شاركت حماس في الانتخابات الفلسطينية العامة لأول مرة عام 2006م، وكانت تلك المحطة محط جدل لم ينته إلى يومنا هذا، وكانت الجدلية الأبرز هي كيفية التوفيق بين المقاومة والحكم في آنٍ واحد، في ظل واقع دولي وإقليمي رسمي رافض لها.
إلا أنها فازت فوزاً واضحاً يؤهلها لتشكيل الحكومة، ويومها كان التوجّه لدى الحركة هو تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنه اصطدم بمعوقات عديدة، عبّر عن بعضها تسجيل «خمسة بلدي» الذي نُسب يومها لمحمد دحلان.
ولم تتمكن حماس من أخذ فرصتها الحقيقية في الحكم، بسبب التعقيدات والعقبات الداخلية والخارجية، ومنها أحداث الانقسام، والحصار، وعدم الاعتراف بحكومتها، وغيرها من الأزمات، حتى أصبحت حماس محتارة بين أولوياتها ما بين الحكم والمقاومة، وهي الثنائية التي بلغت ذروتها بحثاً وتطبيقاً.
هذه الذروة التي جعلت الحركة تُجمع على قرار استراتيجي بترك الحكم المطلق لقطاع غزة، أو ترك أعبائه لصالح حكومة توافقية تزيل ذرائع الحصار، وتعطي قوة أكبر للموقف الرسمي الفلسطيني، ليكون أكثر تأثيراً في خدمة المجتمع المدني.
«أفضل خيار للتعامل مع حماس هو استدراجها للسلطة، حتى نتمكن من تقييدها، ومن ثم الضغط عليها، أما طالما هي حركة مقاومة ليست مرتبطة دولياً بشكل رسمي، فستظل تكبر وقوتها تتنامى». هذه ما قاله اليهودي الأميركي مارتن إنديك في ٢٠٠٥ قبيل الانتخابات التي شاركت فيها حماس.
وكنت قلت في مقال سابق، قبل سنوات، إنه ينبغي على حماس الاستفادة من تجربة حزب الله اللبناني، وعلاقته بالدولة، ومؤسساته، وحجم نفوذه، دون أن يحكم بشكل مباشر، ودون أن يتحمّل هو والبلاد الأعباء والنتائج المختلفة لذلك.
وللإنصاف ينبغي الإشارة إلى أن الحركة كانت في مساراتها غالباً محكومة بالاضطرار لا الاختيار، نتيجة الضغوط والحروب والحصار والملاحقات، واستثمرت فترة سيطرتها على القطاع بمضاعفة قوة جناحها العسكري المقاوم أضعافاً كثيرة، وهي بذلك اليوم أكثر قدرة على الاختيار، ولديها صمام أمان يوفر لها منعة ومناعة، وهذه فرصة مثالية لإعادة تقييم المرحلة الماضية، ووضع السيناريوهات والخيارات مبكراً، حتى لا نظل نعيش تحت وطأة الاضطرار والانتظار.
أضف تعليقك