"عسكر كاذبون".. كانت عنوانا لحملة أطلقها شباب يناير في نهاية العام الأول للثورة المصرية، مع توالي أكاذيب المجلس العسكري، الذي بدا متمسكا بالسلطة، متمنعا عن تسليمها للمدنيين، مصعدا ملاحقته لشباب الثورة، محاولا التفريق بينهم.
وتلك العبارة لا تزال توصيفا صادقا لسلوك السيسي ورجاله منذ انقلابهم الأغبر في 3 تموز/ يوليو 2013، وحتى الآن، حيث قام حكمه على تسويق الكذب للمصريين، وكانت آخر تلك الأكاذيب بعض المعلومات التي نشرها عن قاعدة محمد نجيب العسكرية.
أكاذيب العسكر المتوالية لم تعد مستساغة في ظل ثورة المعلومات، والتقدم التقني القادر على كشف الكثير منها بسهولة، وهي لم تعد مستساغة أيضا بعد ثورة يناير، التي فتحت أعين الشعب -خاصة الشباب- على الكثير من الحقائق التي ظلت خفية لعقود.
"عسكر كاذبون"، ليست توصيفا لحال كل العسكريين، فشأنهم شأن المدنيين، فيهم الصالح وفيهم الطالح، بل تصف حال جنرالات "الغبرة" الذين استولوا على الحكم، وساموا البلاد والعباد سوء العذاب، مستخدمين الكذب لتسويق أوهامهم و"فناكيشهم".
وكان المصريون من الشعوب التي تقدس الجيش بالمطلق، وتتجنب أي إساءة لأي فرد فيه باعتبار ذلك إساءة للمؤسسة كلها، لكن ثورة يناير جرأت الشباب على انتقاد قيادات المؤسسة العسكرية وكبار شخصياتها، حتى وصل بهم الأمر لإطلاق تلك الحملة "عسكر كاذبون"، التي نصبوا لها شاشات في الميادين العامة لكشف كذب أولئك الجنرالات.
عقب الانقلاب العسكري في الثالث من تموز/ يوليو 2013 عاد جنرالات الانقلاب لعاداتهم في الكذب؛ لأنهم لا يجدون من يحاسبهم، وراحوا يسوقون الكذبة وراء الكذبة للشعب المصري الذي صدق بعضه ذلك، وكانت آخر الأكاذيب عند الإعلان عن القاعدة العسكرية (محمد نجيب)، إذ كشف نشطاء مصريون كذب بعض المعلومات التي أدلى بها المتحدث العسكري عن القاعدة، ووثقوا تلك الأكاذيب بخرائط جوية وصور من الأقمار الصناعية الحديثة والقديمة عبر برنامج جوجل إيرث، ونشروا ذلك على صفحة شهيرة (خالد سعيد- كل المصريين).
وأوضحت الصفحة أنه بمقارنة صور القاعدة عام 2017 بصورها عام 2009 تبيّن أن عدد المباني الجديدة لا يتعدى العشرة من أصل 1155 مبنى، وكذلك حمام السباحة الذي استعرض المتحدث العسكري صوره في فيديو التعريف بالقاعدة تبيّن أنه قديم ويعمل من قبل 2009.
كذلك محطة الصرف الصحي وتحلية المياه تظهر صور الأقمار الصناعية أنها تعمل من قبل عام 2009.
وأظهرت الصور أن أقرب نقطة إلى الحدود الليبية تقع علي مسافة أكبر من 400 كيلو متر، أي إنه للاستجابة لأي طارئ يقع على الحدود ستحتاج المعدات ما لا يقل عن خمس ساعات للوصول إلى الحدود، علما بأن مدى طيران الأباتشي الموجود في القاعدة أقلّ من أن يصل إلى الحدود ويعود إلى القاعدة مرة أخرى، كذلك لا يوجد أي مدرج طائرات في القاعدة.
وتفضح الصور أكذوبة محطة الصرف الصحي ومعالجة المياه التي تحتوي على 14 منشأة، حيث أظهرت أن المحطة لم يتغير فيها شيء بين عامي 2009 و2017.
وبمراجعة الصور الأقدم، تبيّن أنّ المعدات وضعت بالترتيب الذي ظهرت به مؤخرا في وقت بين آذار/ مارس وتشرين الثاني/ نوفمبر 2016، أي إن المعدات ملقاه في الصحراء من دون حركة لما يقرب العام، وبالتدقيق في باقي صور القاعدة تبين أن القاعدة لا يوجد فيها ما يكفي من أماكن لإيواء المعدات، وأنه في الأغلب ستستمر هذه المعدات في أماكنها في الصحراء.
وكشفت الصور أكذوبة استراحات القادة، حيث أن الاستراحات المتراصة على الطرف الشمالي الغربي موجودة من 2009، والجديد أنه بدأ إضافة حمامات سباحة لها.
وأكدت الصور أن منشآت الجزء الشمالي الغربي من القاعدة، كما هي لم تتغير بين عامي 2009 و2017، عدا سفلتة الأرض .
هذه بعض صور الكذب التي ساقها المتحدث العسكري و"طنطنت" لها الأذرع الإعلامية للسيسي، وهو كذب لا ضرورة له أصلا فيما يخص الأهمية العسكرية للقاعدة التي تظل واحدة من أكبر القواعد العسكرية في المنطقة.
لكنه فيما يبدو صار أمرا لصيقا بهذه السلطة لا تستطيع الفكاك منه، وتستهدف منه تخدير الشعب عن معاناته الاقتصادية والمعيشية، وحين تواجه أبواق السيسي بهذه الحقائق لا يستطيعون الرد عليها بطريقة علمية، خاصة أن النشطاء الذين كشفوا هذه الأكاذيب تحدوا أن يرد عليهم أحد عبر استخدام خرائط غوغل إيرث أو غيرها.
وبدلا من ذلك، تعمد الكتائب الإلكترونية السيساوية إلى السب والتخوين لمن نشر هذه المعلومات بدعوى أنه ينتمي للإخوان، ومن باب النكاية يؤكدون أنهم راضون عن هذه المعلومات الخاطئة، ومصدقون لها، ومستعدون لقبول المزيد منها!!
حسنا، أنتم مصدقون لهذه الأكاذيب عن القاعدة، وهذا ليس بالأمر الجديد، فقد صدقتم من أكاذيب السيسي عن تفريعة قناة السويس التي وصفها بأنها قناة السويس الجديدة التي ستضاعف عائدات القناة فإذ بها تشفط 8 مليارات دولارات.
وفي الوقت ذاته، تتراجع عائدات القناة، وقد صدقتم جهاز الكفتة لعلاج فيروس سي وعشرات الأمراض الأخرى، وقد صدقتم "فنكوش" العاصمة الإدارية الجديدة، كما صدقتم "فنكوش" استصلاح 4 ملايين فدان، وإنشاء مليون وحدة سكنية جديدة.
نحن لم نصدق شيئا من ذلك، وقمنا بواجبنا في كشف تلك الأكاذيب، لكنكم ركبتم رؤوسكم، وتمسكتم بتلك الأوهام حتى فوجئتم بكذبها، وضلالها، وحتما ستكتشفون أكاذيب القاعدة العسكرية في وقت لاحق نرجو أن يكون قريبا.
حين نتصدى لكشف لهذه الأكاذيب، فليس هذا نيلا من القوات المسلحة، بل هو دفاع عنها وعن مصداقيتها، وسمعتها التي يلطخها بعض الجنرالات المهووسين بالسلطة والملتصقين بالكرسي، والراغبين في البقاء لأطول فترة، وفي سبيل ذلك يبيعون الوهم للشعب بعد فشلهم في تقديم إنجازات حقيقية.
أضف تعليقك