كلاكيت ثاني مرة ، وثالث وعاشر ، لستم بشر ، لا تستحقون أن تعاملوا كآدميين ، يعلنها السيسي صراحة أمام عدسات الكاميرات ويشاهده الملايين ، المصريون ليسوا كالأوربيين ، الأخيرون بشر ، دولتهم متقدمة ، يعيشون في أوروبا ، ولهم كامل الحقوق ، فكيف تطالبونني باحترام حقوق المصريين ، لا يمتلكون أيا من حقوق الإنسان ، لا طعام جيد ، ولا مسكن جيد ولا وظيفة ولا تعليم ولا حتى علاج ، فلماذا تسألونني عن حقوقهم السياسية وحقهم في الكرامة والاحترام،
لم تكن المرة الأولى التي يهين فيها سيسي شعب مصر ، سبق و فعلها قبل عام ، في زيارة أخرى لفرنسا ، أكد فيها عدم جواز مقارنة الشعب المصري بالفرنسي والمطالبة بإعطائه حقوقه الآدمية كالأخير ، قائلا لهم : لا تقارنون مصر بفرنسا ، فأنتم شعوبا اجتازت حقبا من التحضر والتقدم ، لسنا مثلكم
وبالأمس ، وقف السيسي أمام ماكرون ليقولها ثانية : لسنا في أوروبا ، لدينا شعبا لا يمكن التعامل معه كآدميين،
تقدم الدولة في نظر السيسي هو ما يعطي شعوبها كامل الحقوق ، بينما أنت أيها المصري ، تعيش في دولة متخلفة وفقيرة (بحسب زعمه) فكيف تعتبر نفسك بشر وتطالب بحقوقك كإنسان ،
بعيدا عن ذلك الغباء المستشري في الطرح ، وتبرير السيسي عدم اعطائه المصريين حقوقهم الإتسانية في الكرامة والاحترام واختيار حاكمهم ، لافتقادهم بقية الحقوق ، من يمكننا أن نلومه في تقدم الدولة ، أليس حاكمها !!
وهل رأينا ورأى العالم على مر التاريخ ، حاكما يتعمد إهانة دولته وإهانة شعبه ، مثلما يفعل السيسي؟!!
وهل نفهم من ذلك ، أن مهمة السيسي لا تقتصر فقط على تدمير الواقع المصري ، ورهن المستقبل وتغيير قواعد الجغرافيا وتشويه التاريخ ، بل قبل ذلك كله ومعه ، يأتي تدمير العنصر البشري ، من خلال تمريغ كرامة المصريين في الوحل ، كي لا يستطيع مصري أن يرفع صوته بعد اليوم فضلا عن رأسه.
لم يعد تدمير اقتصاد مصر وإفقار شعبها ، والتنازل عن نيلها ، والعبث بمحور أمنها القومي "سيناء" ، ثم بيع أراضيها لدول الجوار " تيران وصنافير" ، وتضييع ثرواتها في شرق المتوسط "حقول الغاز" ، هي أكبر خطايا السيسي وجرائمه، بل أيضا تضييع هيبة مصر وقوتها الناعمة ومكانتها كدولة إقليمية كبرى ، باتت محلا للسخرية ، ورمزا للتسول والضآلة والاضمحلال.
حينما عنونت الإيكونوميست البريطانية ، المجلة الإقتصادية الأشهر في العالم ، سلسلة تقارير لها بعنوان تخريب مصر ، في أغسطس الماضي ، واصفة ما يفعله السيسي بالإقتصاد المصري ومجالات الصناعة والزراعة والسياحة ، بكونه تخريب متعمد ، لم تكن ثمة مبالغة من خبرائها المحترفين ، بل هي وصف منطقي وموضوعي لكل ما ترصده لنا المؤشرات على كافة الأصعدة.
يبدو وكأن السيسي دخل سباقا مع من سبقه من حكام عسكريين ، قطار التأخر الذي قاده سلفه عبد الناصر ، يسير اليوم بسرعة الصاروخ ،
وحين يصر الأول على أننا لسنا كأوروبا واصمنا بلادنت بالتخلف ، فعلينا أن نبحث عمن كان السبب في ذلك
كتبتها من قبل ، ومازلت أرددها إلى الآن.
بين مشهد الملك فاروق وهو يرسل يخت المحروسة إلى الملك المؤسس للسعودية الراحل "عبد العزيز بن آل سعود" ليأت به إلى مصر.
وفيديو "سيسي" وهو يصعد إلى طائرة ابن الملك عبد العزيز ،الملك الراحل "عبد الله" ،وتقبيله لرأسه ثم جلوسه منزويا على كرسي جانبي ليتلقى التعليمات ويتسول منه،
ستون عاما من حكم العسكر لمملكة مصر والسودان ،
تلك المملكة التي كانت تضم دولة السودان بكاملها واجزاء من ليبيا وتشاد وقطاع غزة، بل وطلبت أوغندا من الملك فاروق عام 1950 أن تكون جزء من حدود مصر تحت التاج الملكي المصري.
كان معروفا في الدول الأوروبية، وخاصة بريطانيا، أن "مصر تنتج، والعالم يستهلك"، ظلت مصر الدولة رقم 1 في العالم في إنتاج القطن وتصديره بأجود الأنواع ،حتى أوائل الخمسينات ،كانت لدى مصر أهم وأشهر بورصة قطن في العالم وهي بورصة "مينا البصل"،
وحاز مجموع المعاملات وقيمة التداول لبورصتي القاهرة والإسكندرية على المرتبة الرابعة عالمياً في فترة الأربعينات،
كانت مصر أول دولة في العالم تقوم بتشغيل محطة كبيرة في المعادي لتوليد الطاقة الشمسية عام 1911 .
وجاءت إلى مصر عام 1862 بعثة يابانية لدراسة أسباب نهضة مصر وتقدمها لتستفيد منها، وأصيبوا بالدهشة مما شاهدوه.
كانت مصر تمتلك اعلى غطاء نقدي عالمي ، وكان الجنيه المصري يساوي جنيه ذهب ، ويعادل 7 جنيه استرليني و50 فرنك فرنسي،
ونسبة البطالة أقل من ٢% ،وكان الاوروبيون يأتون لمصر ليعملوا في مهن متواضعة كالنادل والسايس والحلاق ،
وعندما يأتي طبيب إنجليزي إلى مستشفى قصر العيني، لم يكن يُسمح له بمزاولة المهنة إلا بعد الحصول على شهادة (معادلة) مصرية ، وكانت الرعاية الصحية علي نفقة الدولة والعلاج مجانا للجميع.
كانت إنجلترا مدينة لمصر ب 350 مليون جنيه استرليني،
والقاهرة أجمل مدن العالم،والشوارع فيها تغسل بالمياه والصابون وترش بماء الورد يومياً.
والدول الإفريقية جميعها تطلق على مصر لقب "الأخ الأكبر"
فاستلمها العسكري الأول ، مؤسس دولة الجيش المحتلة ، لتتحول على يديه المملكة الكبيرة إلى جمهورية مصر العربية الشحاذة ،ويتركها مثقلة بديون تتخطى ال 2 مليار دولار،
بعد أن تخلى طواعية عن كامل أراضي السودان،و قد انتزعت منه إسرائيل قطاع غزة ، وثلث مساحة مصر ممثلة في "شبه جزيرة سيناء، بعد ان صفعته على وجهه، وضربت جيشه بالحذاء.
ترك البلاد مدمرة منهكة على كافة الاصعدة"، لا يستطيع المواطن فيها أن يرفع رأسه ،سوى على مقصلة الإعدام،
كانت قاطرة العسكر تسير بسرعة رهيبة نحو الهاوية ،لم تتوقف سوى عام واحد يتيم هو العام الذي حكم فيه الرئيس الشريف ، الدكتور "محمد مرسي"، والذي تصور أنه بعد إيقاف سير القاطرة وإندفاعها إلى القاع ، يمكنه العودة بها إلى الوراء،للخروج من هذا المستنقع السحيق، ولم يدر أن قاطرة العسكر لا تملك اساسا سوى القدرة على السير للأمام ، خشي الرئيس طاهر اليد ،أن يستبدل القاطرة بغيرها فتنهار الدولة "هكذا تصور".
حينما ثار الشباب في الخامس والعشرين من يناير 2011 استطاعوا أن يسقطوا رأس الدولة المخلوع اللامبارك ، وبسقوطه انفتح الغطاء، وشاهد المصريون بأم أعينهم بلاعة العسكر الفاسدة وقاعها السحيق ،وهي تفور بما فيها من فضلات وقاذورات وفساد،
ولأن السياسة في مصر كانت مؤممه منذ 60 عاما، والجميع لا يملك لا الخبرة ولا الرؤية ولا التصور ، بما فيهم الإخوان، في الوقت الذي كان غيرهم لا يفتقر فقط إلى الرؤية، بل مشبعة أنفسهم بالنهم والحقد والأطماع.
أهمل الجميع ،وأخطأ الجميع،وتركوا "البلاعة" تفور بقاذوراتها، واكتفى الرئيس المحترم ، بتنظيف ما يخرج منها ، ورش معطرات للجو ،
حتى تحولت الصراصير إلى تماسيح ، والديدان إلى ثعابين ،وابتلعوا كل شيء ،وطفحت المجاري فأغرقت البلاد.
منذ الإنقلاب المشئوم ، يجزم المصريون انه لا قاع تبقى لنصل إليه، قد وصلنا أخيرا إلى أسفل سافلين.
ويثبت لنا كل يوم "سيسي" أن هناك قاع أسفل القاع، وأن الحضيض المقصود، لم نصل إليه بعد،
ثار المصريون على مبارك بعد أن فقدت مصر على يديه مكانتها كأخ أكبر، وأصبحت تابع لأمريكا وإسرائيل، كنا نعتقد وقتها ان هذا هو القاع،
فأثبت لنا "سيسي" أنه يمكن لمصر ان تتحول إلى شغالة فليبينية تصعد طائرة سيدها لتقدم له فروض الطاعة والولاء،
ويقف من يسمى برئيسها أمام كاميرات العالم في أوروبا ، ليصم شعبها بالتخلف، ويستكثر عليه الحد الأدنى من حقوق الإنسان،
كان الإعلام المصري نموذجا للعهر والإبتذال حتى جاء "سيسي" ليثبت لنا ، أننا لم نكن نعلم شيئا بالمرة، عن العهر والإبتذال!!
تخرج صحف العالم ومانشيتاتها تتساءل إلى أي قاع يهوي الإعلام المصري ،إنهم يصفون أوباما بانه إخوان؟!!
يشعر المصريون بالعار من صورة مبارك التي زورتها جريدة الأهرام ،والتي كان يسير فيها في مؤخرة صف الزعماء، ليأتي سيسي بمشاهد تعجز مخيلة أبرع كتاب العالم ومؤلفيه أن تصنع شبيها لها في الضعة و الإهانة،
تارة يرتدي معطفا لحراس بوتين الشخصيين وهو في زيارة لروسيا ،ومرة يصعد لطيارة الملك السعودي ويقبل رأسه ،
ومرة يصطحب معه فرقة من الراقصات والداعرات والطبالين المأجورين ليهتفوا ويصفقوا له في ألمانيا،
وتارة يتكفل زعماء الدول الاخرى كإيطاليا وفرنسا بإهانته وتعمد تجاهله والإستهزاء به،
لم تترك كبرى صحف العالم وصفا مهينا إلا وخلعته عليه ، وبعد أن كان لدينا رئيسا -وهو "مبارك" - تصفه صحف العالم بالديكتاتور المصري ، او رجل امريكا في منطقة الشرق الأوسط،
أصبح لدينا ما تصفه الصحافة : بالديكتاتور الأخرق ، وتصفه الدول المضيفة بالزائر ثقيل الظل ، وصاحب الابتسامة البلهاء،
بينما صوره ومواقفه وحركاته وتعبيراته ،مادة دسمة للبرامج الساخرة في تليفزيونات العالم.
كان لدينا شرطة مجرمة تعذب معتقليها داخل السجون، فأصبح لدينا شرطة تصفي معتقليها قبل أن تعتقلهم ،وتقتلهم في منازلهم وداخل غرف النوم!!
كان لدينا دولة يسيطر فيها الجيش على ما يقرب من 60% من إقتصادها ،بينما ينخر الفساد فيما بقي منها،
فأصبح لدينا جيشا يبتلع في أحشاءه دولة، والفساد فيها كالدماء تجري في العروق!!
كان لدينا رؤساء من العسكر يعتقدون في العلمانية دينا ومذهبا، يكرهون الدين في أنفسهم، ويظهرون احترامه في العلن، ضيقوا على الناس ممارسة شعائرهم، ومنعوا المساجد من أن تقوم بدورها.
حتى جاء لنا رئيس يعلن صراحة أنه ما قدم إلا ليحارب نصوص الدين وعقائده ،بل ويصم مسلمي العالم كله بالإرهاب، ولم يكتف بغلق المساجد وتدنيسها وإقتحامها بالبيادات، بل هدم بعضها وأحرق البعض منها، وأدخل الدولة كلها في حرب مع جملة تدعو للصلاة على نبي الإسلام.
كان لدينا رؤساء من العسكر يفرطون في أمن سيناء ،ويتعمدون تهميشها ،وإفقار أرضها، وينسقون سرا مع العدو الصهيوني.
فجاء رئيس قرر أن يهجر أهلها أساسا،ويجرف أرضها من كل شيء حي، ليقدمها على طبق من فضة لعدو إسرائيلي ،بل ويعلن صراحة أنه لم يفعل ما فعل إلا لحماية أمن هذا العدو ،ينسق معه في العلن، ويترك طائراته تمرح على ارض سيناء لتقتل من تشاء، وتقصف ما تشاء.
مهما تصورت أنك رأيت القاع ،ستجد الارض تنشق من تحتك ليبرز قاعا أسفل منه،
ما فعله السيسي سيدرس حتما في كتب التاريخ ، تخريبه المتعمد للبلاد ، أقوى عليها من خوض ألف حرب وضربها بالقنابل النووية ، كل يوم يمر على وجود السيسي في الحكم ، سندفع في مقابله سنوات وسنوات لإصلاح ما دمرته يداه ،
السيسي لعنة بكل المقاييس ، ولن يرفعها عن الشعب سوى تعويذة من أربعة حروف : هي (ث و ر ة)
فهل ترانا نفعلها؟!
أضف تعليقك