• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

جاءت التبرئة الأخيرة لمسئولين من عهد المخلوع حسني مبارك، اليوم الأربعاء، حيث حكم قضاء الانقلاب ببراءة زهير جرانة، وزيرالسياحة الأسبق، وأحمد المغربي وزير الإسكان الأسبق، في اتهامهما بالتربح والاستيلاء على أراضي الدولة، والإضرار العمدي بالمال العام، ليواصل قضاء الانقلاب سلسلة الإفراج عن رموز المخلوع.

لتتوالى تأكيدات الخائن عبد الفتاح السيسي منذ انقلابه العسكري الذي قاده عام 2013، ضد الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، للمصريين أن دم متظاهري ثورة 25 يناير ذهب سدى.

ففي الوقت الذي يقبع فيه آلاف الشباب البريء خلف القضبان بتهم ملفقة، يخرج فاسدو نظام المخلوع مبارك للنور ويتمتعون بحريتهم كاملة وبأموالهم التي سرقوها من خزائن مصر.

رموز المخلوع.. براءة!!

بعد مرور أكثر من ست سنوات على اندلاع ثورة 25 يناير 2011 بمصر، بات كل رموز نظام مبارك خارج السجون، حيث قضت محكمة جنايات القاهرة، في 29 نوفمبر 2014، بانقضاء الدعوى الجنائية ضد مبارك، في قضية الفساد المالي بمضي المدة، وبرأته في قضية تصدير الغاز لإسرائيل، كما قضت بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية المقامة ضده في قضية قتل المتظاهرين، لأنه سبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية من قبل النيابة العامة.

فيما قضت محكمة النقض في 13 يناير 2016، بقبول الطعن على حكم بسجن الرئيس الأسبق، لمدة 3 سنوات، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"القصور الرئاسية"، مع إعادة محاكمته.

كما أخلت المحكمة في 22 يناير 2015، سبيل علاء وجمال، نجلي مبارك، على ذمة إعادة محاكمتهما في القضية المتعلقة باستيلائهما على المال العام والمعروفة إعلاميًا باسم "القصور الرئاسية"، لقضائهما أقصى مدة للحبس الاحتياطي، مقررة قانونًا، وهو ما تم في 26 من الشهر ذاته.

أحمد نظيف رئيس الوزراء إبان حكم مبارك، وأحد رموز نظامه، خرج أيضًا من محبسه، بعد تبرأته من تهم الكسب غير المشروع، والفساد المالي.

كما خرج باقي الوزراء الذين اتهموا في قضايا مختلفة، كسامح فهمي الذي اتهم بتصدير الغاز لـ"إسرائيل" بأسعار متدنية، وزهير جرانه وفاروق حسني وأحمد المغربي، الذين نالوا البراءة من تهم الكسب غير المشروع، وأنس الفقي الذي تعاد محاكمته في الفساد المالي بعدما أطلق سراحه.

لم يقتصر الأمر على وزراء مبارك فحسب، بل امتد الي باقي أركان نظامه، فقد حصل فتحي سرور رئيس مجلس الشعب خلال عهد المخلوع، وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى حينها، على حكم نهائي بالبراءة في موقعة قتل المتظاهرين في ميدان التحرير يوم 2 فبراير 2011 "موقعة الجمل"، كما حصلا على البراءة في الاتهامات التي وجهت لهما بالكسب غير المشروع.

وخرج زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية إبان حكم مبارك، بعد تبرئته من اتهامات بالكسب غير المشروع.

فيما أخلى سبيل أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني المنحل (الذي كان يترأسه مبارك وتم حله عقب الثورة)، عقب سداده كفالة مقدرة بـ100 مليون جنيه (14.3 مليون دولار أمريكي تقريبا)، وهي الكفالة الأكبر في تاريخ القضاء المصري، على ذمة قضايا متعلقة بـ"الفساد المالي".

قضاء ظالم

في الوقت الذي يصدر فيه قضاء الانقلاب المسيس أحكام ببراءة الفاسدين، لا يتوقف عن إصدار أحكام ظالمة بالإعدام ضد شباب لا حول لهم ولاقوة.

وتحتل مصر المرتبة الأولى في إصدار الأحكام الجزافية التي تقضي بالإعدام بحق مُناهضي الانقلاب، بعد أن بات القضاء سلاح ووسيلة انتقام وتصفية لخصومه السياسيين دون اعتبار لأدنى معاييير نزاهة الأحكام القضائية أو عدالتها.

فيتعمد القضاء بشقيه المدني والعسكري النزول إلى معترك السياسة وتجاهل قواعد العدالة القانونية والقضائية والجنائية في مقابل الامتيازات التي تقدمها سلطات الانقلاب التي غضت الطرف عن جميع الخروقات القانونية وسير القضايا والأحكام ولم تلتفت للمعايير الدولية ولا الحقوق الإنسانية، في ظاهرة تهدر كل القيم الإنسانية والحقوقية التي لم تحدث في تاريخ المحاكم المصرية من قبل، وعليه فإن ذلك الأمر يشكل إهدارًا لحق الحياة لهؤلاء المحكوم عليهم من قبل سلطات الانقلاب بمباركة من المحاكم التي أعطت الأمر شكلًا قانونيًا، ومررت تلك المحاكمات التي تفتقد لأدنى معايير العدالة الدولية بل وخالفت القانون والدستور المصري في هذه المعايير أيضًا.

فمنذ الانقلاب العسكري الذي قاده الخائن عبد الفتاح السيسي عام 2013، أصدر قضاء الانقلاب عددًا من أحكام الإعدام تجاوزت 1840 قرارًا بالاحالة إلي المفتي وذلك في 44 قضية، صدر فيهم791 حكما بالاعدام، بينهم 7 تم تنفيذ الحكم فيهم بالفعل والباقي (784) مازالت قضايا في مراحل النقض المختلفة، ومن بين هذه القضايا نجد هناك 10 قضايا عسكرية صدرت فيها أحكام بالاعدام بحق معارضين للسلطة في مصر، وذلك في أحكام إعدام جماعية  في محاكمات سريعة افتقدت لأدنى معايير الشفافية والنزاهة وانتزعت حقوق المتهمين في هذه القضايا من حق الدفاع عن النفس بإصدار أحكام سريعة بعد مرافعات صورية من الدفاع والنيابة لا تنم عن تحقيق واقعي حدث وذلك كله يشي بصبغة تسييس الأحكام من قبل الجهات القضائية في مصر التي وجهت تهمًا بالقتل بالجملة لعدد من المعارضين ثبتت بالدليل أنهم لم يكونوا محل الوقائع المذكورة في أوراق القضايا وغيرها من الحالات التي ضمت أطفال ونساء صادر بحقهم جملة إعدامات جماعية.

أداة لترهيب الخصوم

بات من المؤكد أن سلطات الانقلاب تستخدم القضاء المصري بجانبيه المدني والعسكري كأداة لترهيب خصومه ومواجهتهم، وذلك لكثرة إحالة أوراق بعض المتهمين إلى المفتي لاستطلاع الرأي الشرعي في إعدامهم، لتستمر الأحكام القضائية في إثارة الجدل ليس فقط لجهة الطعن في مساراتها القانونية، ولكن أيضا في إمكانية التنفيذ والنوايا المبيتة مُسبقًا لإعدام المواطنين بسبب أرائهم الفكرية أو خلفايتهم السياسية.

ولم تعتمد السلطات في تلك الحملة المحالفة لأحكام على القانون على القضاء المدني فقط بل استعانت أيضَا بالنيابة العسكرية التي لا تكترث بمنظومة العدالة وتشهد تفسخًا واضحًا، في أركانها ومنهجيتها ودوافعها، وهو مايجعل القضاء المصري مسيّس وأحكامه ساقطة وفق القانون الدولي بسبب غياب معايير العدالة وسرعة إجراءات التقاضي.

أضف تعليقك