وزير خارجية آل سعود، يقول بلا خجل ولا وجل: واشنطن تبقى وسيطا نزيها بعملية السلام بين الفلسطينيين والصهاينة، لكونها القوة العظمى في العالم ولعلاقاتها القوية مع طرفي الصراع، وتأتى تصريحات الجبير، بالتزامن مع القمة الإسلامية في اسطنبول لرفض قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الكيان الصهيونى. وأشار إلى إمكانية قيام الإتحاد الأوربى بدوركبير فى عملية السلام، لكن هذا الدور يظل غير حاسم.
مع أن الملاحظ والواقع يشهد بغير ذلك، فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقود الثلاثة الأخيرة زعمت بأنها تلعب الدورالأساسي كوسيط وضامن للوصول إلى اتفاقية سلام بين الفلسطينيين والصهاينة، ورغم العديد من مواقفها المنحازة، زعمت أنها وسيط نزيه يقف على مسافة متساوية من الطرفين، حتى جاء قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة لدولة الصهاينة، مما يؤدى إلى تقويض الدور الأمريكي برمته!!
وعلى الرغم من أن الجبير لم يحضر قمة استنبول، لأنه كان مشغولاً بالمشاركة فى الإعداد لتشكيل قوة عسكرية لمحاربة الحركات المسلحة في دول الساحل الأفريقي، والتى دعمتها السعودية، بمائة مليون دولار، بناء على طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما قدمت دولة الإمارات ثلاثين مليونا من أجل نفس الغرض!!
والسؤال هنا ، هل الولايات المتحدة الأمريكية ، فعلاً وسيطاً نزيهاً؟الحقيقة غير ذلك لأن أمريكا، لم ولن تكون طرفا نزيهاً محايداً، بل هى طرف معادى منحار لدولة الكيان الصهيونى، أما كلام الجبير فهو كلام غير مسؤول ، ويدل على اﻹنبطاح والذل والهوان ولا يعبر عن حقيقة الواقع ويفضح التوجه والمستوى الذى وصل إليه هذا الجبير وأمثاله من متصهينة العرب، بدليل أن عمر التفاوض مع الصهاينة، قريب من ثلث قرن من الزمان، ولم نر سوى التنازل تلو التنازل، ومزيد من الإستيطان، والقتل وهدم المنازل،
كما قرار ترامب، يعني ببساطة أن الولايات المتحدة قررت التوقف عن الادعاء بأنها وسيط نزيه، وقررت السيرفي المعسكر الصهيونى، وعزل نفسها عن بقية العالم بتحديها الصريح للقانون الدولي.
وقد اعتبرت القوى والفصائلُ الفلسطينية، بعد قرار ترامب، بأن الوَساطةِ الأمريكية في عمليةِ السلام غير نزيهة وغير محايدة، لأن رؤية دولة الكيان الصهيونى لحلِ الصراع، قائمةٌ على ابتلاعِ الضفة وإقامةِ دولةٍ للفلسطينيين في غزة، أوفى بعض المناطق بناء على فكرة صفقة القرن، التى يتبناها ولى العهد السعودى!!
كما أن الصهاينة يعتبرون كل من لا يدعم التوجه الصهيونى، غير محايد وغير نزيه، ورأينا كيف شنت صحيفة معاريف الصهيونية ، هجوماً عنيفاً على الرئيس محمد مرسى عام 2012 ، واعتباره وسيط غير نزيه في المفاوضات مع حماس، من أجل وقف إطلاق النار، لأن تصرفات الرئيس محمد مرسي، أطلقت تحذيرا لحكومة إسرائيل، حتى لو نجحت مصر في التوصل إلى وقف إطلاق النار، ووصفت الرئيس مرسي: بأنه دبلوماسي مبتدئ، وأنه يتصرف بناء على مشاعر العداء للصهاينة، وخرق بشكل فج ثلاثة بنود من معاهدة كامب ديفيد، تعهدت فيها كل من مصر ودولة الكيان الصهيونى، بألا تهدد إحداهما الأخرى وألا تحرض عليها.
وأن تهديد الرئيس مرسي باتخاذ إجراءات استثنائية ضد إسرائيل، إن لم توقف عدوانها الهمجي على الفلسطينيين، يحمل معاني خطيرة، فهي تنطوي على تهديد بقطع العلاقات، والإضرار باتفاقية السلام، وربما شن الحرب.
وأن هذه الأزمة كشفت أن النظام الجديد في مصر لا يمكن أن تعتمد عليه إسرائيل، كما كشفت أن مشاعر العداء لإسرائيل لدى الإخوان المسلمين، انتصرت على المصالح المصرية، في التركيز من أجل بناء دولة عصرية!!
فلا يوجد لدى العدوالصهيوني، وسيط نزيه سوى الولايات المتحدة الأمريكية، فهل يمكن لعاقل أن يتخيل أن أمريكا، حاضنة الصهيونية العالمية، وحاملة الراية حرب الإسلام بعد انهيار الإمبراطورية البريطانية، التى غابت عنها الشمس، يمكن أن تكون وسيطاً نزيهاً؟؟
فالبلطجة الأمريكية هى التى تحمى دولة الكيان الصهيونى، لتمارس كل أنواع العربدة ضد العزل والأبرياء، وتضرب بكل القوانيين الدولية عرض الحائط !!
ولم يكن الجبيرهو أول من مدح الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبارها وسيطاً نزيهاً للسلام، فقد سبقه أحد علماء بنى سعود، الذين يطلقون البواخير بين يدى السلاطين، وهوإمام الحرم المكى الشيخ "عبدالرحمن السديس" الذى رفع عقيرته" فى مدح نظام آل سعود، والإدارة الأمريكية النزيهة، قائلا:السعودية والولايات المتحدة هما قطبا هذا العالم للتأثير، يقودان بقيادة خادم الحرمين الشريفين والرئيس الأمريكي، العالم والإنسانية إلى الأمن والسلام والاستقرار!!
وفى أمثال هؤلاء قال الشاعر:
القاتلُ المأجورُ وجهٌ أسودٌ
يُخفي مئاتِ الأوجه الصفراءِ
هي أوجهٌ أعجازُها منها استحتْ
والخِزْيُ غطَاها على استحياءِ
لمثقفٍ أوراقُه رزمُ الصكوكِ
وحِبْرُهُ فيها دمُ الشهداء
ولكاتبٍ أقلامُهُ مشدودةٌ
بحبال صوت جلالةِ الأمراء
ولناقدٍ "بالنقدِ" يذبحُ ربَّهُ
ويبايعُ الشيطانَ بالإفتاءِ
ولشاعرٍ يكتظُّ من عَسَـلِ النعيمِ
على حسابِ مَرارةِ البؤساءِ
ويَجـرُّ عِصمتَه لأبواب الخَنا
ملفوفةً بقصيدةٍ عصماءِ !
ولثائرٍ يرنو إلى الحريّةِ
الحمراءِ عبرَ الليلةِ الحمراءِ
ويعومُ في "عَرَقِ" النضالِ ويحتسي
أنخابَهُ في صحَة الأشلاءِ
ويكُفُّ عن ضغط الزِّنادِ مخافةً
من عجز إصبعه لدى "الإمضاءِ" !
ولحاكمٍ إن دقَّ نورُ الوعْي
ظُلْمَتَهُ، شكا من شدَّةِ الضوضاءِ
وَسِعَتْ أساطيلَ الغُزاةِ بلادُهُ
لكنَها ضاقتْ على الآراءِ
ونفاكَ وَهْـوَ مُخَـمِّنٌ أنَّ الرَدى
بك مُحْدقُ، فالنفيُ كالإفناءِ !
الكلُّ مشتركٌ بقتلِكَ، إنّما
نابت يَدُ الجاني عن الشُّركاءِ!!
أضف تعليقك