جاءت تسريبات الأمن الوطني بفضيحة مدوية في حق نظام الانقلاب لأنها تؤكد أن قضية الاتحادية والسيناريو المكتوب فيها كان من خيال الضابط عمرو مصطفى ضابط أمن دولة وهو بذلك يعد شاهد زور الأمر الذي يعني إلغاء الأحكام الصادرة فيها واعتبارها كأن لم يكن بالتماس إعادة النظر فيها بعد صدور حكم بشهادة الزور ومقدم بلاغ للنائب العام في هذا الشأن .
والحقيقة فإن هذه الواقعة وإن كانت فضيحة في حق النظام وتثبت أنه انقلابي دموي ويقوم على الخيانة والظلم والاستبداد وكل معاني الخسة، لكن هذا الأمر ليس جديد ولا غرابة فيه لأن قضايا العسكر منذ عام 1952 وحتى الآن ضد الخصوم السياسيين وخاصة الإخوان المسلمين جاءت ملفقة من رجال الأمن وجاءت شهادات جمال حماد أحد الضباط الأحرار في مذكراته تؤكد ذلك .
وجاءت مهزلة محاكمة الإخوان في 2007 تؤكد هذه الحقيقة فكانت مسرحية عاطف الدسوقي ضابط أمن الدولة في حينه أمام المحكمة العسكرية وتناقضاته التي أثارت حفيظة المحكمة رغم أنها متواطئة أيضا لأن المحكمة تبين لها كل شيء وكانت مستاءة لأن الضابط كان واضح عليه من أقواله وسرده للحقائق أنه كان (متآمر وأهبل ) .
قد ثبت للمحكمة أيضاً أن أحراز القضية - وهي الركن الجوهري في أي قضية - أنها غير موجودة وأنه تم سرقتها والاستيلاء عليها بالتواطؤ ما بين م. فيصل عضو نيابة أمن الدولة في حينه وبين مباحث أمن الدولة وهذا الرجل الذي كان يمثل النيابة كان واضح الإجرام من شهادته أمام المحكمة ومن تحقيقاته ومن غرفته التي كانت مليئة بالدخان وكان يخرج منها رائحة الدخان وكأنها غرزة .
والغريب أنه كان الأمر برمته تحت بصر وبصيرة المحكمة وتم كشفه من خلال شهادة المجرمين أمام المحكمة ولكن ما كان من القضاة الأشد إجراماً إلا أنهم وبناء على التعليمات أيضاً وكالعادة أصدرت الأحكام الجائرة بعد أن زاد يقينها أنها جائرة وكأنه الجور مع سبق الإصرار والترصد .
فهؤلاء لا تستبعد عليهم أي نقيصة فكلهم مجرمين إلا من رحم وقد توعدهم الله سبحانه وتعالى بالعذاب والنكال شأنهم شأن الخونة الظالمين المجرمين قال تعالى في وصفهم ( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ) (8) وهكذا جمع الله سبحانه وتعالى الجنود مع فرعون في سياق واحد .
ولكن المؤسف في هذا الموضوع والأشد مرارة ووقعاً على النفس أن هناك أمرين لهم مرارة في الحلق وغصة شديدة وانعكست هذه المرارة على الوطن بأسره فقتلته وخربته وأضاعت الأمن والآمان منه .
الأمر الأول هو أن الكثير من القضاة وأعضاء النيابة العامة رغم علمهم بذلك ووضوح الفساد والتلفيق إلا أنهم كانوا طرف في الخصومة وأخذوا الموضوع على عاتقهم أكثر من الخونة والمجرمين .
والأسماء التي دخلت في هذا المضمار أكثر من أن تحصى فهناك القضاة الذين كان مثلهم الأعلى أحمد الزند البلطجي الذي اتخذ من الزند لغة للحوار بدلاً من العقل فذهب من ذاكرتهم أنهم قضاة ويجلسون في مكان شرفه الله ولكنهم رأوا أنفسهم أقل بكثير من أن ينالوا هذا الشرف .
وفي النيابة عبدالمجيد محمود الذي كان من أكابر المجرمين الذي دمر متعمدا أدلة الإدانة لمبارك ورجاله في 25 يناير وتلاميذ ه الذين مارسوا البلطجة وتجمهروا كل منهم يحمل مسدسه في دار القضاء العالي خوفاً على ضياع الجاه والعز والسلطان منهم .
إذ لو تمكن نظام ثوري حر شريف ما كان أحد منهم في مكانه لأنهم كانوا أبناء القضاة والمستشارين والمحاسيب وفيهم تقدير مقبول ومنهم الذي تخلف بمادة أو مادتين هذه التشكيلة- (تشكيل عصابي) من هؤلاء القضاة وأعضاء النيابة كانت من إنتاج سوزان مبارك وجمال ابنها وأحمد عز ولجنة السياسات حتى يكونوا أدوات للحفاظ على مصر مبارك وآله .
وكانت من أبرز ثمار هذه العصابة ظهور أحمد الزند ونجاحه في انتخابات نادي القضاة وكان ذلك من المستحيل من قبل في ظل وجود الشرفاء أمثال المستشار الخضيري وآل مكي والبسطويسي وزكريا عبدالعزيز وخلافه .
انحرفت هذه العصابة بالقضاء وسمعته إلى مستنقع قد يكون أمام - القضاء كمؤسسة - سنوات طويلة حتى يخرج بسمعته من هذا المستنقع .
ذات يوم واجهت أحد وكلاء النيابة وكان يدعى أحمد عبدالخالق في نيابة جنوب الزقازيق واجهته ببطلان تحريات ضابط المباحث في إحدى القضايا ،وقلت له يا ريس التحريات واضح فيها البطلان لأنها تشتمل على أسماء كثيرة لا علاقة لها بالقضية لأن فيها المسافر منذ عشر سنوات والمتوفى منذ ثلاث سنوات سابقة على تاريخ الواقعة .
فكان رده أكثر إجراما من صانع التحريات لأنه قال لي ومالوا وإيه المشكلة ما نعمل تحريات تانية غيرها هكذا بكل بساطة يتخلى وكيل النيابة عن شرفه وعن قسمه وعن إنسانيته .
قلت له أن المجني عليهم تنازلوا لبعض المتهمين والتنازل للبعض من المتهمين يفيد الباقي جميعا.
قال حضرته فين الكلام ده ؟.؟؟؟!!!!
قلت له في كتاب الإجراءات مادة عشرة مادة 10 :
(لمن قدم الشكوى أو الطلب في الأحوال المشار اليها المواد السابقة وللمجنى عليه فى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 185 من قانون العقوبات وفى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 302، 306 ، 307 ، 308 من القا نون المذكور اذا كان موظفا عاما أو شخصا ذا نيابة عامة أو مكلفا بخدمة عامة وكان ارتكاب الجريمة بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب فى أى وقت الى أن يصدر فى الدعوى حكم نهائى وتنقضى الدعوى الجنائية بالتنازل .
وفى حالة تعدد المجنى عليهم لا يعتبر التنازل صحيحا إلا إذا صدر من جميع من قدموا الشكوى .
والتنازل بالنسبة لأحد المتهمين يعد تنازلا بالنسبة للباقين .
وإذا توفى الشاكى فلا ينتقل حقه في التنازل إلى ورثته إلا في دعوى الزنا فلكل واحد من أولاد الزوج الشاكى من الزوج المشكو منه أن يتنازل عن الشكوى وتنقضي الدعوى .الدعوى الجنائية تنقضي قال فين المادة دي قلت في كود الإجراءات .)
قال سعادته أنا مليش دعوة بالصلح ده
أمال مين له دعوة إن لم يكن أمين الدعوى العمومية مالوش دعوة ؟؟؟!!!!!
(خيبتها سكسونيا) يعني قمة الإجرام مع قمة الجهل علناً .
وهكذا سنوات طوال والقضاء لا علاقة له بالقرار في القضايا فالقرار بالتليفون والحكم بعد المكالمة وليس بعد المداولة .
وكان الشرفاء منهم يكادوا يبكون ويتقطعون ألماً وهم يقررون لنا مثل هذه الحقيقة المرة لأنهم يعلمون أن وطن يوجد فيه قضاء سكسونيا مصيره الإنهيار والتخلف
الأمر الثاني والأشد ألماً على النفس هو أن الكثير من الناس حكموا على الإخوان من خلال هذه القضايا الملفقة وأصبحوا ينظرون إليهم نظرتهم للجاني في حين أنهم كانوا الضحية لنظام فاشي مجرم وبطانته الأشد إجراماً من شرطة وإعلام وقضاة وعلماء سوء .
أذكر أن أحد مدرسي اللغة وكان من المثقفين وكاتبي القصة والشعر وكانت تربطني به صلة صداقة في مناقشة أمور المعرفة و الثقافة رغم أنه يكبرني بما لا يقل عن عشر سنوات رحمة الله عليه ، وكان كلما جاءت المناقشة حول أفكار أديب الشهداء وشهيد الأدباء الشيخ سيد قطب كان يضع تقييمه للرجل من خلال محاضر التحقيقات التي تم تلفيقها بمعرفة نظام عبد الناصر في حينه .
والسؤال كيف تحكم على شخص من شهادة خصومه فيه وبناء على محاضر وقضايا من صنع يد خصمه مالكم كيف تحكمون .
تسريبات ضابط أمن الدولة لم يكن يحتاجها أحد من الناس ليتأكد من براءة مرسي والإخوان على مر العصور من كل القضايا الملفقة والتهم المعدة سلفاً ولكنه يحتاج إنسان لديه جزأ من ضمير فالأمر لم يكن يحتاج للمفهومية بقدر ما يحتاج لقدر بسيط من الإنسانية .
أضف تعليقك