لا تسقط جرائم العسكر بالتقادم، فالبرغم من مرور عشرات السنين على جريمة جمال عبد الناصر بتهجير النوبة والاستيلاء على أراضيهم فإن أصواتهم مازالت عالية ضد العسكر للمطالبة بحقوقهم المسلوبة.
وعلى فترات، يطالب أهالي النوبة الذين تم تهجيرهم من مساكنهم إلى مناطق أخرى، بالعودة إلى موطنهم الأصلي، وسط دعوات يثيرها نشطاء نوبيون من وقت لآخر بتدويل القضية للحصول على حقوقهم.
وأثير موضوع النوبة مجددًا، حيث قررت نيابة الانقلاب اليوم الأربعاء، حبس 24 نوبيّا في محافظة أسوان، 4 أيام على ذمة التحقيق معهم في تنظيمهم مسيرة دون تصريح مسبق.
ووجهت نيابة الانقلاب للمحتجزين تهم «التحريض على التظاهر، والتظاهر دون ترخيص، والإخلال بالأمن العام».
وكانت سلطات الانقلاب أوقفت عددًا من النوبيين في محافظة أسوان، إثر تنظيمهم مسيرة غنائية بعنوان «العيد في النوبة أحلى».
وكان من بين المعتقلين الناشط النوبي، محمد عزمي، الذي أكد أن التجمع النوبي يهدف «للمطالبة بحقوق نوبية؛ منها إعادة توطين أهالي النوبة في مناطقهم الأصلية».
وطالب اتحاد شباب النوبة في بيان له اليوم، طالب فيه بعدم التصعيد والإفراج الفوري عن المحتجزين، وعدم ملاحقة النوبيين وعودتهم إلى مناطقهم الأصلية.
تهجير النوبة
تمتد النوبة بطول 350 كليو مترًا من الشلال الأول وحتى الشلال الثاني جنوب أسوان بطول نهر النيل من قرية دابود في الشمال وحتى قرية أدندان في الشمال.
وكانت بداية هجرة أول نوبي مع بناء خزان أسوان عام 1902 الذي ارتفع معه منسوب المياة خلف الخزان ليغرق عشر قرى نوبية تم تهجير أهاليهم.
وبعد ذلك حدث التعلية الاولى لخزان اسوان عام 1912 وارتفع منسوب المياه وأغرق ثمانى قرى أخرى هى قورتة والعلاقى والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادى العرب وشاترمه, وبعد ذلك جاءت التعلية الثانية للخزان عام 1933 وأغرقت معها عشر قرى اخرى.
وفى عهد جمال عبد الناصر أي في الخمسينات بدأت الدراسات لإقامة السد العالى وتم ترحيل أهالى النوبة خلف السد عام 1963 إلى هضبة كوم امبو.
وكانت النوبة القديمة تضم ثلاثة فروع ,ففى الشمال كان يقيم الكنوز ويقيمون حاليًا في قرى البرالغربي(الذين لم يهجروا) ومازالوا محتفظين بالطابع النوبى في العادات والتقاليد وشكل البيوت القديمة، وفى الوسط كان يقيم العرب الذين ينحدرون من أصول عربية وفى الجنوب يقيم الفدجة ويقيم أغلبهم حاليًا في مركز نصر النوبة في قرى على شكل نصف دائره من بلانة حتى كلابشة، وبعض من الكنوز الذين هجروا.
المطالبة بالعودة
تعتمل نفوسهم أهل النوبة بالكثير من المرارات والغليان، وما زالوا ينتظرون العودة، بعد توالي احتجاجاتهم التي طالبوا فيها بوضع آليات لتعويضهم، وعودتهم إلى قراهم الأصلية، وتعمير منطقة النوبة القديمة.
وأعلنت القيادات النوبية قائمة مطالب شملت تعمير قرى النوبة حول بحيرة ناصر وفق المواقع المتفق عليها بينهم، على أن تكون هناك خطة شاملة للاستثمارات السياحية والتعدينية والصناعية والزراعية يتم تنفيذها، بالتزامن مع بناء مساكن النوبيين على ضفاف البحيرة.
ولا يتوقف النوبيون من حين لآخر، عن تنظيم الاعتصامات السلمية أمام مبنى محافظة أسوان، لأجل الاستجابة لمطالبهم المتجددة في العودة والتوطين وتعيين قيادات نوبية في المواقع التنفيذية، إلا أنهم يتعرضون للضرب بالهراوات وتفريق تجمعهم بالغاز المسيل للدموع.
ولم تعر سلطات الانقلاب مطالب أبناء النوبة أي اهتمام، بل تجاهلتهم ومارست تجاههم سخرية وعنصرية بغيضة واضطهادًا عرقيًا وصل حد أن منعت عنهم العلم والخدمات، حتى لا يقوى عودهم ويقفوا في وجه الحكومة المتسلطة ويطالبوا بحقوقهم المشروعة.
أضف تعليقك