يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، غدًا الأربعاء، نقل سفارة بلاده من تل الربيع المحتلة إلى مدينة القدس والاعتراف بها كعاصمة للكيان الصهيوني.
وأثار الكشف عن نية ترامب الجمعة الماضي بنقل السفارة غضب في الأوساط الشعبية الإسلامية على مستوى العالم، مؤكدين على أن القدس كانت وستظل القضية المركزية للأمة، وأن وقوعها تحت الاحتلال الصهيوني لا ينفي كونها إسلامية خالصة.
وفيما يلي نستعرض بعضًا من تاريخ القدس ورد فعل زعماء العرب بالتزامن مع اعتزام ترامب الاعتراف بها كعاصمة للصهاينة.
التسمية
القدس بلغتنا العربية تُعرف بـ"بيت المقدس" أو "القدس الشريف"، وفي العبرية القديمة يطلق عليها" أورشليم".
مكانة القدس في نفوس المسلمين
يعتز المسلمون بالقدس عاصمة فلسطين التاريخية باعتبارها حاضنة للمسجد الأقصى المبارك مسرى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم – حيث أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهناك صلى بالأنبياء إمامًا ثم صعد إلى السماء في واقعة الإسراء والمعراج.
ونزل القرآن الذي يعد معجزة الرسول الخالدة مبينًا فضل المسجد والمدينة المقدسة وماحولها، كما وردت الأحاديث النبوية في بيان فضائله.
وصفها بالبركة والقداسة
القارئ للقرآن يجده وصف بيت المقدس والأقصى في مواضع كثيرة بالبركة والقداسة منها على سبيل المثال لا الحصر: مطلع سورة الإسراء قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله}، وفي موضع آخر على لسان موسى عليه السلام: { يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة ...}، وفي إخبارنا بقصة الخليل إبراهيم عليه السلام في هجرته الأولى إلى بيت المقدس وبلاد الشام قال تعالى: {ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين}، وفي موضع آخر قال تعالى: {وأورثنا القوم الذين كانوا يُستَضْعَفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها}، وعن قصة نبي الله سليمان عليه السلام يقول سبحانه وتعالى:{ولسليمان الريح عاصفةً تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها}.
أما الباحث في السنة والمتطلع على أحاديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- فيجدها أيضًا وجهت عنايتها للمسجد وماحوله ووردت الأحاديث الكثيرة في بيان فضلها منها ما أخرجه الترمذي وصححه الطبراني عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا طوبى للشام! ياطوبى للشام! يا طوبي للشام!، قالوا: يا رسول الله وبم ذاك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام". قال العز بن عبدالسلام رحمه الله: [أشار رسول الله إلى أن الله سبحانه وتعالى وكل بها الملائكة، يحرسونها، ويحفظونها].
كما أن النبي صلوات الله عليه، أمر بشد الرحال إليها كما تشد إلى المسجد الحرام والمسجد النبوي، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى." رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
ويعد الأقصى الموجود بها قبلة المسلمين الأولى حيث كان المسلمين يصلون متجهين إليها لمدة 6 أشهر أو 7 قبل أن يأمر الله سبحانه وتعالى الرسول بتحويل قبلة المسلمين إلى الكعبة.
كما أن وصف القرآن في سورة الإسراء بأن المسجد مبارك هو وماحوله كاف لجعل المدينة مقدسة لدى المسلمين، بالإضافة إلى تفضيله على غيره من المساجد سوى المسجد الحرام والمسجد النبوي.
فتح المدينة المقدسة
تحرك جيش المسلمين بقيادة الصحابي الجليل عبيدة بن الجراح وعملوا على محاصرة المدينة في شهر شوال عام 636، واستمر الحصار 6 أشهر حتى وافق بطريرك القدس آنذاك بتسليمها إلى خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أرسل المسلمون بخطاب إلى أمير المؤمنين عمر وأبلغوها برغبة البطريرك، فشد الرحال متوجهًا إليها وحين وصل أبلغه بطريرك القدس بأن صفاته معلومة لديه بنص الإنجيل وأنه هو من سيفتح القدس وسلمه مفاتيح المدينة دون قتال.
وعقب الفتح سمح الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لليهود بزيارة المدينة بعد أن كان طردهم الرومان منها لمدة 500 عام تقريبًا.
تاريخ القدس
على مر التاريخ تعرضت المدينة المقدسة للتدمير الكامل مرتين، وحوصرت 23 مرة، وهوجمت من قبل الأعداء نحو 52 مرة باعتبارها من أقدم مدن العالم المأهولة بالسكان.
الحقد الأسود على المدينة المقدسة ومحاولة تهويدها
عمد اليهود أصحاب الحقد الأسود على الإسلام والمسلمين على تهويد مدينة القدس حينما بدأ المسلمون يبتعدون عن دينهم، وعقب احتلال المدينة استغل اليهود هذا الضعف الذي سيطر على الأمة وحاولوا جاهدين بناء هيكلهم المزعوم عن طريق هدم منازل المقدسيين والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم وتهجير بعضهم قسرًا لتخلو لهم المدينة.
ويقول ابن غوريون – رئيس وزراء صهيوني سابق-: "نحن لا نخشى الاشتراكيات ولا الثوريات ولا الديمقراطيات في المنطقة، نحن فقط نخشى الإسلام هذا المارد الذي نام طويلاً وبدأ يتململ من جديد".
أين حكام العرب والمسلمين؟
سؤال يطرح نفسه منذ احتلال الصهاينة لفلسطين، ولكن الحقيقة أن حكام العرب أنفسهم يقع على عاتقهم المسؤولية الأولى في خذلان الشعوب المسلمة في حقها للدفاع عن قضيتهم المركزية والمتمثلة في القدس، فبدلًا من حشد الشعوب للمقاومة ضد الكيان الصهيوني، عمد الحكام على قمع حريات شعوبهم وأذاقوهم الويلات وقتلوا كل الأصوات المطالبة بإخراج اليهود من فلسطين والدفاع عن القدس.
موقف تركيا وقطر من نية ترامب إعلان القدس عاصمة صهيونية
لم يتحرك لنبأ اعتزام ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، غدًا الأربعاء، إلا تركيا وقطر، فعقب الإعلان عن نية الإدارة الأمريكية خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مهددًا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان، مضيفًا أن القدس خط أحمر للمسلمين.
كما أعلن وزير الخارجية القطري، اليوم الثلاثاء، عن رفض بلاده للخطوة التي يعتزم ترامب إقرارها غدًا، مؤكدًا أن بلاده ستتخذ ماتراه مناسبًا تجاه الخطوة.
دعم المقاومة الفلسطينية للتصدي للصهاينة
يتجه الكثير من أبناء الأمة الستضعفين في بلدانهم إلى دعم المقاومة بالمال والسلاح ومطالبتها بالتصدي لمخططات الكيان الصهيوني التي تهدف للسيطرة على القدس والأقصى حتى يتثنى لهم مشاركتهم في تحرير المدينة التي تعتبر قضية مركزية للمسلمين، كما وتصل التبرعات عن طريق جميعات خيرية للمرابطين في المدينة وذلك بهدف دعم صمودهم وهو ما يعتبر أحد أوجه المقاومة.
أضف تعليقك