شهد الاقتصاد المصري منذ استيلاء العسكر على الحكم عقب انقلاب 3 يوليو 2013، العديد من الممارسات والسياسات الخاطئة، التي كان لها العديد من التداعيات الخطيرة ليس فقط على حاضر هذا الاقتصاد ولكن على مستقبله.
كما سياسات العسكر الفاشلة شهادة "وفاة" الصناعة المصرية، حيث أغلقت مئات المصانع، وشرد أكثر من 2 مليون عامل، كما تعرضت للعديد من المصاعب وعلى رأسها "تفاقم أزمة الطاقة"، رغم وعود متكررة من حكومة الانقلاب بالقضاء عليها.
إغلاق المصانع
وبفضل فشل الانقلاب تم تقلص حجم الإنتاج الصناعي في مصر بنسبة 40% خلال السنوات الأربع الأخيرة، بسبب تعثر نحو 15 ألف مصنع، وفقد ما يقدر بنحو 150 ألف عامل وظائفهم.
وتتضارب الأرقام حول عدد المصانع التى أغلقت أبوابها، إلا أن الإحصاءات تشير إلى أن عددها يبلغ 4500 مصنع فى 74 منطقة صناعية، فى حين يذكر تقرير لاتحاد العمال أن عددها يبلغ 8222 مصنعًا، بينما أشارت دراسة أعدها اتحاد المستثمرين إلى 1500 مصنع متعثر، يتركز 40% منها فى قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، وفى أحدث تقرير لاتحاد الصناعات يقدر عدد المصانع المتعثرة فى كل المحافظات بنحو 7 آلاف مصنع كان يعمل بها قرابة 2 مليون عامل حياتهم توقفت تماماً، بعد أن فقدوا مصدر رزقهم الأساسى والوحيد، وضاعت استثمارات تبلغ قيمتها 35 مليار جنيه.
أسباب التعثر
وحدد اتحاد الصناعات عدة أسباب لهذ التعثر شملت: الركود الاقتصادى الشديد خلال السنوات الماضية، الإغراق المتعمد من الأسواق الخارجية بمنتجات منخفضة الأسعار رديئة المواصفات، ارتفاع أسعار الخامات، بالإضافة إلى الشروط المتعسفة التى تضعها البنوك لتمويل أصحاب هذه المصانع، هذا بالإضافة إلى غياب دور الدولة فى حماية هذه المصانع، والعاملين فيها من خلال تيسير الإجراءات والقروض وجدولة الديون.
صناعة الأسمنت
صرح الرئيس السابق للشركة القومية للأسمنت أن خسائر تخطت حاجز الـ500 مليون جنيه؛ بسبب التقادم التكنولوجي وقرار تعويم الجنيه وارتفاع أسعار الوقود.
وأعلنت الشركة، أن صافي خسائر الشركة خلال السنة المالية 2017/2016 بلغت نحو 971 مليون جنيه، مقابل خسائر تقدر بـ119 مليون جنيه عن السنة المالية التي سبقتها بنسبة تخطت 700%.
وأضاف رئيس الشركة السابق –في خطوة تستهدف التخلص من العمال لتغطية الفشل المستمر- أن الكثافة العمالية لها دور كبير في زيادة الخسائر؛ إذ يعمل في الشركة نحو 2500 عامل في حين يمكن لها أن تعمل بنحو ربع عدد العمال فقط.
وأرجعت الشركة أسباب زيادة الخسائر إلى أربعة أسباب؛ وهي ارتفاع تكلفة الغاز الطبيعي المرتفعة بنسبة 98.3%، وارتفاع تكلفة الكهرباء بنسبة 50%، مضيفة أن ارتفاع أتعاب مقاولي الباطن، وعدم مواكبة زيادة الأسعار مع ارتفاع أسعار المحروقات.
انهيار صناعة الغزل والنسيج
منذ الانقلاب انهارت صناعة الغزل والنسيج، حيث عانت مع تطبيق حكومة الانقلاب اشتراطات صندوق النقد الدولي بتحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه" وارتفاع سعر الدولار.
الأمر انعكس على الصناعة بشكل كبير "سلبًا"؛ حيث زادت أسعار المواد الخام ومستلزمات الصناعة بشكل شبه يومي، ونتيجة لذلك أغلق أكثر من 500 مصنع أبوابه وأصبح 1200 مصنع غزل ونسيج مهدد بالإغلاق فى محافظة الغربية فقط.
وتمثل صناعة الغزل والنسيج "المتهالكة" أهمية قصوى للاقتصاد القومي؛ حيث تسهم بنسبة 3% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل بها ما يقرب من ثلث القوى العاملة الصناعية في مصر، وتبلغ صادراتها 2.6 مليار دولار في العام بنسبة 15% من الصادرات المصرية غير البترولية.
وتعاني مصانع العزل والنسج من سياسيات حكومة الانقلاب "الفاشلة"، بتصفيتها للمصانع عن طريق وقف التعيينات للعاملين، وعدم استقدام عمال جدد بعد خروج الموجودين حاليا على المعاش، ما أدى إلى وصول العمال إلى 15 ألفا بعدما كانوا 37 ألف عامل.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن "لماذا يستمر النظام في تجاهل دعم هذه الصناعة الوطنية في حين أن الاقتصاد في أشد الحاجة إليها؟ ولماذا يظل الاعتماد على المنتج الأجنبي الذي يكلف عملة أجنبية للاستيراد في حين أنه قادر ببعض الجهود أن يوفر هذه العملة لصالح تطوير صناعاته الوطنية؟.
انسحاب الاستثمارات
توالت عمليات انسحاب عدد من الشركات الأجنبية التي تستثمر في مصر خلال الآونة الأخيرة، رغم مزاعم حكومة الانقلاب من إجراءات تعويم سعر الجنيه؛ بهدف جذب استثمارات أجنبية بقيمة تصل إلى 10 مليارات جنيه، وأعلن عدد من الشركات العالمية التوقف عن ضخ استثمارات جديدة في مصر بسبب استمرار أزمة تحويل أموالها للخارج ووضع العديد من عراقيل الاستثمار.
وانسحبت الشركة الصينية التي كان من المقرر لها بناء الحي الحكومي في العاصمة الإدارية الجدية بتمويل ذاتي منها بسبب عدم الاتفاق علي القيمة المناسبة لبدء العمل، وفق ما أعلن المتحدث الرسمي المسئول عن المشروع.
كما أعلنت شركة "دانة غاز" الإماراتية التوقف عن ضخ استثمارات جديدة في مصر بسبب تأخر تحصيل مستحقاتها. حققت "دانة غاز" ربحًا قدره 7 ملايين دولار في ثلاثة أشهر حتى 31 ديسمبر، مقارنة مع 134 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام السابق، حين استفادت من تسوية تحكيم استثنائية، وانخفض سهم دانة غاز 3.7 % عقب إعلان النتائج المالية.
وأكد خبراء أنه على الرغم من اختلاف أسباب هروب استثمارات الشركة الصينية عن الشركة الإماراتية إلا أن نتيجة الهروب واحدة وسيكون لها انعكاسات سلبية على تطلعات الحكومة نحو جذب استثمارات أجنبية بحسب اعتقادها.
ويعد تأخر سداد مستحقات الشركات الأجنبية أمرًا مخالفًا لتوجيهات صندوق النقد الدولي الذي حث الحكومة على سداد مستحقاتها من حصيلة القرض وهو ما قد يسبب أزمة في ظل مراجعة الصندوق لمدي التزام مصر بشروطها تمهيدًا لصرف باقي شرائح القرض البالغ 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات.
أضف تعليقك