• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

إن حالة الجمود المجتمعي ، وحالة الموات التي يحياها أغلبية الناس وحالة اللامبالاة التي ترتسم علي كل الوجوه وعلي كل التصرفات ، تنبؤك عن مدي الهم والغم والحزن الذي يسكن في النفوس ويستقر في القلوب ويثقلها حتي كادت من ثقلها أن تتمزق أنياطها .

أصبحت العقول تدور حول محورها بشكل يجعلك تظن أنها من سرعة دورانها ستخرج من فلكها وتتفلت من عقالها ، فهي لا تمل التفكير ولا تمل السهر حتى وإن نامت الأجساد وهمدت ، فالعقول أصبحت مثقلة بالهم والتفكير فلا تنام ، مما يجعل تركيزها يشابه تركيز المادة الفعالة في الأدوية التي يقومون بصرفها لعامة الشعب في مستشفياتهم اللعينة. _ لا تركيز _

 

ولكن ما نتاج تفكيرها ؟

 

لا شيء سوى المزيد من الهم والغم والحزن ، فبالرغم من أنها عبقرية في استخراج حلول لمشكلاتها من فم الأسد ، إلا أن هذه الحلول تظل باقية في إطار العقل ولا تتعداه إلي التنفيذ لانعدام الوسائل ولأن الأيادي مغلولة بالفقر والعوز الشديدين.

 

فتظل العقول في التفكير وتظل أحوال الناس في التردي ، فلا مجرد التفكير يحدث أثرًا إيجابيًا ، ولا التردي يتوقف عن مسيرته التي أجهزت علي كل شيء ، حتي كاد كل شيء يموت من زحف التردي علي كل الحياة.

 

وسيظل التردي يسير ولن يوقفه مجرد التفكير .

 

فالأمر في هذه العلاقة يحتاج إلي التطوير ، ويخرج التفكير عن صمته وعن عجزه ، ويحاول إيجاد وخلق أدواته التي يسير عليها ليصبح واقعًا ملموسًا ، وإن حدث ذلك فلربما يخشاه التردي ويُبَطْئ الخُطي حتى يري ويدرس المتغيرات التي يراها ويقرر هل سيتوقف عن الزحف وتقويض الحياة ، أم أن أدوات التفكير ضعيفة يستطيع تحطيمها واستكمال المسير نحو إعمار القبور.

 

كتبت كثيرًا عما وصلت إليه أحوال الناس حتى مللت ما أكتب ، ولكن كل يوم يزداد الأمر سوءًا ، فما عادت تُفلح مع هذا الغلاء كل الحيل.

 

والناس قد يئست وفي منتصف الطريق قد جلست ومددت سيقانها ، وما عادت تبالي بالنجوم وبلياليها الحسان النيرات ، أعيتهم الحيل وتحجرت في مآقيها الدموع ، والحسرة تدب في القلب ، كلما عَقدت مقارنة بين أحوالها الآن وأحوالها من خمس سنوات فقط ، كيف كانت الحياة حينها وكيف هي الحياة الآن.

 

كاذب من يدعي أو يقول أنه يحيا مستريحًا ، إلا إذا كان من عِلية القوم ومن لصوص أقوات الشعب ومن ذوي المناصب المسروقة ، والوظائف العليا التي يوضع فيها أشاوس الذود عن حياض النظام ، وذوي البزات الأنيقة ، القائمين بالدور الأدنى في أروقة و دهاليز الانقلاب.

 

جموع الشعب تعوي كما تعوي الذئاب ، جموع الشعب تصرخ صرخات مكتومة ، يتردد صداها في جنبات أعمارٍ من كثرة الحزن قد أوشكت علي النفاذ .

 

ويأتي بهاليل الانقلاب بحيلة بهلولية عميقة في الحمق والغباء ، ويقولون لا تحدثوا الناس عن الفقر وتخوفوهم من قلة الأرزاق ، ويطلبون منهم الاستغفار والتخلص من الذنوب والآثام .

 

مقولة حق أريد بها باطل .

 

وهل من استغفار في زمن الباطل وزمن الروبيضة أفضل من مناصرة الحق والذود عنه ومؤازرته .

 

هل من استغفار في وطنٍ أصاب أهله البكم أفضل من إعادتهم إلي فن الكلام .

 

هل من استغفار في ميدان التخاصم والتناحر أفضل من دعوة المتخاصمين والمتناحرين إلي السلام.

 

هل من استغفار في عصر التردي والجهالة أفضل من دعوة الناس إلي الإسلام.

 

استغفروا ربكم بقلوبكم وألسنتكم إذا ما كنا لا نملك غير الكلام.... فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ، ما لكم لا ترجون لله وقارا...

 

واستغفروا ربكم بفعال يرضاها الله ، وهل من عمل أرجي لرضوان الله فيه أكثر من دفع الظلم ومقاومة الظالمين .

 

لا تجعلوا كلام البهاليل ينسيكم ظلم الظالمين فهم يحترفون هذا الفن وترويج هذه البضاعة ، فهم يجعلونك تقتل نفسك وتلومها علي ما يحدث وينسونك من استغفلك واستعماك وفعل بك هذا حتى لا تتحدث أمامه ، وتظل خاضعًا له خضوع العبيد ،ويُجرفون عقلك بكلام يجعل الأمر يلتبس عليك فتبتعد عمن أرادوا أن يبعدوك عنه وبعدها أشعل النار في نفسك إن شئت فالانتحار ليس حرام في مذاهبهم طالما استطاعوا أن يُخضعوك لسيدهم وعن نقد سياساته يُبعدوك .

 

ارفعوا عن أنفسكم الهم والغم والحزن واليأس بالاستغفار ، ولكن مخطئ من يعتقد أن الاستغفار الذي يُذهب السيئات هو مجرد قولنا بألسنتنا أستغفر الله... فالاستغفار عبادة تنتظم في أدائها كل الجوارح.

 

ارفعوا عن أنفسهم المعاناة والغلاء والقهر والاستعباد واعتصموا بالله وقولوا للظالم لا...

 

 

 

أضف تعليقك