أهؤلاء إرهابيون؟ يوسف القرضاوي، أحمد الريسوني، أحمد الخليلي، عبد الهادي أوانغ، علي القره داغي، وهبة الزحيلي، عصام البشير، عبد المجيد النجار، صلاح سلطان، سلمان العودة، راشد الغنوشي، محمد الحسن الددو، عكرمة صبري، خالد المذكور، محسن عبد الحميد، عبد اللطيف آل محمود، جمال بدوي، عمر عبد الكافي، حسن الشافعي، سلمان الندوي، إحسان هندريكس، وآخرون؟ هؤلاء صفوة علماء الأمة وخيرة أبنائها، الذين يجمعهم إطار الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذين باتوا إرهابيين بجرة قلم من منظومة مستبدة لم ينتخبها أحد ولا يراقب أو يحاسب أفعالها وأقوالها أحد، تعيث في عالم البشر فساداً، بما تهدره من أموال الأمة التي استولت عليها دون وجه حق كما استولت على الحكم فيها دون وجه حق، إنها المنظومة التي يديرها اليوم تحالف من أربعة أنظمة تجثم على صدور العباد في بلاد الحرمين (السعودية) وفي مصر والبحرين والإمارات، وهي الدول التي تحاصر قطر، وتتهمها بالإرهاب أيضاً.
لقد أصبحت تهمة الإرهاب "مسخرة"، لم يعد لها عند معظم الناس قيمة، إذ تصدر عمن يمارس البطش والإرهاب بأدوات الدولة، لتشويه صورة وسمعة من يأمر بالقسط والمعروف وينهى عن الجور والمنكر، ويدعو إلى الخير والإحسان.
ما هو المشترك بين المتهمين بالإرهاب من قبل عصابة الأربعة (ابن سلمان، وابن زايد، وابن السيسي، وابن عيسى)؟ إنه الموقف من الربيع العربي، تلك الانتفاضة الشعبية التي انطلقت تطالب بالحرية والكرامة، وتحذر أنظمة البؤس والشقاء والظلم والاستبداد، إما أن تنصلحوا أو تنخلعوا، انتفاضة لم ينظمها أحد، ولم يمولها أحد، ولم يدفع الجماهير نحوها أحد، بل كانت عفوية انطلقت من ضمير الأمة المثخن بالجراح، واندفعت بفعل نسائم الشوق إلى الانعتاق من قهر الطواغيت. إنها الثورة التي تداعى عليها المتصهينون العرب وصهاينة الغرب والشرق ليزهقوها ويقضوا عليها بمجرد أن تفتحت أزهارها، فأغدقوا المليارات على خصومها المحليين حتى يشحذوا سكاكينهم ويخرجوا ضغائنهم، وتواطأت أنظمة الاستبداد مع أدعياء الديمقراطية والحرية حول العالم، ليمكنوا جنود فرعون من سحق كرامة الأمة ببساطيرهم ودباباتهم. إنها انتفاضة الأمة التي تاقت إلى رؤية الأقصى حراً من أغلال الغزو الصهيوني، انتفاضة العرب الذين هتفوا في ميادين مدن عالمهم المتطلع إلى مستقبل أفضل: "الشعب يريد إسقاط النظام، الشعب يريد تحرير فلسطين."
نعم، ذلك هو ذنب علماء المسلمين الأحرار أعضاء الاتحاد العالمي. ذنبهم أنهم انحازوا إلى الأمة ضد قاهريها ووقفوا مع الشعوب في معركتها ضد جلاديها. ذنبهم أنهم لم يقبلوا الذل والهوان، ولم يتخلوا عن قضايا الأمة وعلى رأسها الحرية والكرامة، ولم يقبلوا بمشاريع التطبيع والصهينة التي سعت أنظمة البؤس إلى تمريرها، فوقفت لهم الشعوب بالمرصاد.
ذنب علماء أمتنا أنهم يصدحون بالحق، ويكشفون زيف وبطلان دعاوى أهل الأهواء من مستبدين ومفسدين ومنافقين. ذنبهم أنهم لا يمالئون ولا يجاملون، ولا يخشون في الله لومة لائم.
ذنب علماء أمتنا الكرام أنهم يكشفون فساد طبقة متعفنة من "علماء السلطان"، تلك الحفنة من المنافقين اللاهثين وراء المال الفاني والجاه الزائف، الذين يفتون للحاكم بما يريد متى ما أراد، لا يخشون الله ولا يستحون من الناس.
سوف يشهد التاريخ أن الذين يتهمون علماء الأمة بالإرهاب اليوم هم أنفسهم الذين يُرهبون الناس ويرعبونهم صبح مساء، ويسومونهم العذاب، تكتظ سجونهم بما حشد فيها من أحرار الأمة وأبطال الإنسانية وممثلي الشعب، وهم الذين يسطون على ثروات الشعوب وعلى أموال الأفراد لكي ينفقوا على نزواتهم وضلالاتهم، وهم الذين يوالون أعداء الشعوب من صهاينة ومستعمرين جدد، ويؤلبونهم على خيرة أبناء الأمة، وهم الذين صادروا كل الحقوق، وداسوا كل الكرامات وانتهكوا كل الحرمات، واستعانوا في ذلك ببطانة من المنتفعين أصحاب الأهواء، الذين يكرهون أن يروا أمتنا تنجز إصلاحاً أو تحقق نصراً.
ولسوف يشهد التاريخ كيف أن الحق في نهاية المطاف سينتصر وستندحر جيوش الظالمين، وستنهض الأمة من جديد، وستعيد الكرة في انتفاضة جديدة لتكسر الأغلال وتنفض عن الوطن غبار التخلف والهوان.
وليعلم الطغاة أن الأحرار من علماء الأمة لا ترهبهم قوائم كما لا ترهبهم جحافل، ولن يفت في عضدهم تهديد ولن ينال من عزمهم بطش ولا تنكيل.
ولتفعلوا بقوائمكم ما بدا لكم.
أضف تعليقك