لعبة مخابراتية، وملعوب جديد من ألاعيب شيحا (العسكر)، وأذرعهم الإعلامية، لذلك من الضرورى أن يمضى أبوالعلا، (كما في فيلم الزوجة الثانية) ليس فقط ليتنازل عن زوجته للعمدة المتنفذ، ولا لأن الدفاتر دفاترهم، لكن لكى تبنى السجون والمعتقلات، ونوادي الضباط وفنادق العسكر، لازم تبنيها.. عشان مانبقاش زي سوريا والعراق، وغير ذلك مما يطنطن به إعلام مسيلمة الكذاب لخداع البسطاء والسذج.
البصمة المخابراتية فى هذه الحملة المشبوهة واضحة، فقد دفعت المخابرات بعناصرها للترويج للحملة، من الأحزاب الكرتونية، وأعضاء برلمان العسكر، والإعلاميين وغيرهم على غرار ما تم فى استمارة “تمرد”، إذ تبين من الوثائق والتسريبات التي بثتها قناة “مكملين” لمدير مكتب وزير دفاع الانقلاب آنذاك، المعلم عباس ترامادول، ووزير الدفاع صدقي صبحي، حقيقة دور دولة الإمارات، وجهاز المخابرات الحربية، في تمويل حركة تمرد لاستخدامها فى تبرير الانقلاب العسكرى على الرئيس المنتخب محمد مرسي.
واليوم؛ تقوم الأذرع الإعلامية للشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد، بتسليط الضوء على توقيع حريم السلطان من الراقصات والساقطات وجواري الانقلاب، ونواب برلمان العسكر، والمشخصاتية ولاعبى الكرة، ومرتزقة النظام الانقلابي على استمارة “عشان تبنيها”.
ولأن قائد الانقلاب أقسم بالله العظيم ثلاثاً، أنه إذا لم يرد المصريون أن يكون رئيساً، لن يستمر ولو ثانية، وفي هذه الحالة ربنا يولي مصر الأصلح والأفضل، فقد جاءت الحملة لتحلة قسم قائد الانقلاب، وللتأكيد على أن الشعب هو من يطالب طبيب الفلاسفة بالترشح، على طريقة مظاهرات واعتصامات عبدالناصر لرفض الديمقراطية، وقد اعترف عبد الناصر لخالد محيي الدين كما ورد في صفحة 350 من كتابه (الآن اتكلم) عن مسئوليته في تدبير أحداث أزمة مارس 1954، فقد قال عبد الناصر بصراحة إنه رتب أحداث أزمة مارس وتحديداً إضراب عمال النقل وما لحق به من إضرابات ومظاهرات عمالية, وأن ترتيب هذه الأحداث كلفه أربعة آلاف جنيه!
ودفعت أجهزة المخابرات جهات صحفية موالية للنظام الانقلابي، بتبني حملة “عشان تبنيها”، مثل صحف ومواقع “اليوم السابع” و”صدى البلد” و”الفجر”، كما دفعت بعض الشخصيات المرتبطة بأجهزة المخابرات، لكى تقف خلف الحملة وعلى رأس هؤلاء، أحمد أبوهشيمة؛ فتى الانقلاب المدلل، الذى حل محل أحمد عز فى تجارة الحديد، وصاحب الإمبراطورية الإعلامية، التي تبنت الحملة من بدايتها، حيث انطلقت الدعوة الأولى لتدشين حملة “علشان تبنيها” من صحيفة “اليوم السابع” التابعة له، واللواء كمال عامر؛ رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي ببرلمان العسكر، ومدير الاستخبارات الحربية السابق، وأحمد الخطيب مؤسس الحملة والذى يعمل مدرساً مساعداً للعلوم السياسية, وباحثاً سياسياً لدى مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز إماراتي تابع لمؤسسة دار “الخليج” للصحافة والطباعة والنشر.
ومن هنا يتبين لنا وجه الشبه بين هذه الحملة المشبوهة، التى تديرها أجهزة المخابرات، وحملة تمرد ودور دولة الإمارات، ودور العقليات المخابراتية فى هذه الحملة، والتى لايهمها سوى بقاء الكرسى والزعيم الأوحد.
والسؤال هنا: لماذا كل هذه الضجة، إذا كان قائد الانقلاب كرّس فى يده كل سلطات الدولة، وسخرالإعلام العكاشى ليبث الأكاذيب وينشر أفلام الخيال العلمي لجنرالات عسكر كامب ديفيد، والتى كان آخرها أن “تحديات 25 سنة خلصناها في سنة و18 شهر”، وهي العبارة التي كشفت عن عبقرية قائد الانقلاب، لأن سنة وثمانية عشر شهراً، المفترض أنها تقال: عامان ونصف العام، إلا أن قائد الانقلاب أراد استعمال تركيبة رقمية جديدة!
وسوف يأتى بمحلل، من نفس الفصيلة الحمدينية، وفى مسرحية هزلية ليفوز بالانتخابات ويوهم العالم بأن هناك ديمقراطية.
فما معنى أن تقوم جهات مشبوهة بحملة مشبوهة, وتطبع استمارات وتطالب المواطنين بالتوقيع عليها، وإعلان موافقتهم على مطالبة قائد الانقلاب بأن يترشح مرة أخرى، ليتربع على كرسي الحكم أربع سنوات أخرى، ليستمر فى مسلسل تدمير الدولة، بعد أن وصل حجم الدين العام إلى نصف الميزانية، وهذا يعنى ببساطة أن نستدين لكى نسدد الدين، لا لنأكل كما يتوهم البعض.
وسوف يرقص هؤلاء المرتزقة، أمام اللجان ويتمايلون، وبعد ذلك يتباكون على الديمقراطية، وهم أول من ساهم فى وأدها.
ولكن “عشان تبنيها”، لابد أولاً أن تبني الإنسان، فهو أساس أي بناء أو نهضة، فأين الإنسان اليوم؟ هو إما مقتول أو معتقل أو مطارد، أو مقهور؛ يلهث من أجل لقمة العيش, وماشي جنب الحيط.
وعشان تبنيها، لابد من القضاء على الفساد والمفسدين من اللصوص والحرامية وعصابة على بابا.
عشان تبنيها لابد أن تبني المدارس والمصانع، وتهتم بالتعليم والبحث العلمي، بدلا من بناء السجون والمعتقلات والمشارح.
وأقول لكل من وقع الاستمارة:
كم مواطنا تلقى العلاج بجهاز كفتة اللواء عبدالعاطى؟
وكم مواطنا استفاد من إيرادات قناه مميش الجديدة؟
وكم مواطنا سكن فى مشروع المليون وحدة سكنية؟
وكم واحد تسلم الأرض فى مشروع المليون فدان؟
وقس على ذلك بقية المشروعات التى لم يعلن عنها بسبب أهل الشر!
لقد أقنعوا المواطن البسيط أن ارتفاع الأسعار بسبب جشع التجار، ولكن ماذا عن زيادة أسعار الكهرباء, والمياه, والغاز, والبنزين, والمترو, والدواء, والتموين، والاتصالات, والتعليم, وكلها قرارات اتخذتها الحكومة.. جشع من ياحضرة؟!
أحد هؤلاء المرتزقة كتب يقول: صوتنا لقائد الانقلاب لأنه وطني ومخلص فى عمله، ونكمل بناء وتنمية، ومش هينفع نجرب رئيس جديد الفترة دى، ومش عايزين رئيس مدني تاني، جربناه وطلع خاين!
للأسف .. الشعب مخدوع, والنظام الانقلابي مصاب بمتلازمة الشيخ حسني الكفيف، كما فى فيلم “الكيت كات”، مقتنع بأنه مبصر، ويقود دراجته النارية فى الشوارع المزدحمة.
أضف تعليقك