وليس بالطب والهندسة فقط يعيش المتفوقون
وكم من آلاف من الموهوبين فى مجالات مختلفة تم دفنهم فى دهاليز المستشفيات والإنشاءات والكبارى والمواقع النائية .
وكم حرمت مصر من كوادر كان يمكن أن يكونوا أعظم الكتاب والاقتصاديين والأدباء والمعلمين والحقوقيين والقضاة لأنهم ظنوا أن مكتب التنسيق فتح لهم أبواب السعادة فى كليات القمة الطب والهندسة فاتجهوا إليها وتركوا ما يتوافق مع مواهبهم فحرموا أنفسهم من مستقبل أفضل . وتركوا تلك الكليات التى تبنى المجتمعات لطلاب آخرين أقل اجتهادا ذهبوا هم الآخرين إليها رغما عن ميولهم ومواهبهم .
ولقد عانينا فى فترة الثورة وأيام الرئيس الشرعى من نقص الكوادر فى الإعلام والاقتصاد والتجارة وفى العلوم السياسية فى الوقت الذى كنا نعانى تخمة فى الأطباء والمهندسين .
ولقد كنت طوال حياتى الدراسية حتى الثانوية العامة أكثر ميلا للمواد الأدبية أكثر من العلوم .
ومع حبى للرياضيات وخاصة الهندسة. إلا أن حبى للدراسات الاجتماعية لم يكن يعدله شيئا . اللهم إلا حبى لقراءة النصوص الأدبية وكتابة موضوعات التعبير التى كنت أعانى فيها من نمطية المدرسين وعدم اهتمامهم به . وأتعجب كيف يكون هناك نموذج إجابة أمام المدرس عند تصحيح موضوع التعبير وهو الذى يفترض أن ينطلق فيه الطالب ويبدع .
فإن خرج الطالب عما هو مكتوب فى عناصر وقواعد موضوع التعبير نقص درجات حتى لو كانت كتابته وأسلوبه جميلا .
بل إن بعض المدرسين يقيم يصحح موضوع التعبير بحسب عدد الأسطر ولا يقرأ الكلام . وبعضهم يصحح بحسب جمال الخط أو معلوماته المسبقة عن الطالب فى باقى المواد إن كان يعرفه متفوقا أو غير ذلك .
والغرض هنا أن المدارس لا يعتمد عليها فى اكتشاف المواهب . وكذلك البيوت للأسف لا تكتشف مواهب أبناءها .
وللأمانة فقد نصحنى الإخوان أنا وطلاب الإخوان فى جيلي بدخول كلية الإعلام . ولكن للأمانة أيضا لم يكن ذلك لأنهم اكتشفوا عندي موهبة ولكن لأن عندنا نقص فى الإعلاميين ولسنا بحاجة لمهندسين . ولكنى لعدم وصول التكليف بشكل محدد ولوجود كلية الإعلام بالقاهرة فقط ولوجود كلية الهندسة فى محافظتي ولإغراء اللقب دخلت كلية الهندسة لأتخرج منها مثل ملايين المهندسين فى المواقع نعمل حسب قوانين ومعادلات ومحددات لا يكون الإبداع فيها إلا في أضيق الحدود . ولربما لو وجدت من شجعني لتغير طريقي .
وكل هذا ليس عيبا بالطبع فى كليات الهندسة والطب فهى كليات عظيمة ولكن هناك مجالات عظيمة أيضا عليك أن تتجه إليها وحديثى هنا للطلاب . فأنت الأقدر على اكتشاف نفسك ومواهبك وميولك . فإذا وجدت لديك ميولا للتجارة والتسويق فلا تتردد فى دخول ما تحب . فكم من أطباء ومهندسين تركوا الطب والهندسة واتجهوا للتجارة والمال والأعمال وإذا وجدت لديك ميولا للأدب فكن جريئا فلربما كسبت الدنيا كاتبا عظيما يرشد الناس إلى الخير ويقود ثقافة الناس بدلا من ترك الأمر للشيوعيين واللا دينيين والملحدين وأنصاف الموهوبين .
وإذا وجدت لديك ميولا لدراسة القانون فاتجه إليه فهو مجال يحتاج إلى كل مخلص فى المحاماة أو القضاء فهؤلاء هم المصلحون الذين يتصدرون المجالس بين الناس ويعيدون الحق إلى أهله ولأن يكونوا متفوقين حتى لو تركوا الطب والهندسة واتجهوا لهذا المجال فهو خير للمجتمع وللبلد .
وهو إلى ذلك خير لك أنت يا صاحب الموهبة . فدراستك لما تحب وإبداعك فيه يفتح لك مجالا أوسع لتكمل دراساتك فى الماجستير والدكتوراه والتدريس بالجامعة أو الكتابة الصحفية والقنوات التليفزيونية بدلا من تركها لأمثال أحمد موسى أحمد شوبير وأحمد المسلمانى وأحمد الحديدى .. أقصد لميس الحديدى.
أضف تعليقك