اتخذ الرئيس الأمريكي؛ ترامب قرارا بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
ولا شك أنه قرار أرعن ولكنه يسير عبر السياق الأمريكي لدعم الكيان الصهيوني بلا حدود, وخلط أوراق المنطقة لخدمته.
أعلنوا من قبل عن الشرق الأوسط الجديد, والفوضى الخلاقة, فليس القرار بداية المطاف ولا نهايته, ولا ينفك عن الثورات المضادة للربيع العربي, وتفخيخ المشهد الثوري, والعرس الديمقراطي الشعبي للأمة. فمنذ احتلال العراق وتسليمها لإيران, وتمدد المشروع الشيعي بالمنطقة على حساب سوريا ولبنان واليمن, وما خفي ربما يكون أعظم. ومنذ الحرب الضروس على القضية الفلسطينية لاسيما بعد تحرير غزة من الاحتلال الصهيوني وفوز حماس بالحكومة الفلسطينية في غزة والضفة, وقلب الطاولة على المشروع الصهيوأمريكي زاد الحصار والقتال وشوهوا المقاومة وانقلبوا على أول مظهر من مظاهر الديمقراطية، فحماس وغزة كانت البداية الحقيقية للربيع العربي الثائر.
بسفك الدماء؛ تم الانقلاب على شعوب دول الربيع العربي حتى فرّغوا الثورات من مضمونها وإنجازاتها وملّكوا أهل الشر وأصحاب الفوضى الخلافة مقاليد الأمور وسدة الحكم, ومازال العرض مستمرا بسرعة الصاروخ, لمشهد صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية, وضربها في ثوابتها, وإيصال دولٍ بعينها إلى حالة اللاعودة ببيع ثرواتها, ورهن ممتلكاتها, والتفريط في خيراتها, وتكبيل مستقبلها, وسجن أحرارها, حتى تتم صفقات السوء بلا ضجيج.
وما الوطن البديل, وتفريغ سيناء من أهلها إلا خطوة لذلك.
وناهيك عن حالة الاحتقان الشعبي؛ لا في داخل الدولة الواحدة فحسب, بل بين شعوب الدول العربية بعضها البعض, وتغيير وعيها وقوميتها وهويتها, فلا عجب من نشر الرذائل وبيع الضمائر وسجن العلماء وموالاة الأعداء والتبرؤ من الأولياء لكسب الكراسي والمناصب والعروش.
وبالتأكيد لن يتوقف مسلسل الفوضى الخلاقة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني عند هذا الحد؛ فمشروعات التقسيم إلى ما هو أكثر تقزمًا من سايكس بيكو, وما مشروع العدو الصهيوني “من النيل إلى الفرات” والذي يشمل أراضي من بعض الدول العربية, ويسير على قدم وساق, منا ببعيد, ولا ننسى ما صرح به مسئولون أمريكيون من أن دولا عربية توشك على الاختفاء من على الخريطة, بموافقة العرب أنفسهم! فهم عرب, ولكنهم من يهود يرضعون, أضاعوا البلاد والعباد, بتنسيق عربي خليجي إسرائيلي أمريكي على أعلى مستوى.
بالتأكيد لدى ترامب حزمة من القرارات الغاشمة التي تسفر عن وجه أمريكا الحقيقي, الأشد قبحا على مر السنين, ويرى أن الساحة خالية, والوقت مناسب لأن يُسفر عنها جميعها.
كل ذلك, والعرب مشغولون بأنفسهم وخلافاتهم, رغم أنهم على صفيح ساخن في مهب الريح, فماذا نحن (شعوبا وحكومات، رؤساء وملوك وأمراء) فاعلون؟
أضف تعليقك