• الصلاة القادمة

    العشاء 17:29

 
news Image
منذ ثانية واحدة

تحل الذكرى الرابعة لفض قوات الانقلاب اعتصامي ميداني "رابعة العدوية" و"نهضة مصر"، بينما مشاهد هذا اليوم الدامية لم تغب مطلقًا عن ذاكرة المصريين، رغم مرور العام تلو الآخر.

ففي 14 أغسطس 2013، فضت قوات من الجيش والشرطة اعتصامي مؤيدي الشرعية، بعد شهر من الانقلاب على الرئيس محمد مرسي.

وقالت منظمات حقوقية محلية ودولية إن عدد القتلى (الشهداء) تجاوز الألف بين المعتصمين، الذين كانوا يحتجون على الانقلاب العسكري، من قبل عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع، في 3 يوليو 2013، على الرئيس مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، وذلك بعد مرور عام واحد من ولايته الرئاسية.

وقالت إيمان جمعة، والدة مصعب، أحد شهداء مذبحة "رابعة"، بحسب وكالة الأناضول: "يوم 14 أغسطس 2013 كنت أتحدث هاتفيًا مع مصعب، بالتزامن مع أخبار تواردت حول تدخل قوات الأمن لفض تجمعات المواطنين في ميدان رابعة.

وتضيف الأم، وهي إحدى الناجيات من المذبحة: "سألته (مصعب) عن صحة الأخبار فلم يُجب.. ثم قررتُ أنا وشقيقه محمد النزول إلى الميدان (رابعة العدوية)؛ للتأكد من الأنباء، والانضمام إلى المعتصمين".

وتصف والدة مصعب المشاهد التي رافقت وصولها إلى الميدان قائلة: "رأيتُ أشخاصًا أشبه بالموتى، وآخرون قلوبهم ترتعد خوفا وهلعا".

وتتابع: "وصلنا الميدان عند آذان المغرب، وبدأنا البحث عن مصعب فلم نجده، إلى أن رنّ هاتفي وكان على الطرف الآخر شخص مجهول قال إنه وجد الهاتف على الأرض ولا يعرف صاحبه".

هنا أدركت الأم أن ابنها قُتل، لكنها كانت عاجزة عن التأكد؛ لصعوبة الأوضاع في الميدان، ما اضطرها للعودة إلى المنزل.

"هل قُتل بالفعل؟.. وإذا كان كذلك فأين جثمانه ؟".. بين هذه التساؤلات مضت أم مصعب ليلتها "الصعبة"، قبل أن يأتي الخبر اليقين: "مصعب ارتقى شهيدا، وجاري البحث عن جثمانه".

وتتابع الأم المكلومة: "كان هذا ما يقلقني.. هل يمكن ألا أجد جثمانه (؟) هل سأحرم حتى من تلك النظرة الأخيرة والوداع الأخير.. وأخيرا جاءتني البشرى: لقد عثروا على جثمانه ونقلوه إلى المسجد".

وخلال عملية الفض تناثرت في ساحة ميدان "رابعة العدوية" المئات من جثث الرافضين للانقلاب.

وروى محمد سلطان، ناجٍ آخر، لوكالة الأناضول، تفاصيل حدثت معه خلال مذبحة "رابعة"، فيقول : "عشت أحداثًا كثيرة يصعب نسيانها، منها مشهد قتل اثنين من المصورين برصاص قوات الأمن".

ويتابع: "سقطا فوق منصة رابعة بعد طلقات أصابت رأسيهما (..) شاهدت الدماء تسيل على لافتة بيضاء كتب عليها شعار الثورة سلمية".

ويضيف: "خلال فض الاعتصام كنت أشتَمُّ رائحة الموت والبارود، وأنا ملقىً على الأرض عاجز عن الحركة وطلب المساعدة (..) كانوا (رجال الأمن) يطلقون النار عليًّ أثناء حركتي في محاولة للجوء إلى مكان آمن".

ويمضي قائلا: "خلال فض الاعتصام لجأت وآخرون (بينهم جرحى) إلى مبنى، هربًا من الرصاص، لكنهم أطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع على غرفة مكتظة بالجرحى داخل المبنى".

"بعد 11 ساعة من الاحتجاز تم التفاوض على خروج مشروط.. خرجتُ بين صفوف من الضباط والعساكر، والرصاص ينهمر فوق رؤوسنا عمدًا"، وفق سلطان.

ويزيد بقوله: "بعد أيام انتشرت مقاطع فيديو أظهرت إضرام الضباط النار في المبنى، الذي لجأنا إليه (..) لم أستطع نسيان آلام الجرحى الذين أحرقوهم أحياء".

وحتى الآن لا يستطع سلطان أيضا نسيان مشهد رصاصة القناص التي مرّت فوق رأسه ببوصات قليلة، وكذلك لحظات الألم التي عانى منها خلال 11 ساعة من إطلاق الرصاص المتواصل، عندما كان محتجزًا مع أصدقائه.

وبألم نفسي عميق يختم بقوله: "لا أستطيع نسيان آلام الجرحى الذي أحرقوهم وهم أحياء.. لنحو عامين قضيتهما سجينا حاولت أن أنسى.. لكن ذكريات هذا الكابوس الدموي في رابعة ما يزال يطاردني".

أضف تعليقك