منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي عام 2013، تعيش مصر حالة من القمع لما تشهدها من قبل، بما في ذلك أسوأ الفترات في الخمسينيات والستينيات تحت حكم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر.
وتستهدف سلطات الانقلاب -باسم الأمن- أي صوت لا يؤيدها، ولا أحد في مأمن من ذلك، فسجل مصر في حقوق الإنسان في تدهور مستمر.
وتتوالى صور القمع وأشكاله في مصر، فمن اعتقالات غير مبررة لحجب المواقع الصحفية إلى منع مقالات تحمل بعض العبارات المعارضة لسياسات العسكر الفاشلة التي أدت لتردي غير مسبوق في كل المجالات.
منع المقالات
استولت سلطات الانقلاب على كل أشكال الإعلام في مصر حتى يمكنها عرض ماتريده فقط على الشعب، فبعد حجب المواقع المعارضة والاستيلاء على الفضائيات، تم منع مقال الكاتب الصحفي فهمي هويدي في جريدة "الشروق"، فيما اعتذرت الكاتبة غادة شريف عن الاستمرار في كتابة مقالها بجريدة "المصري اليوم" لتخفيف الضغوط التي تمارسها ميليشيات الانقلاب ضد الصحيفة بسبب مقالها اليومي الذي أصبح يثيرالكثير من التوتر للسلطات الانقلابية.
ومنعت جريدة "الشروق" نشر المقال الأسبوعي للكاتب الصحفي "فهمي هويدي"، في عددها الصادر أمس، الثلاثاء، بحسب هويدي، الذي قال في تصريحات صحفية، إنه أرسل المقال لنشره في موعده اﻷسبوعي المعتاد، وذلك بعد عودته من إجازة بدأها في يوليو الماضي، لكنه لم يتلق توضيحًا لسبب الامتناع.
وأشار "هويدي" إلى أنه تواصل مع رئيس التحرير "عماد الدين حسين"، الذي أخبره بأنه ينتظر موافقة مجلس اﻹدارة، ولم يتلق أي رد آخر.
وأضاف قائلًا: "واضح أن أنا كمان محجوب"، مشبّهًا عدم نشر مقاله دون توضيح أو رد بالحجب الذي تعرضت له مئات المواقع اﻹلكترونية في مصر.
وكان "هويدي" قد بدأ في اﻷول من يوليو الماضي إجازة سنوية، نشرت الجريدة تنويهًا بخصوصها، قرر مدها عدة شهور، ﻷسباب اكتفى بوصفها بأنها "خليط من العام والخاص"، قبل أن يقرر العودة هذا اﻷسبوع.
وشهد العام الماضي أزمة بين هويدي والشروق، بعدما اتهم الكاتب، في مقاله اليومي في 7 سبتمبر 2016، رئيس التحرير عماد الدين حسين "بحذف وتعديل" بعض أجزاء مقاله اﻷسبوعي في اليوم السابق، والذي ناقش فيه "دور الجيش المصري في الاقتصاد".
فيما أعلنت الدكتورة غادة شريف عن توقف مقالها اليومي بجريدة "المصري اليوم"، بعد الضغوط التي تمارسها ميليشيات الانقلاب ضد الصحيفة، والتي قد تتسبب في "قطع عيش العاملين بالمصري اليوم" على حد وصفها.
وشهدت الأيام القليلة الماضية سطوا على الموقع الرسمي للجريدة وتم خلاله دس مقال لـ"الشريف" لبث الفرقة بين النشطاء السياسيين المعارضين للسيسي، بالإضافة إلى منع مقالها أمس الثلاثاء والذي كان يتناول هجوما على ضباط يوليو.
انتقادات حقوقية
انتقدت العديد من المنظمات الحقوقية سياسة حجب ومنع النشر لآلاف المواد الصحفية وإغلاق نحو 200 موقع وصحيفة، بجانب اعتقال نحو 150 صحفيًا.
وفي يناير الماضي، جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية إن حكومة الانقلاب ستستمر في وتيرة القمع وفي غياب ردة فعل قوية من المجتمع الدولي، حتى تقضي على مساحة الحريات الأساسية في مصر".
وقال ستورك : "على المجتمع الدولي أن يعي أن حقوق الإنسان في مصر تدهورت أكثر بكثير مما كانت عليه قبل ثورة يناير 2011، وأن هناك حاجة لجهود متفق عليها ومنسَّقة للمحافظة على ما تبقى من المجتمع المدني قبل القضاء عليه كليًا".
كما تتزايد الانتقادات الحقوقية بسبب ما تشهد مصر من تفش للإخفاء القسري والإعدام خارج نطاق القانون والحبس الانفرادي والاستخدام المفرط للقوة واستخدام الأسلحة النارية أو العربات المدرعة، أو غيرها من معدات قمع المظاهرات السلمية ضد حكم العسكر.
أضف تعليقك