نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تدوينة للصحفي المخضرم والمدون لويس باسيتس، تحدث فيها عن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والانقلاب الذي قاده مؤخرا.
وعلى خلفية هذه الأحداث، أثار العديد من المحللين جملة من التساؤلات حول المواثيق التأسيسية التي تنظم الحكم في المملكة العربية السعودية.
وقال الكاتب، في تدوينته ، إن انتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة، قد أطلق عنان لحرب حقيقة بين السنة والشيعة من جديد. وتمثل ساحة هذه المعركة الإطار الأمثل لاستمرار التنافس بين المملكة العربية السعودية وإيران من أجل الهيمنة الإقليمية.
وبين الكاتب أنه بعد استعادة الموصل، سقطت الرقة، ولم يتبق شيء من "الخلافة"، وعقب هذا الانتصار على حساب تنظيم الدولة، بدت إيران متفوقة استراتيجيا. وقد تجلى ذلك من خلال استمرار تمركزها في منطقة الشرق الأوسط وهيمنتها على حيز إقليمي له وزنه. وفي الأثناء، وصل التوسع الإقليمي الإيراني إلى حدود لبنان، وامتد إلى ميناء طرطوس، نقطة الدخول إلى البحر الأبيض المتوسط.
وأوضح الكاتب أن تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة لم يكن ليمر مرور الكرام دون رد فعل. وبناء على ذلك، وقع "الإعداد" لردود الفعل داخل مكاتب البيت الأبيض، انطلاقا من رفض ترامب المصادقة على الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمه سلفه أوباما. وفي مرحلة موالية، "تبلورت" الإجابة على تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة في مكاتب الرياض، التي ترتبط فيها السياسة الخارجية بالسياسة الداخلية بشكل وثيق.
وذكر الكاتب أن نتيجة المخططات الأمريكية السعودية، تجسدت من خلال "انقلاب انطلاقا من هرم السلطة". وعموما، لا يعد هذا الانقلاب الأول من نوعه في القصر الملكي السعودي، بل يمثل الانقلاب الثالث وذلك بقيادة محمد بن سلمان ضد أعمامه وأبناء أعمامه. ولكن يعتبر هذا الانقلاب الأول من نوعه من حيث حجمه وحدته.
وأورد الكاتب أن عملية التطهير التي قام بها بن سلمان، كانت على الطريقة الستالينية، أو أشبه بليلة السكاكين الطويلة على طريقة هتلر، ويتمثل الفرق الوحيد بين هذه الوقائع وتحركات بن سلمان أنه لم تقع إراقة أي دماء على العلن، في الوقت الراهن. علاوة على ذلك، لم يتجه المعتقلون هذه المرة إلى معسكرات غولاغ أو معسكرات الإبادة، بل كانت وجهتهم فندق ريتز كارلتون في الرياض الذي تحول إلى سجن خاص بالأمراء السعوديين.
وكشف الكاتب أن المملكة السعودية تشهد في هذه الفترة عملية انتهاك وكسر للمواثيق التأسيسية، ناهيك عن قطيعة مع المؤسسات الدينية. كما تم القضاء على الفروع المختلفة للعائلة المالكة. علاوة على ذلك، تم إلغاء الاتفاقيات مع واشنطن التي تم التأسيس لها في عهد أوباما (المتمثلة في تقديم النفط مقابل الأمن)، وتحولت هذه الاتفاقيات التاريخية إلى مجرد صفقات، أي مجرد عروض تماما كما يحبذ رجل الأعمال، ترامب، وبشدة.
في الوقت نفسه، يرغب ولي العهد، محمد بن سلمان في تأسيس دولة أكثر ليبرالية، وأكثر إنتاجية على المستوى الاقتصادي. ولكن الرجل القوي في المملكة العربية السعودية يرغب في إدارة هذا البلد بقبضة من حديد على حد سواء، وذلك حتى تكون المملكة على استعداد للتعامل مع فترة ما بعد التخلي عن النفط.
وأضاف الكاتب أنه على الرغم من إزاحة كل العقبات الداخلية، إلا أن الهدف الرئيسي لبن سلمان يتمثل في التخلص من العقبات الخارجية التي تتلخص في العدو اللدود للمملكة، إيران. وتعول المملكة العربية السعودية في هذه المهمة على التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
وفي الختام، شدد الكاتب على أن بن سلمان، رجل استبدادي، متصلب في قراراته ومتعنت. علاوة على ذلك، يتسم ولي العهد السعودي بطموح مبالغ فيه ويرغب في التحول إلى أبرز مصلحي المملكة السعودية، ليكون مثل جده عبد العزيز آل سعود. وعلى الرغم من قرارات بن سلمان الرامية إلى الانفتاح التي لم تخل من التحديث، إلا أن أداة القوة التي يوظفها ولي العهد هي الأقدم على الإطلاق، ألا وهي الحرب.
أضف تعليقك