قد يطول بنا الكلام حول دولة السيسي ومواصفاتها وحول ضرورة أن نؤسس لدولة الناس في مواجهة دولة السيسي التي لا تقيم وزنا لإنسان ولا تقيم اعتبارا لكرامة أو أي أمر يتعلق بالحقوق، ولكن نختتم هذه السلسلة بتلك المقالة حول مواصفات دولة السيسي ومواصفات دولة الناس.
دولة السيسي دولة الخوف والتخويف والتفزيع إنها دولة تقوم على صناعة الخوف في كافة أرجاء المجتمع بحيث لا تسمح لأحد أن يرفع صوته معارضا أو يلقي بكلمة "لا" محتجا، دولة الخوف متخمة بكل ما يتعلق بسلوكيات وترسانة من التشريعات تمنع منعا باتا أي صوت حر يطالب بمكانة الوطن وكرامة المواطن دولة الخوف تستخدم السلاح والضرب في المليان والتصفية الجسدية والاختطاف القسري والقتل تحت التعذيب والموت البطيء والمطاردات الواسعة والاعتقالات الفاجرة وكل ما يتعلق بتطويع المجتمع في محاولة لتدجينه بحيث لا يستطيع أحدا فيه أن يمارس مبادرة أو يلقي رأيا أو يقدم رؤية مخالفة إنها عملية فرض السكوت والصمت الرهيب في إطار عملية كبرى لتكميم الأفواه ومنع الكلام.
دولة السيسي دولة الاستخفاف، استخفاف بالإنسان وكيانه وكرامته وعزته، استخفاف بحرمته ودمه يستحل كل شيء ويستخف بكل كرامة، إنها استراتيجية الاستخفاف التي تجعل من المجتمع حالة مستعصية، يعمه الظلم والجور يولد بكل ما من شأنه استخفافا بجوهر العدالة وأصول التعامل والممارسة واستخفافا بالسياسة فاغتصبها ثم قتلها على رؤوس الأشهاد، ودشن حالة مصنوعة ومصطنعة تحمي استبداده وتحمل كل بطشه وتبرر طغيانه وتزور كل عمل، يجعل هؤلاء ضمن دائرة الإحباط ويدفعهم دفعا إلى زاوية اليأس المقيم ، صناعة الاستخفاف لا يقوم بها المنقلب وحده لكن تتحرك منظومة كاملة بأسرها تمارس هذه الصناعة لتؤكد أنه ليس لأحد حرمة ولا لإنسان قيمة ولا لمواطن كرامة.
دولة السيسي دولة تستخدم استراتيجية التجويع والتركيع بعد أن أسست استراتيجية الترويع والتفزيع، ذلك أن من لم يخضع بالتخويف يذل بالتجويع ، استراتيجية معروفة تشغل كل انسان عن اتخاذ المواقف باللهث وراء لقمة عيشه وتوفير قوته وقوت أولاده، استراتيجية تجويع ممنهجة تطلق على فقراء الناس غول الغلاء وسعار الأسعار يفعل بهؤلاء الأفاعيل، ويضعهم في خانة المعدمين، وكأنه يمارس معهم أنواع من التنكيل ولكن هذه المرة بتركهم فريسة لغلاء فاحش وأسعار لا ترحم ، دولة الإفقار في بر مصر ليست فقط تطلق غول الأسعار على الضعفاء والفقراء من أهل هذا الوطن ولكنها تطلق يد الجباية في كل مقام حتى تجرد المواطن تجريدا كاملا من كل ما يملك، لا تتركه إلا أن تفرغ من مص دمائه وامتكاك عظامه على حد تعبير "ابن خلدون".
دولة السيسي دولة القطيع بعد أن أحدثت تفزيع وترويع، تجويع وتركيع،تطبع النفوس مع القهر والإذلال حتى يضمن أن هؤلاء يسيرون خلفه إذعانا بهندسة الموافقة في إطار رضا كاذب وقبول زائف،أو في إطار خوف يعشش في جنبات النفوس، فلا تقوى على الكلام أو الاحتجاج، بل هي تؤثر ما تسميه السلامة وهو أمر يتعلق بموت الأحياء رغم حياتهم فهم أموات، يتملكهم الخوف وينتشر في جنباتهم الرعب ويصنع حال القطيع وسلوك العبيد، وهو كذلك يستخدم جوقة إعلامه تزييفا وتزويرا في عمليات متتابعة ومتوالية من غسيل المخ الجماعي، ليمكن لزيفه ويؤسس لتزويره ، عقلية القطيع لا تتعلق بعموم الناس بل إنها وعل نحو أكبر تتعلق بمؤسسات خدمة النظام الفاشي الفاشل من برلمان وقضاء وإعلام، الذين يسيرون في زفة المستبد وزبانيته لا يجيدون إلا لغة التطبيل والنفاق.
دولة السيسي دولة الأوهام والخداع والتزييف تتحدث عن مشروعات وهمية وأحلام وردية وإنجازات يومية وهي في الحقيقة كسراب بقيعة ليس لها من أثر وليس لها من سند، منذ ذلك الإعلان عن جهاز الكفتةلعبد العاطي كان ذلك إيذانا بمشروعات على تلك الشاكلة مشروعات وهمية ووعود مجهلة وأوهام زائفة لعبة المستبد في أنه رغم خطاب الكذب واستمراره في خطاب "الفناكيش"، ليعبر عن حالة استخفاف وسيادة عقلية القطيع.
دولة السيسي دولة النفاق تقوم على قاعدة من داعمين وحملة مباخر وكلاب حراسة ومحترفي الكلام المزور والخطاب الزائف، كل هذا إنما يؤسس لمجتمع مستبد الذي تحركه شبكة دعمه تسودها حالة من النفاق يمارسه كل أحد ويطلب من كل أحد، وتقوده جوقة من أجهزة إعلام كاذبة خاطئة يعمل كل هؤلاء في وصلات نفاق يومية للمستبد، ليصنعوا منه المخلص وربما الإله ومن أوصافهم أن يعتبرونه رسولا، إنها شبكة النفاق تقوم بكل ما من شأنه تزيين مجتمع النفاق على حساب مجتمعات الحق والحقيقةوالحجاج والمقاومة.
دولة السيسي دولة الخيانة يرتمي في أحضان الكيان الصهيوني ليجعل أمن عذا الكيان من أمانه، ويؤكد أن سياسته ليست إلا لخدمة أمن إسرائيل، والعدو يذكره في مقام الخيانة من غير تأويل حينما يجعله معجزة وهبة لشعب إسرائيل ، دولة الخيانة هي دولة التفريط يفرط في الأرض ويتنازل عن جزء من أرض مصر التي تمثل عقدة استراتيجية ومع ذلك يفرط فيها بكل حرص في تفريطه، وهو فقط لا يفرط في الأرض ولكنه يفرط في النيل ومياهه ويفرط في موارد مصر وغازها، ويبيع أرض مصر لكل طامح وطامع ، قصة الخيانة لا تعرف الحدود ولكننها صارت تمارس بشكل علني في إطار كتابة صفحات التنازل في فصول سفر صفقة القرن.
دولة السيسي دولة الفساد يتحدث كل يوم عن مكافحة الفساد ولكنه في حقيقة أمره يحمي أهله ويحافظ على شبكاته ويلقي بالشرفاء في غياهب السجون لو كشفوا أو اكتشفوا فسادا، يضعهم موضع الشبهات والاتهامات، شبكات الفساد التي تعد من ذراري مؤسسات الاستبداد والفساد تشكل حالة مستعصية يأكل استشراء الفساد فيها التنمية والانسان، إنه فقط لا يقسو إلا على الفقير، أما الفاسد فإفراج صحي وعفو رئاسي وتمرير فساده بمشروعاته مع ما يتضمنه ذلك من عمليات فساد ممنهجة واسعة.
دولة السيسي دولة التحكم والطغيان تسحق الإنسان، تحول كل مصر الى سجن كبير، دولته في إنجازات حقيقية لا تٌعرف إلا بمزيد من بناء السجون، وتشتري كل وسائل الإعلام لتطويق الناس بخطاب من الإفك والافتراء الإعلامي، وكل الأبواق اللازمة للدعاية لعسكر باطشون، وهي لا تفرز إلا دولة فاشية بكل المعاني ودولة بوليسية أمنية بكل المباني والسجون وساحات الاحتجاز بعد أن فاضت السجون بقاطنيها فتجعل المجتمع ثكنة عسكرية وتجرم تحت هذه الدعوى كل عمل وفعل مهما كان قليلا أو صغيرا.
هذه دولة السيسي فماذا عن دولة الناس ، دولة الناس هي دولة العزة والكرامة هي دولة المكانة هي دولة تحقق للإنسان والمواطن العادي كل ضروراته ، هي دولة يأمن فيها كل انسان وكل مواطن، مطالب دولة الناس يسيرة ليست بالكثيرة ولكنها تحقق للناس كرامتهم وأمانهم ألا سحقا لدولة السيسي ومن الناس تبنى دولة الناس لن يبنى مستقبل لهذا البلد إلا بسواعد أبنائها تقود عملية التغيير وتفعل كل ما يؤدي إلى الفاعلية والتأثير،دولة الناس دولة عدل لا يظلم فيها ضعيف أو فقير ولا يسمح فيها لطاغية أو متكبر متجبر أن يسود، في بلادنا مواطن أو سلطان ليس لدينا إنسان، دولة الناس هي دولة الانسان حينما يعرف مقامه ويؤكد كرامته ويحفظ عزته ويجعل للوطن مكانته.
أضف تعليقك