منذ ثانية واحدة
فى الوقت الذي تنشغل فيه معظم الحكومات العربية بتتبع مواطنيها وما يغردون به على شبكات التواصل الاجتماعي واعتقال من ينتقد نظام الحكم اعتقالا مفتوحا أو المحاكمة بتهم بعضها يوصف بالتعاطف مع أخيه بأحكام تصل إلى خمسة عشر عاما تنشغل إسرائيل بكيفية الهيمنة الإلكترونية على المعلومات في شتى أنحاء العالم لاسيما في الدول العربية والإسلامية.
فمنذ سنوات بعيدة والشركات الإسرائيلية تنشط في مجال أمن المعلومات وقد نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقريرا يوم الخميس الماضي قالت فيه إن جهاز الموساد الإسرائيلي قد أسس صندوقا لتمويل الشركات الإسرائيلية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات أملا في أن تتيح له هذه الاستثمارات إمكانية الوصول إلى أحدث المجالات في المراقبة المتقدمة.
لكن هذا الإعلان ربما جاء للتغطية على ما يقوم به الموساد بالفعل في العمل في هذا المجال منذ سنوات طويلة، فإسرائيل واحدة من أكثر الدول تقدما في مجال تكنولوجيا أمن المعلومات، ولا توجد جامعة إسرائيلية تخلو من أقسام أو حتى كليات جامعية كاملة تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات وكل شركات تكنولوجيا المعلومات في العالم تطور برامج بالاشتراك مع جامعات وشركات إسرائيلية، وقد أدركت إسرائيل من البداية أن تفوقها في هذا المجال يعني هيمنتها على المعلومات في معظم الدول التي تستخدم برامجها دون أن تكون بحاجة لزراعة جواسيس، ولم يعد سرا أن كثيرا من الدول العربية تعتمد على شركات إسرائيلية في أمن المعلومات.
وأذكر أنني التقيت خلال إحدى سفراتي مديرا لإحدى شركات أمن المعلومات الأميركية ودار بيني وبينه حوار طويل حول مجال أمن المعلومات ثم المجال الذي تقوم به شركته فقال إن شركته لها فروع في أنحاء كثيرة من العالم لكن الفرع الأهم في إسرائيل، حيث يتم تركيب أنظمة لأمن المعلومات في الدول العربية باسم الشركة العالمية لكن فرع إسرائيل هو الذي يشرف على عمليات التنفيذ والصيانة والمتابعة وغيرها، وحينما سألته عن الجهات التي تقدم لها الخدمات قال الوزارات والأجهزة الأمنية والبنوك والمطارات وشركات الأمن الخاصة التي انتشرت في كل مكان وغيرها.
وهذا يعني أن إسرائيل لم تعد بحاجة إلى جواسيس لزراعتهم بعدما زرعت برامج كمبيوتر في كثير من الدول العربية تصب المعلومات كلها بشكل أدق بكثير مما يمكن أن يقوم به الجواسيس، والعجيب أن معظم المؤسسات في الدول العربية في معظم المجالات وضعت أمنها في أيدي شركات خاصة تدفع لها مبالغ باهظة وتتيح لها من خلال رجال الأمن التابعين لهذه الشركات التعرف على كل صغيرة وكبيرة داخل المؤسسات التي يخدمون فيها، حيث يتابع رجال الأمن تفاصيل التفاصيل في كل مؤسسة يخدمون فيها، كما أن أمن المطارات في معظم أنحاء العالم تم تسليمه لشركات خاصة معظمها إسرائيلية أو على علاقة بإسرائيل ترصد حركة المسافرين في أنحاء العالم، وتحصل على معلومات بل تعمل في تجارة بيع المعلومات أيضا.
وحتى تتجنب إسرائيل أية مساءلة في هذا المجال فإنها تضع الفرع الرئيسي في شركة أوروبية بينما يدار كل شيء من تل أبيب أما برامج الاتصال المجانية على الهواتف فهذه لها قصة أخرى
أضف تعليقك