• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانيتين

أعلنت السفارة الأمريكية بالعاصمة التركية أنقرة، يوم الأحد، وقف إصدار تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة من السفارة والقنصليات الأمريكية في تركيا، إلى أجل غير مسمى، بهدف "تخفيض عدد المراجعين إلى السفارة والقنصليات الأمريكية الموجودة في تركيا". وجاء في بيان السفارة أن "الأحداث الأخيرة دفعت الحكومة الأمريكية لإعادة تقييم التزام حكومة تركيا بأمن البعثة الأمريكية وأفرادها".

وفي خطوة مماثلة وعملا بمبدأ الرد بالمثل، أعلنت السفارة التركية في واشنطن، مساء ذات اليوم، تعليق إجراءات منح التأشيرات للمواطنين الأمريكيين في مقرها وجميع القنصليات التركية بالولايات المتحدة. واللافت في الأمر أن العبارات التي وردت في بيان السفارة التركية بواشنطن كانت متطابقة مع ما جاء في بيان السفارة الأمريكية في أنقرة، حيث قالت السفارة التركية إن "الأحداث التي وقعت مؤخرا، دفعت الحكومة التركية لإعادة تقييم تعهدات حكومة الولايات المتحدة تجاه أمن موظفي البعثات الدبلوماسية التركية ومقراتها"، وأن القرار تم اتخاذه بهدف "تقليص عدد الزوار إلى أدنى حد في السفارة والقنصليات".

الأزمة بين أنقرة وواشنطن تصاعدت على خلفية اعتقال موظف تركي يعمل في القنصلية الأمريكية بتهمة التجسس ومحاولة الإطاحة بالحكومة المنتخبة. وكانت السلطات التركية سبق أن اعتقلت في فبراير / شباط الماضي موظفا تركيًّا يعمل مترجما في القنصلية الأمريكية بمدينة أضنة التركية، بتهمة التعاون مع حزب العمال الكردستاني وتحريض الشارع على أعمال العنف، إلا أن السفارة الأمريكية لم تحرِّك أنذاك ساكنا من أجل ذاك الموظف، ما يدل على أهمية دور موظف القنصلية الأمريكية بإسطنبول وحساسية ما يملكه من معلومات.

الأزمة الأخيرة بين أنقرة وواشنطن نتيجة طبيعية لخلافات وتوترات متراكمة، بدءا من دعم الولايات المتحدة لحزب العمال الكردستاني وصولا إلى احتضان زعيم الكيان الموازي فتح الله كولن، بالإضافة إلى تناقضات الإدارة الأمريكية التي تتلكؤ في تسليم المواطن التركي كولن إلى تركيا بحجة أن القضاء الأمريكي لا يسمح بذلك، ولكنها في الوقت نفسه لا تحترم قرار القضاء التركي وتطلب من تركيا عدم محاكمة مواطن تركي في بلاده.

تطهير الجيش والأمن والقضاء وغيرها من أجهزة الدولة، من خلايا الكيان الموازي، شكَّل ضربة غير مسبوقة لرجال واشنطن في تركيا. وذكرت وسائل الإعلام التركية أن الموظف المعتقل الذي كان يقوم بدور الوسيط بين الأمريكيين وعناصر الكيان الموازي، اعترف بأنه تلقى أوامره من مسؤول أمريكي للتواصل مع الانقلابيين. وبدأت النيابة العامة في إسطنبول إصدار مذكرات اعتقال، بناء على اعترافات موظف القنصلية الأمريكية. ويدور الحديث حاليا حول اختباء موظف تركي آخر في مبنى القنصلية الأمريكية بإسطنبول بعد صدور مذكرة اعتقال في حقه والتحقيق مع زوجته وابنته.

قبل اعتقال موظف القنصلية الأمريكية، تم اعتقال قس أمريكي في أكتوبر / تشرين الأول 2016 في مدينة إزمير التركية بتهمة التجسس والانتماء إلى الكيان الموازي. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثار الموضوع في منتصف مايو / أيار الماضي خلال اجتماعه مع رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان في البيت الأبيض، وطلب من الرئيس التركي أن يتدخل لإطلاق سراح القس أندرو برونسون، إلا أن أردوغان رد عليه قائلا: "أعطونا القس وخذوا القس"، في إشارة إلى تسليم كولن في مقابل تسليم برونسون.

قوات الأمن التركية ألقت في نهاية أغسطس / آب الماضي، القبض على مسؤول سابق في جهاز الاستخبارات الوطنية التركية، يدعى أنور آلطايلي، بتهمة الانتماء إلى الكيان الموازي. ويُتهم آلطايلي بدعم الكيان الموازي لتسهيل فعالياته في جمهوريات آسيا الوسطى، كما يُعد من أبرز تلاميذ العميل الأمريكي، روزي نظر، الذي عمل لسنين كمدير مكتب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" في أنقرة.

تركيا تقوم منذ محاولة الانقلاب الفاشلة بقطع أيادي "سي آي إيه" في البلاد، بالتوازي مع تطهير أجهزة الدولة من خلايا الكيان الموازي، التنظيم السري الذي يديره فتح الله كولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية. ولا غرابة في انزعاج الولايات المتحدة من هذا التطهير الشامل.

يرى محللون أتراك أن هناك خطوة تركية أخرى أزعجت واشنطن، ودفعتها إلى التعبير عن هذا الانزعاج من خلال تعليق منح التأشيرة. وهي العملية العسكرية التي أطلقها الجيش التركي في محافظة إدلب بشمال سوريا. ويشير هؤلاء إلى أن هذه العملية ستؤدي إلى إفشال خطة الولايات المتحدة لتقسيم سوريا، وإقامة دولة لحزب العمال الكردستاني في شمالها.

أضف تعليقك