استنكر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، الهجمة الشرسة التي طالت عددًا من المؤسسات والشخصيات الإسلامية والعلماء البارزين، من بينهم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي وغيره، ممن عُرفوا بالاعتدال والوسطية ونبذ العنف والإرهاب، دون دليل ولا برهان، مطالبا هذه الجهات إلى مراجعة قراراتها لما فيه صالح الأمة ووحدتها، والنأي بها عن كل ما يؤدي إلى الفرقة والتنازع بين المسلمين".
والى نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان من المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث
إن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث هيئة فقهية أوروبية مستقلة، تهتم ببحث الشئون الشرعية والفقهية لمسلمي أوروبا، وإصدار القرارات الفقهية والفتاوى الشرعية المناسبة لها؛ والمجلس هيئة رسمية مسجلة يضمّ نخبة من أهل العلم الشرعي من داخل أوروبا وخارجها؛ وقد عكف منذ نشأته من عشرين سنة على دراسة قضايا المسلمين في أوروبا، وتقديم التوجيه الشرعي والحلول المناسبة لهم، مع الحرص على التواصل العلمي مع المجامع الفقهية في العالم الإسلامي والاستفادة من أعمالها، دون التدخل في الشأن السياسي للدول داخل أوروبا وخارجها.
وإن المجلس من خلال منطلقاته الشرعية ومنذ تأسيسه، يُعبّر عن منهج وسطي يؤكّده ما صدر عنه من بيانات ختامية لدوراته المختلفة، ومن قرارات وفتاوى فقهية مؤصلة؛ وقد كان له- بفضل الله تعالى- سَبْقٌ مشهود له به في خدمة فقه الأقليات المسلمة في أوروبا، حتى أصبح بصفته هذه محلّ اهتمام الباحثين والدارسين الذين خصّصوا لأعماله العديد من البحوث والرسائل الجامعية المنشورة في مختلف الدول الأوروبية وخارجها.
إن المجلس باعتباره كسبا كبيرا لمسلمي أوروبا وللمنظومة الفقهية المعاصرة، أصبح يُمثل مرجعية فقهية مُعتبرة، له صلاته بالمؤسسات الأوروبية، ويُستشار في الشئون الدينية لمسلمي أوروبا من الاتحاد الأوروبي ولجانه المتخصصة.
وقد عالج المجلس في دوراته المتعاقبة، والتي بلغت إلى حد الآن ستة وعشرين دورة، العديد من القضايا الحيوية التي تهمّ الحضور الإسلامي في أوروبا، مثل: قضية مواطنة المسلم في المجتمعات الأوروبية ومقتضياتها، قضية الاندماج الإيجابي في المجتمع وخدمة الصالح العام، قضية العيش المشترك وقواعده، قضية الغلو والإرهاب وسبل معالجتها والوقاية منها، وقضايا اجتماعية تهم الأقليات المسلمة في أوروبا، وغير ذلك من القضايا التي تساعد المسلمين على التمسك بمبادئ دينهم السمحة، والتواصل مع مجتمعاتهم، والعمل على خدمتها، والمساهمة في استقرارها وأمنها، وهو في هذا السياق لا يتأخر عن إدانة كل عمل إرهابي يقع في أوروبا وخارجها.
وإن المجلس الذي يحرص على تعميق التواصل بين المسلمين، ويلتزم بما يدعو له ديننا الحنيف من تكريم العلماء والذبّ عنهم، يستغرب ويستنكر ما صدر من تصنيفات خاطئة دون دليل ولا برهان بحق عدد من المؤسسات والشخصيات الإسلامية والعلماء المبرَّزين، من بينهم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي وغيره، ممن عُرفوا بالاعتدال والوسطية، ونبذ العنف والإرهاب.
إن وصم الشخصيات والمؤسسات الإسلامية الجادة والمعروفة باعتدالها بأوصاف التطرف، إنما هو خير خدمة تُقدّم للغلاة والمتطرفين؛ لذا فإننا من موقع المسئولية والحرص على التعاون والأخوة بين المسلمين، ندعو هذه الجهات إلى مراجعة قراراتها لما فيه صالح الأمة ووحدتها، والنأى بها عن كل ما يؤدي إلى الفرقة والتنازع بين المسلمين.
وإن المجلس ليُؤكّد بهذه المناسبة على أن الفتوى لمسلمي أوروبا شأن أوروبي يقوم عليه المجلس مراعيا خصوصيات الزمان والمكان والأعراف والقوانين الأوروبية، وأن الفتاوى الصادرة عن أي مؤسسات لا تقف على هذه الخصوصيات إنما تضر بالوجود الإسلامي في أوروبا وتُوقع المسلمين في الحرج بالعيش بدينهم.
إن الأمة الإسلامية في حاجة إلى التعاون والتكاتف في هذه الظروف العصيبة التي تمرّ بها، وهي أحوج ما تكون إلى الوحدة والتآزر، وليس إلى الفرقة والتنابذ.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
24 رمضان 1438 ـ 19 يونيو 2017.
أضف تعليقك