• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

كنت أتمني أن يدع الشيخ محمد حسان ما يريبه إلي ما لايريبه، وأن يترك السياسية لأهلها، لاسيما وأنه أثبت منذ أن بدأ الحديث فيها، كالذي تتخطبه الشياطين من المس، فيؤيد مبارك بالباع والذراع، ويندد بالثورة، وعندما يكتشف أن النصر لها يذهب إلي ميدان التحرير مؤيداً ومعتذراً، فيطرده الثوار، ويضعنا بذلك في حرج شديد، ونحن الذين تربينا علي توقير رجال الدين، وان كانوا من رجال السلطة!.

الشيخ محمد حسان وقف في الأراضي المقدسة خطيباً ومراسلاً.. فخطب في الحجيج، وأرسل رسالة من هناك لمحطته التليفزيونية " الرحمة"، وفي الخطبة والرسالة تصور أمراً لا أساس له، وهو ان هناك من يريدون " كسر الجيش"، كما كسروا جهاز الشرطة من قبل، وعليه فقد أفتي بان هؤلاء هم دعاة فوضي وفتنة، وانطلق يعلن بأنه إذا حدث وتم كسر الجيش فلن يأمن احد علي نفسه في غرفة نومه.

لا اعرف من الذي أوحي للشيخ بأن هناك من يسعي لكسر الجيش؟!.. فالذين يختلفون مع المجلس العسكري في إدارة شئون البلاد، لا يستهدفون كسر الجيش، فالجيش المصري مكانه في قلوب المصريين محفوظ، لكن الشيخ يحدث له خلط بين الأمور، كالذي حدث عندما خلط بين حسني مبارك ومصر، وبينه وبين الإسلام، وأتهم الثوار في عقيدتهم، لأنهم خرجوا علي عبد الله الصالح مبارك، ولي أمر المؤمنين، علي نحو أوحي لنا بأن الرئيس المخلوع هو عمر عبد الخطاب مثلاً، وان الذين خرجوا عليه هم الخوارج الذين قاتلوا سيدنا علي بن أبي طالب، وعليه فقد أبدي حسرته العظيمة لأن الدولة أغلقت المحطات التلفزيونية الإسلامية، والتي لو كانت باقية لتم التصدي من خلالها للثورة، وقد ظن فضيلته ان الثوار تتعلق أعينهم بفمه في انتظار فتوي منه تبيح الخروج أو تحرمه؟!

الرجل بتراجعه بعد ذلك، أكد لنا أن ما قاله دفاعاً عن مبارك لم يكن نتيجة فهم مشوش لأحكام الدين، ولكنه السعي للتقرب من الحكام، وحب الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة، ولهذا عندما أيقن ان " ولي أمر المسلمين" حسني مبارك سيغادر لا محالة، ذهب إلي الثوار طلباً للعفو، الذي لم يقبلوه منه، فالسلفيون وهم يروجون لفقه الانبطاح مثل أطع ولي الأمر وان جلد ظهرك واكل مالك يفعلون هذا تقية، وقد كان في ميدان التحرير ومنذ اللحظة الأولي اثنان من أئمة السلفيين في مصر: الشيخ فوزي السعيد، والشيخ محمد عبد المقصود لا يضرهما من ضل.

لقد تم استدعاء الشيخ محمد حسان، من قبل المجلس العسكري للقيام بوأد الفتن التي قام بها السلفيون، وكان هذا خصماً من رصيد الدولة المدنية، ليس لأن شيخاً يقوم بهذه المهام، ولكن لأن الدولة المدنية يكون الحكم فيها للقانون. وقد كان فضيلته يجد في هذا الدور ما يقربه " لأولي الأمر الجدد" زلفي، ثم كانت المصيبة الكبري عندما فشل في مهمة إطفاء الحريق الذي نشب في محافظة قنا، وأهين هناك علي نحو أسفت له كثيراً، وكانت المشكلة انه ذهب إلي قنا، كما ذهب بريمر إلي العراق، وعلي قاعدة الاستشراق، فقد تصور انه سيشاهد حشداً من السلفيين يقود المظاهرات ضد قرار تعيين قبطي محافظاً ، فاته ان سلفياً موتوراً هو من أشعل النيران ليصبح الملف برمته بعد ذلك بيد زعماء القبائل، وهؤلاء يحتاجون الي رجال في قدر المفتي وشيخ الأزهر يعرفون كيف يتعاملون معهم، وأين يكون اللقاء بهم، لان شيخنا حسان ذهب الي موقع الحدث، وظن انه سيعطي إشارة بعودة المشاركين فيها الي بيوتهم فيعودوا سمعاً وطاعة.

بعد هذه الحادثة تحول الشيخ إلي ورقة محروقة سياسياً ولم يجر استدعاؤه لأي مهمة ومن المؤكد انه بما فعل ساع للقرب من جديد، وهذا حقه فالدنيا حلوة خضرة لكن عليه ان يعلم ان الخلاف سياسيا مع إدارة المجلس العسكري للبلاد لا تعني ان احداً يريد كسر الجيش، فليطمئن وجدانه، إن كان حقا منزعجا.

أضف تعليقك