين ظهر لهم الفشل والعمالة والفساد وبيع البلد .

الثورة الحقيقية التي ليس فيها إبراهيم عيسى ونوارة نجم ومصطفى بكرى ومحمد أبو حامد . وإنما فيها الثوار الحقيقيون من عموم الناس وفقرائهم ومحتاجيهم ونخبتهم الشريفة .

ثورة لا تقودها أحزاب كرتونية وحركات وهمية مؤقتة ولا يتصدى الناس للخارجين فيها أو يلومونهم وإنما يخرج فيها الصغير والكبير أكثر مما حدث فى يناير عشرات المرات .

ثورة لا تبدأ بموعد وتنتهي بموعد وإنما تبدأ دون موعد بمجرد قشة أخيرة تقصم ظهر البعير وجفاف الأوضاع حتى تستجيب لعود ثقاب واحد يشعلها .

تبدأ ولا تنتهي إلا ينتهي كل الفساد وكل الفاشلين وكل القتلة وكل الدولة العميقة هذه المرة .

ثورة لا تنتهي بكنس الورق وأكياس الزبالة من زبالة الناس وإنما تنتهي بكنس مصر كلها ومؤسساتها وهيئاتها من كل الناس الزبالة .

ثورة لا تقوم في ذكرى ثورة وإنما ثورة تكون هي نفسها ذكرى انتصار لمئات السنين.

ثورة يتنادى فيها الصعيدي وابن أخيه البورسعيدي والشرقاوي والسيناوي لا ليعطوا التفويض لأحد بمحاربة ما هو محتمل وإنما ليحاربوا بأنفسهم ما أصبح حقيقة رأوها بأعينهم وعايشوها واكتووا بها من الظلم والقتل والفشل والجوع وقطع الأرزاق .

ثورة لا تنتظر دعوة من أحد ولا تحمل أحدا فوق الأكتاف وإنما يخرج فيها الناس دون دعوة ويحملون الفاسدين والمجرمين فقط ليلقوا بهم من تحت الأقدام.

ثورة كطوفان نوح تغرق الجميع . تنتهي بسفينة كسفينة نوح لا يركب فيها إلا من يستحق . ويتنحى عنها كل من ليس من أهلها ومن هو عمل غير صالح وإن ادعى زورا أنه ابنها .

ثورة تحمى رئيسها وخياراتها ولا تنتظر من احد أن يحميها ولا أن يحكم لها أو عليها .

ثورة تنتصر إن شاء الله حتى وإن غاب قادتها أو غفل قادتها أو نام قادتها كما انتصر قوم أصحاب الكهف حين انتصروا والقادة غائبون نائمون ولكن كانت الثورة مستمرة وإفراز القيادات مستمر والتضحيات مستمرة حتى تم الانتصار .

 

أضف تعليقك