إن من أخطر الأمراض التي ابتليت بها الأمة؛ استغلالَ الدين لتبرير أخطاء ومساوئ الحكام الفاسدين، الذين يعتمدون على وعاظ السلاطين، الذين يحرقون البواخير بين يدي الحكام، لتبرير فسادهم وإجرامهم فى حق شعوبهم.
وقد يصل الأمر إلى تبرير سفك الدماء، واتهام كل من يعارض الحاكم الفاسد، بأنه خارجي حلال الدم، للإبقاء على الأنظمة القمعية الفاشلة من خلال نشر تبريرات وأباطيل لا تمت للدين بصلة !!
فدار إفتاء الدم التي انحصر دورها فى ظل النظام الانقلابي، على البصمة (التصديق) على أحكام الإعدام التي يصدرها قضاة جهنم، قد دعت إلى ضرورة الاقتداء بالسنة النبوية الشريفة، في التعاطي مع أزمة ارتفاع الأسعار، وأنها تحكّم إلهي بالأسعار!!
إنه لا يصح أبدا اعتبار الفشل والفساد والظلم الذي يمارسه النظام الانقلابي اقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فالنظام الانقلابي العسكري، الذي يرعى الفساد والمفسدين، هو المسؤول عن كل ما حدث ويحدث من خراب ودمار!!
وقد استشهدت إفتاء الانقلاب بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قَالَ: ( قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ غَلاَ السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَال). وفسرت دار الإفتاء الحديث بأن «الناس لَما اشتكوا إلى رسول الله غلاء السعر نبههم على أن غلاء الأسعار ورخصها إنما هو بيد الله تعالى، وأرشدهم بذلك إلى التعلق بالله ودعائه!!
وبعيداً عن تبرير علماء السلطة وعملاء الشرطة لفساد النظام الانقلابي، ودعوة الناس للرضى بالظلم والابتلاء، نقول: ألا يعتبر هذا من ربط الدين بالسياسة، الذي كان يفعله الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين؟
كما أن خطباء الفتنة في وزارة أوقاف الانقلاب، أرجعوا سبب ارتفاع الأسعار إلى الذنوب التي يرتكبها الناس، دون أدنى إشارة إلى فساد النظام الانقلابي، الذي رفع شعار محاربة الله ورسوله جهرة، واستشهدوا باستشهادات في غير موضعها مثل قول الله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) .. وقوله تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فما كسبت أيديكم) .. وكما تكونوا يولى عليكم، وما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبه .. (ما نقص قوم المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان) ..
وكان الأولى بإفتاء الدم وأوقاف الانقلاب، أن يستشهدوا بحديث عائشة - رضي الله عنها - الذي تقول فيه: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا: (اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِه) .. إلا أن مخابرات الانقلاب التي تأبه بتبريرات علماء السلطان، قررت أن تقدم بديلاً للإلهاء، لنسيان زيادة الأسعار، وبيع الجزر، وفشل مؤتمر عنتيبي، خاصة وشعبهم يحتفل بسهرة 30 سونيا، لتدخل عليهم السرور والحبور، فكان فديو لإحدى جواري الانقلاب، لأن شعبهم متدين بطبعه!!
لكن إذا كانت إفتاء وأوقاف الانقلاب استخدمت الدين لتبرير فشل النظام، فإن إعلام مسيلمة الكذاب قام بدوره في التطبيل والتبرير لفشل النظام الانقلابي، فقد كتب أحد الأذرع الإعلامية للشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد مقالا بعنوان : "لم يتسلم سويسرا .. كانت خرابة من الثوار والإخوان وخسارة مائة مليار دولار"، واعتبر ما قام به قائد الانقلاب من قرارات ألغى بها الدعم ورفع سعر السلع الأساسية والوقود هي جزء من خطة إصلاح اقتصادي يقوم به قائد الانقلاب، وكان ينقصه أن يقول ما يردده وزراء الانقلاب، من أن قرار رفع الأسعار يصب في مصلحة المواطن ويهدف لتحسين مستوى المعيشة !! وأي مصلحة للمواطن فى رفع أسعار السلع وزيادة التضخم ؟ ولكن هذا الأفاك لم يخبرنا أين ذهبت مليارات الخليج التي تحدث عنها المعلم عباس ترامادول مع قائد الانقلاب، فى تسريباته الشهيرة عن الرز الخليجي، والحبة وربع، والفكة والصايع الضايع !! ولماذا لم يذكر أن الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى انهيار الجنيه كانت بسبب المشروعات الوهمية الفنكوشية، والتي اعترف قائد الانقلاب بنفسه، بأنها كانت بقصد رفع الروح المعنوية للشعب!! وأين الكاتب الأفاك من شراء أسلحة بمليارات الدولارات وتخزينها فى الوقت الذي عانى فيه الشعب من أزمة طاحنة!! وأن سبب الخراب الحقيقي هو انتهاك الحقوق والحريات والقتل خارج إطار القانون، والقمع الممنهج بزعم محاربة الإرهاب مما أدى إلى توقف السياحة وهروب المستثمرين، وتوقف المصانع، لأن مناخ البلاد غير صحي، وغير صالح لجذب رؤوس الأموال!!
وأخيراً وليس آخرا: إن السبب الحقيقي للفساد هو فشل
العسكر في إدارة البلاد وتجريف الثروات، والتفريط في حقوق البلاد التاريخية من الماء والغاز، وقبل هذا وذاك هو التفريط فى السيادة الوطنية لتراب الوطن !!
أضف تعليقك