تمر اليوم الثلاثاء 4 أكتوبر، الذكرى الأولى لاستشهاد القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد كمال ومرافقه ياسر شحاتة، على يد ميليشيات الانقلاب العسكري الغاشمة.
وجاء استشهاد كمال على يد ميليشيات وجدت أن تنفيذ أحكام الإعدام بالرصاص ميدانيًا أثناء توقيف المعارضين أقل كلفة، من محاكمات طويلة ستكلفهم العدل الذي لا يجيدونه ولا يعرفون عنه شيئًا.
وفي يوم الثلاثاء 4 أكتوبر 2016، أعلنت داخلية الانقلاب عن مقتل كمال ومرافقه "خلال تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن".
وزعمت داخلية الانقلاب، في بيان: إنه "حال مداهمة القوات الأمنية لإحدى الشقق الكائنة بمنطقة البساتين، فوجئت بإطلاق أعيرة نارية تجاهها من داخلها مما دفع القوات للتعامل مع مصدرها"، وهو البيان الذي رفضته الجماعة وكذبه النشطاء وغالبية المصريين، فهو صادر عن ميليشيات توقفوا عن تصديقها بسبب توالي جرائمهم دون حساب أو عقاب.
من هو محمد كمال؟
الدكتور محمد محمد محمد كمال الدين، المولود في محافظة أسيوط عام 1955، بدأ حياته الوظيفية معيدًا بقسم الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب بجامعة أسيوط عام 1984، ثم مدرسًا في عام 1992، وترقى لدرجة أستاذ مساعد بقسم الأنف والأذن والحنجرة في عام 1997، ومنح درجة الأستاذية في القسم والتخصص نفسه في عام 2002، ليتولى بعدها رئاسة القسم في عام 2011، وحتى الانقلاب العسكري عام 2013.
وانضم كمال إلى"جماعة الإخوان المسلمين" في مرحلة مبكرة من حياته وهو لم يتجاوز 15 عاما، وفرضت الأحداث التي مرت بها "الجماعة" بعد الانقلاب العسكري عليه تسلم مناصب قيادية في "الإخوان".
وفي عام 2011، عين مسؤول المكتب الإداري لـ"الإخوان المسلمين" بأسيوط، وأصبح عضوًا بمكتب الإرشاد، ومسؤولًا عن مكتب الإرشاد في قطاع جنوب الصعيد ومشرفًا عامًا عليه.
محمد كمال كان من بين المعتصمين في "ميدان رابعة العدوية" لرفض الانقلاب العسكري، والمطالبة بعودة الرئيس مرسي إلى الحكم، وكان من المشاركين باجتماع شورى عام "جماعة الإخوان المسلمين" داخل الاعتصام، والذي أقرت فيه "الجماعة" برفض التفاوض مع الانقلاب وإقرار العمل الثوري في مواجهة الاجراءات العسكرية التي أقدم عليها النظام.
ونجح في الخروج من "ميدان رابعة العدوية" ضمن الناجين من المجزرة مساء يوم 14أغسطس عام 2013، فيما توجه مع عدد من قيادات "الجماعة" سرًا إلى أحد ضواحي محافظة القاهرة.
ومع تسارع الأحداث أصبح عضوًا في مجلس الشورى العام لـ"الجماعة"، وكان مسؤولًا عن اللجنة الإدارية العليا الأولى في عام 2014 التي اجتهد في حمل رايتها حتى طالتها يد الانقلاب، وأصبح معظم أعضائها بين قتيل ومعتقل، ثم أصبح عضوًا في اللجنة الإدارية الثانية في عام 2015.
وحكم عليه بالسجن المؤبد في هزليتين، وهما تشكيل مجموعات مسلحة للقيام بعمليات عدائية ضد مؤسسات الدولة، وتفجير عبوة خلف قسم ثاني أسيوط، كما أنه كان مطلوب ضبطه في العديد من قضايا تفجيرات واغتيالات، بحسب لائحة الاتهام الرسمية.
بعد انقطاع الاتصال التنظيمي بين قيادات "الجماعة" ومفاصلها وقواعدها عقب فض "رابعة" والقبض على أغلب أعضاء مكتب الإرشاد وقيادات "الجماعة"، قام بالاتصال بالقيادات في المحافظات واللجان المركزية لـ"الإخوان" وإعادة تشكيل المكاتب الإدارية واللجان المركزية لاستعادة الإدارة المركزية لـ"الجماعة" من جديد ووضع خطة لإنهاء الانقلاب.
وقامت إدارة كمال لأول مرة في تاريخ "الإخوان" بتعديل الهياكل التنظيمية من هياكل دعوية إلى هياكل ثورية، فأنشأ قسمًا خاصًا بالشباب وقسمًا خاصًا بالشابات في الجماعة بإدارة شبابية كاملة، كما أقر كوتة خاصة بالشباب في المكاتب الإدارية والمفاصل العام لـ"الجماعة" في محاولة لتجديد شباب "الجماعة" خلال محنتها.
قاد الموجة الثورية في يناير عام 2015 والتي وصفها الكثيرون بالأعلى زخمًا بعد اعتصام "رابعة" والموجة الاحتجاجية على فضه ومجازره، وتمكن من مراوغة أجهزة أمن الانقلاب طوال ثلاثة أعوام والإفلات من قبضتهم أكثر من مرة، وابتعد تمامًا عن استخدام أجهزة المحمول أو أي وسائل يسهل تعقبها من جانب أجهزة الأمن.
اغتياله
قبل استشهاده تدهورت حالته الصحية، حيث تعرض لعدة نوبات صدرية، وكان من المقرر أن يخضع لفحصوات طبية لتقييم حالته الصحية، نظرًا لإجرائه في وقت سابق عملية قلب مفتوح، وخطورة حالته الصحية في الوقت الراهن.
لكن أجهزة أمن الانقلاب كانت تجهز خطتها لاغتياله ومرافقه ياسر شحاته، داخل شقة سكنية بأحد أحياء القاهرة، بعد ثلاثة أعوام من البحث عنه، دون تقديمه لأي محاكمات.
وزعمت وسائل إعلام مصرية موالية للانقلاب إن كمال، كان مسؤولًا عن اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، والعقيد وائل طاحون، ومجموعة من ضباط وأفراد هيئة الشرطة والقوات المسلحة، ومحاولة اغتيال المفتي السابق علي جمعة، كما اتهمته بالإعداد والتخطيط لعمل مسلح في المرحلة التي سبقت اغتياله.
وأعدم كمال ومرافقه شحاته، بعد إعلان مواقع إعلامية مصرية، القبض عليهما، وهو ما يعني تصفيتهما دون مقاومة، وكشف تقرير الطب الشرعي حول الحادث، عن إصابة كل منهما برصاصة في الرأس من مسافة أقل من متر، دخلت من جهة، وخرجت من الأخرى.
وفي وقت سابق لاغتيالهما، أعلنت "جماعة الإخوان المسلمين" ، عن قيام قوات أمن الانقلاب بالقبض على عضو مكتب الإرشاد بالجماعة، محمد كمال، وحملت سلطات الانقلاب المسؤولية الكاملة عن سلامته.
الدفن بدون جنازة
لم يحظ كمال ورفاقه بصلاة الجنازة بعد أن أرغمت أجهزة أمن الانقلاب ، أسرتي محمد كمال، وصاحبه المدرس ياسر شحاتة، على التوجه بجثمانيهما من المشرحة إلى المقابر مباشرة، برفقة قوات الأمن، دون تشييع جنازتيهما، ولا الصلاة عليهما.
كما نبهت على المساجد التابعة لوزارة الأوقاف، بإغلاقها، وعدم إقامة الصلاة عليهما فيه.
فيما أكد نشطاء إن منع صلاة الجنازة لم يحدث في مصر سوى مرة واحدة منذ أكثر من 55 سنة، عندما منع جمال عبد الناصر صلاة الجنازة على المفكر والأديب الشهيد سيد قطب.
أضف تعليقك