لم أتفاجأ كغيرى بما جاء فى تسريبات صحيفة نيويورك تايمز وقناة مكملين حول الضابط أشرف الخولى وهو يوّجه عددًا من الأذرع الإعلامية للنظام الانقلابى، لأن كل ما ورد فى التسريبات معروف للجميع وليس هناك جديد سوى تأكيد المؤكد وفضح المفضوح.
وكيف أن الضابط يتصل بالإعلاميين ويوجه تعليمات بما يجب عليهم أن يقولوه أو يقدموه أو يتعاملوا به مع الشخصيات السياسية ويتصل بفنانات ويطلب منهن عمل مداخلات في برامج معينة، لأن الإملاءات الإعلامية سياسة ممنهجة لدى النظام الانقلابى، مع كل من يتصدرون المشهد بطلّتهم الكئيبة، وهؤلاء لا يعتبرون ذلك مسألة مشينة، كما عبر عن هذا الانقلابى “أشرف السعد” الذى اعتبر ذلك شرف ووطنية والولاء للوطن، ولا ضيرفى أن يكون هؤلاء عملاء للأجهزة الأمنية، وهذا ليس بجديد على قائد الانقلاب، الذى كان حريصاً على إيجاد عدد من الأذرع الإعلامية الموالية له، وهو مازال وزيراً للدفاع، وقد رأينا المقدم إمام الذي ورد اسمه في تسريبات قناة مكملين.. يُعرف عن نفسه على صفحته على فيس بوك مدير قطاع التحقيقات في قناتي الحياة والعاصمة”.
وإن كان التسريب يقدم تفسيرًا لمن خُدع، أو ما زال مخدوعًا، أو مخطوفًا ذهنيًا ولا يزال يكابر فى حقيقة انقلاب العسكر على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى، حيث ظهر صوت ضابط المخابرات “أشرف الخولى” وهو يطلب من الأذرع الإعلامية أن يقنعوا المشاهدين بقبول قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيونى، وليس هناك فرق بين القدس ورام الله، ولا مانع لدى هؤلاء لأنهم هم الذين أقنعوا الشعب بأن جزيرتين تيران وصنافير تتبعان قبيلة قريش.
ومع التسريبات لم تأت بجديد سوى أنها جعلت الواقع حقيقة دامغة، وكشفت أن انقلاب العسكر كان ضرورة صهيونية، لتمرير ما يعرف بصفقة القرن الموعودة، كما أنها أوضحت كيف أن إعلام المرتزقة كيف يبيع دينه وضميره وأخلاقه مقابل حفنة من النقود، والخوف من كشف فضائحه، حتى أنه يردد ما يمليه عليه الضابط الخائن: “تفرق ايه القدس عن رام الله”.
وبكرة نفس الضابط يقول لهؤلاء المرتزقة: تفرق إيه القاهرة عن بنها “أو مكة عن الدمام، أو دمشق عن دير الزور.. وهكذا؟؟
كما كشفت التسريبات رعب النظام الانقلابى من الانتفاضة، لأنها ستعيد إنتاج حماس والإخوان، وتشويه كل من يعارض النظام الانقلابى، كما ظهر من خلال الحديث عن أحمد شفيق لإبعاده عن الانتخابات، وكيف سيتم التعامل معاه خلال المفاوضات وبعد المفاوضات، إما أن يكون من قادة القوات المسلحة أو يلعن سلفه.
والحديث عن تشويه الشيخ “تميم بن حمد” أمير قطر وأن يرتبط بعلاقات سرية مع الصهاينة، لأنه لم يقدم الرز لقائد الانقلاب.
وعند الحديث عن اليمن نرى كيف أن الضابط يقول لعزمى مجاهد: عاوزين نستنكر الطريقة البشعة في التعامل مع علي عبد الله صالح، اللي بيحصل في اليمن ليس في صالح الدولة المصرية، لأن الساحة هناك هتفضى للإخوان، ونقول: إن اللي حصل مش في صالح اليمن، السعودية هتبدأ تتعاون مع الإخوان هناك وده بيمثل خطر علينا، انت عارف ممكن السعودية تحاول ترمي على الإخوان في اليمن.. يعنى القضية هى الإخوان وليس مصلحة الدولة المصرية.. ولا الأمن القومى ولا يحزنون.
كما لفت نظرى كانت ردة فعل الإعلام الانقلابى المسعور بعد التسريبات، فقد صرحت صحيفة “اليوم السابع” الانقلابية بأن زوجة مراسل صحيفة “نيويوك تايمز” الأمريكية في القاهرة “ديفيد كيركباتريك” صاحب التسريبات والتسجيلات المفبركة الأخيرة -حسب زعمها- يرتبط بعلاقات بجماعة “الإخوان” الإرهابية وعدد من عناصرها داخل مصر وخارجها، وحسب موقع “أقباط متحدون” فإن ضابط المخابرات الحربية “أشرف الخولي” صحفي إخواني فى الخارج منضم لإحدى قنوات الإخوان بتركيا، هو الصحفى “سامى كمال الدين”.
وعند الحديث عن “الحبيب العادلى” وزير داخلية المخلوع إبان ثورة يناير، قال ضابط الأمن للمذيع: النقض بتاع حبيب بيه قريب فكان لازم الموضوع يحصل كده.. نعملها بشياكة لحد ما الانتخابات تعدي وربنا يسهل بعد كده.. انت راجل ملتزم.. اللي بيتقالك بتقوله وبترجعلنا في أي حاجة.
يلاحظ أن هؤلاء لا يعضون بعضهم، كما وضح سعى النظام الانقلابى للوقعية بين الكويت وقطر واستغلال حادثة الاعتداء على عامل مصري بالكويت للضغط على الكويت.
كما أن الإعلام العكاشى لا يهتم كثيرًا بالخطاب الإعلامى الجاد، ولكنه يركز على الخطاب العكاشى السطحي الذي يخاطب العوام.
وقد كشفت التسريبات عن صراع محموم بين المخابرات الحربية المدعومة من قائد الانقلاب، والموجودة فى الحكم فعليًا وبين المخابرات العامة صاحبة النفوذ التاريخى، ولها بعد سياسى واجتماعى وعسكرى، وقد ورد خلال التسريبات قول الضابط أشرف الخولى، لأحد المذيعين بعض.. العامة يقصد بهذا اللفظ العاهرات يدعمون شفيق.
كما ورد على لسان ضابط بالمخابرات الحربية يسب أفراد المخابرات العامة، والإشارة إلى أن من يتم شم رائحته أنه يعارض توجهات قائد الانقلاب يتم الحط عليه، كما أن قائد الانقلاب كان قد أهان جهاز المخابرات العامة في أحد التسريبات التي خرجت من مكتبه، موجها حديثه لمدير مكتبه عباس كامل، حيث يقول له: “العامة دي ايدك منها والأرض يا عباس”.
هذا النظام الانقلابى وأذرعه الإعلامية وكل من يدور فى فلكه، هم “ورثة إبليس” كما قال الشاعر:
وجوهكم أقنعة بالغة المرونة
طلاؤها حصافة، وقعرها رعونة
صفق إبليس لها مندهشا، وباعكم فنونه
وقال: إني راحل، ما عاد لي دور هنا، دوري أنا أنتم ستلعبونه.
أضف تعليقك