كلما ظهر أحد وأدلى بتصريح عن كواليس الانقلاب العسكرى على الرئيس المنتخب محمد مرسي مواقع التواصل الاجتماعى تشتعل بسبب هذه التصريحات، والسؤال هنا كيف لو أتيحت الفرصة للرئيس مرسى أن يتحدث، ويكشف عما فى جعبته من معلومات وحقائق حول الانقلاب العسكرى، والخونة والمتآمرين والمتواطئين مع قادة الانقلاب، وهو ما يفسر لنا سر الأقفاص الزجاجية والحديدية المضروبة حول الرئيس مرسى أثناء المحاكمات الهزلية، للحيلولة دون خروج صوته وظهور الحقائق، وإن كنا على يقين بأنه لا القضبان الحديدية ولا الأقفاص الزجاجية يمكن أن تحول دون ظهور الحقيقة!
وقد هالنى الاهتمام الكبير بتصريحات وزير الدفاع القطرى خالد العطية عن لقائه بالمهندس خيرت الشاطر، عقب الانقلاب العسكرى، وأنا أتساءل بدورى لماذا صمت المسئول القطرى طوال هذه المدة عن هذه المعلومات؟ هل لأن قطر ومعها قناة الجزيرة كانت تتستر على جرائم النظام السعودى والإماراتى ومن ورائهم النظام الانقلابى فى مصر؟ ولكن لما اكتوت قطر بنار الأشقاء وفرضوا عليها حصارًا ظالمًا خرجت شهادة المسئول القطرى!! وهل هذه الشهادة جاءت لتبرئة ساحة الإخوان من الاتهامات التى توجه لهم من الإعلام الانقلابى؟ أم هى شهادة تصب فى مصلحة قطر لفضح دول الحصار، خاصة دولة الإمارات، التى مارست كل أنواع العهر السياسى لدعم النظام الانقلابى، وحركة تمرد، كما ثبت من التسريبات التى بثتها قناة مكملين؟!
ونلاحظ هنا من خلال هذه الشهادة موقف المهندس خيرت الشاطر، سواء خلال مواجهته وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد وفضح الدور الإماراتى فى دعم الانقلاب، أو من خلال رده على الوفد الذى ذهب لزيارته فى سجنه، عندما أجابهم بوضوح أن مصر لها رئيس هو محمد مرسي فليذهبوا ليتفاوضوا معه!!
فقد قال "العطية": واتصل بي وزير الخارجية الأمريكي آنذاك "جون كيري" واللواء العصار يطلبان مني أن أستأذن الأمير للقاء خيرت الشاطر ومرسي وقادة الإخوان والتحالف، (تحالف دعم الشرعية المؤيد لمرسي)، ووافق الأمير على ذهابي إلى مصر، وأن العطية اشترط عليهم أن يقابل الرئيس مرسي، فوافق اللواء العصار على شرطه، فيقول: ولما وصلت كان أول لقاء مع خيرت الشاطر في السجن، وأصر المصريون على حضور وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد ومساعد وزيرالخارجية الأمريكي وليام بيرن وأنا أيضا، واستغربت من كلام الشاطر الذي كان يوجه كلامه للشيخ عبد الله بن زايد يعبر عن إحساسه بالألم، وأن ما حدث هو طعنة في الظهر، وكأنه كان فيه تفاهمات سابقة، ومع ذلك فإن المهندس خيرت الشاطر أبدى استعداده لحقن الدماء والجلوس لطاولة الحل للوصول للتفاوض وحل المسألة سلميا، ولكن بعد خروجنا من السجن يفترض أن نزور الرئيس مرسي، وبقدرة قادر تم إلغاء اللقاء بسبب غامض ومجهول، وعندما رأيت التملص من الوفاء بشرط لقائى بالرئيس مرسي، قررت مغاردة القاهرة!
لكن للأسف حاول العطية أن يجعل من مواجهة المهندس خيرت الشاطر لوزير خارجية الإمارات بأنها جاءت على خلفية تفاهمات سابقة بين الطرفين، كيف يكون هناك تفاهمات كما زعم العطية، وقد كانت كلمات الرجل فى غاية العنف، وقد اتهم فيها الإمارات بالخيانة والمشاركة في مؤامرة الانقلاب!!
ونحن هنا نفند شهادة العطية بزعمه أن هناك تفاهمات سابقة مع دولة الإمارات بشهادة الدكتور محمد محسوب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية فى عهد الرئيس محمد مرسى الذى قال: لم يكن فى ظني أن هناك أي تواصل أو تفاهمات بين السلطة فى مصر وقت الرئيس مرسي ودولة الإمارات، وأنه شخصيا التقى وزيرا إماراتيا ولمس منه عدم قبول الإمارت لكل ما نتج عن ثورة الخامس والعشرين من يناير فى مصر فضلا عن الإخوان!! فلا أدرى عن أى تفاهمات يتحدث العطية؟
والطريف أن مستشارة "عدلي منصور" "سكينة فؤاد" قالت فى تعليقها على تصريحات العطية: إن ما قاله العطية هو ما عُرض على الإخوان، وأعرف أنهم رفضوه وتمت محاولات كثيرة للفض السلمي لرابعة، وكان قائد الانقلاب حريصا على حقن الدماء، وأن ما ينسب إليه من رغبته فى الدماء غير صحيح بدليل أنه قام بدعوة الإخوان لاجتماع 2013/7/3 ولم يحضروا!! كان يجب عليهم أن يحضروا لباركوا لقائد الانقلاب انقلابه على التجربة الديمقراطية وإرادة الشعب!!
وعلى ما يبدو أن اللقاء الذى تم مع المهندس خيرت الشاطر فى السجن كان يهدف لإظهار أن الرئيس محمد مرسي ليس له قيمة ولا يملك قرارا حاسما أو نهائيا في الأزمة الحالية، وهو ما يؤدي بالتالي إلى ضعف الاهتمام الدولي به وتقليل المطالبات الدولية بالإفراج عنه، وأن الشخص المعنى بإنهاء الأزمة السياسية الراهنة هو "خيرت الشاطر" لأنه هو صاحب القرار الفعلي والنهائي في الجماعة، وليس الرئيس محمد مرسي!!
كما أن مفوضة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "كاثرين أشتون" قامت بممارسة ضغوط كبيرة لقبول الأمر الواقع بعد الانقلاب، وعندما التقت الرئيس مرسي طالبته بالرضوخ والقبول بالانقلاب، وهو ما رفضه الرئيس مرسي فى حينه، ورفضه المهندس خيرت وقال لمن تواصل معه بهذا الشأن اذهبوا إلى الرئيس مرسي!!
ولا شك أن هذا الموقف ليس غريبا على المهندس خيرت شاطر، ففي ثورة يناير 2011 حدث موقف مشابه عندما أرسل نظام حسني مبارك للإخوان يساومهم على الإفراج عن قيادات الجماعة وبينها الشاطر، مقابل امتناعهم عن المشاركة في الثورة، ولكن الشاطر أرسل من سجنه للإخوان قائلا: لا تفاوضوا على حريتنا واعتبروني ميتا!!
هل بعد كل ذلك.. يخرج علينا من يقول: إن هناك تفاهمات سابقة بين الإخوان ودولة المؤمرات المتخلفة راعية القلاقل والاضطرابات فى المنطقة بأسرها؟
أضف تعليقك