شن رئيس التحرير الأسبق لصحيفة الأهرام عبد الناصر سلامة هجوما على سلطات الانقلاب العسكري في مصر، بشأن التفريط في آثار مصر لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة.
وكشف سلامة أن الإمارات تستعد لعرض آثار مصرية نادرة في متحف جديد من المقرر افتتاحه في نوفمبر المقبل، يطلق عليه اسم "لوفر أبوظبي".
وتساءل سلامة في مقال له الاثنين عن سبب صمت سلطات الانقلاب على هذه القضية، مشيرا إلى أن نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك نجح في وقف هذا المشروع عام 2008 حينما حذر الحكومة الفرنسية وحذرها من نهب الآثار المصرية أو تحويلها إلى بضاعة تباع وتشترى في مشروعات متحفيه تقام في دول أخرى.
ومنعت سلطات الانقلاب العسكري نشر المقال على صحيفة "المصري اليوم"، ما اضطر عبد الناصر سلامة إلى نشره على صفحته على "فيسبوك".
وأثارت هذه القضية موجة من السخط على النظام المصري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اتهم نشطاء قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بتسهيل نهب ثروات البلاد ونقلها إلى دولة الإمارات الحليف الإقليمي الأقوى له.
وربط نشطاء بين تولي السيسي رئاسة مجلس أمناء المتحف المصري الكبير في يونيو/حزيران الماضي، والقرار المريب الذي تم اتخاذه بعدها بيومين فقط بمنع استخدام الكاميرات في مخازن وزارة الآثار حفاظا على القطع الأثرية من السرقة، وبعدها أعلنت وزارة الآثار اختفاء 33 قطعة أثرية من داخل المتحف المصري في أغسطس/آب الماضي.
"ليس من حق مصر الاعتراض"
وفي أول رد رسمي على عرض آثار مصرية بمتحف "لوفر أبوظبي"، أكدت رئيس قطاع المتاحف بوزارة الآثار إلهام صلاح، أن مصر لم ترسل أية قطع أثرية لعرضها بدولة الإمارات منذ أكثر من عشرين عاما.
وقالت صلاح، في بيان لها، إنه في حال قيام متحف "لوفر أبوظبي" بعرض قطع أثرية مصرية، فإنها سوف تكون من مقتنيات متحف اللوفر بباريس، وليس من حق مصر التدخل لوقف عرضها طبقا للاتفاقيات الموقعة مع فرنسا.
وأضافت أن اقتناء المتاحف العالمية لآثار مصرية وعرضها هو أمر قانوني، حيث إنها خرجت من البلاد بطريقة شرعية عندما كان الاتجار بالآثار شيئا مباحا قبل صدور قانون حماية الآثار عام 1983، أو بناء على قانون القسمة الذي يعطي لأية دولة تقوم بأعمال حفائر بمصر الحق في اقتسام الآثار المكتشفة.
فساد مستشرٍ
وتعليقا على تهريب الآثار المصرية إلى الخارج قال الباحث السياسي جمال مرعي إن ما يحدث هو استمرار لمسلسل الفساد في ملف الآثار المتواصل منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، مشيرا إلى أن هناك سرقة ممنهجة عبر عصابات كبيرة تنهب الآثار وتبيعها إلى متاحف العالم.
وأضاف مرعي، أن الأوضاع الأمنية المزرية التي تعيشها البلاد هي أيضا سبب رئيسي في هذه الجرائم المستمرة، بالإضافة إلى فساد منظومة الآثار وموظفيها الذين يتقاضون رواتب هزيلة للغاية وهو ما يدفع البعض إلى قبول الرشوة مقابل المشاركة في نهب وتهريب كنوز لا تقدر بثمن.
وأكد أن من حق الحكومة المصرية أن تمنع إقامة هذا المتحف الإماراتي بسبب عرضه آثار مصرية منهوبة، لكن العلاقات القوية التي تربط النظام بحكام الإمارات سوف تحول دون هذه الخطوة خوفا من توتر العلاقات بين الجانبين.
المشكلة الأساسية والتي تصعب من اتخاذ إجراءات دولية في هذا الصدد هي أن الحكومة لا تملك دليلا على أن هذه الآثار مصرية ومنهوبة، لافتا إلى أن الإمارات ستعرض هذه القطع في متحفها الجديد بعد أن اشترتها من متحف اللوفر الفرنسي بشكل رسمي.
تفاهمات مع الإماراتيين!
وطالب أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل السلطات المصرية بضرورة فتح تحقيق شامل وفوري في هذه القضية مع وزير الآثار ومسئولي الوزارة عن طريق النائب العام، لمعرفة الجهات المتورطة في تهريب الآثار المصرية للخارج، أو على الأقل محاسبة من فرط فيها أو قصر في استعادتها، لافتا إلى أن أكثر من الآثار المصرية موجودة خارج البلاد وخاصة في الدول الأوروبية بسبب حالة الفساد والفوضى الموجودة في هذا القطاع منذ عقود طويلة ومستمرة حتى الآن.
وأضاف كامل، أن هذه الآثار هي ملك لكافة المصريين، ولابد من وجود جهة واعية في البلاد تهتم بهذا الأمر وتتعامل مع القضية على أنها قضية امن قومي وتحاول إعادة الآثار إلى مصر من خلال فتح قنوات دبلوماسية أو قانونية.
وأشار إلى أنه يمكن أن يستغل نظام السيسي علاقاته القوية بالنظام الإماراتي ويطالبه بإعادة هذه الآثار المهربة إلى البلاد، متوقعا أن يتم حل القضية بعد تفهم الجانب الإماراتي لأهمية إرجاع الآثار إلينا حتى ولو كانت قد حصلت عليها من طرف ثالث.
أضف تعليقك