مائة عام مرت على جريمة العصر في حق أمتنا العربية والإسلامية وضد فلسطين، أرضًا وشعبًا؛ ففي مثل هذا اليوم، الثاني من نوفمبر عام 1917م، أعلنت بريطانيا - عبر التصريح المشؤوم لوزير خارجيتها "آرثر جيمس بلفور" - إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، مطلقة إشارة البدء لأبشع احتلال كابده شعب فلسطين، ومفجرة أخطر كارثة أصابت المنطقة العربية.
لقد جسد ذلك التصريح المشؤوم مشروعًا استعماريًا استيطانيًا في المنطقة، يعد الكيان الصهيوني رأس الحربة فيه؛ بهدف السيطرة على المنطقة، وضرب استقرارها ونهب ثرواتها والتحكم في مصائر شعوبها.
وقد انتبهت شعوب الأمة العربية والإسلامية لخطورة ذلك "الوعد" منذ البداية، وانتفض الشعب الفلسطيني ثائرًا ضده، وقامت حركات الجهاد والتحرر بمقاومة هذا المشروع الاستعماري، وقدم العديد من أبناء الأمة المخلصين أرواحهم فداءً لوقفه، وهبت الشعوب العربية والإسلامية عامة، والشعب المصري خاصة، وفي القلب منه جماعة الإخوان المسلمين، لنصرة فلسطين، عبر كتائب المتطوعين التي تدفقت على أرضها جهادًا في سبيل تحريرها، وتخليص مقدساتها، بعد أن أجمع علماء الأمة على أن فلسطين وقف إسلامي من النهر إلى البحر، وتحريرها أمانة في عنق الأمة، وليس لأحد - كائنًا من كان - التفريط في ذرة تراب واحدة منها.
وبعد أن كاد المجاهدون يطهّرون فلسطين من الاحتلال، تم سحبهم والزج بهم في السجون والمعتقلات، وتم حل جماعة الإخوان التي كانت تقود التعبئة والجهاد، واغتيال مؤسسها ومرشدها الإمام حسن البنا يرحمه الله.
وتوالت التطورات وتمكن الكيان الصهيوني من فرض سيطرته على كامل أرض فلسطين عبر سلسلة من الحروب، منيت فيها الجيوش العربية بهزائم متتالية عام 1948م وعام 1967م، حتى وصل الأمر إلى تمكن الكيان الصهيوني - بدعم من القوى الكبرى - من انتزاع اعتراف بعض الأنظمة العربية به، وتوقيع اتفاقيات ما يسمى بالسلام معه، والتي أقرت بمعظم الأرض للصهاينة، وبقي القليل منها للشعب الفلسطيني الذي يعيش معظم أبنائه في عالم الشتات.
واليوم، ونحن نعيش أجواء ذكرى هذه النكبة، تذكر جماعة الإخوان المسلمين الأمة بهذه الجريمة النكراء، مؤكدةً أن قضية فلسطين ستظل القضية المركزية للأمة حتى يتم تحرير كامل ترابها من المحتل الغاصب، دون التخلي عن الحقوق والمقدسات الإسلامية، كما تؤكد الجماعة مضيها قدمًا في تربية أبنائها على العمل الدائم لتحرير فلسطين، وتحرير الإنسان المسلم من ربقة الظلم والطغيان (وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم: 6).
والله أكبر ولله الحمد
جماعة الإخوان المسلمين
الخميس ١٣ صفر ١٤٣٩هجريًا = الموافق ٢ نوفمبر ٢٠١٧ ميلاديًا
أضف تعليقك