حين تنشر «هاآرتس» أن تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في السعودية خبر سار لإسرائيل والولايات المتحدة، فإن ذلك يقلقنا ولا يطمئننا. وحين ينشر هذا الكلام يوم 21/6 الحالي في مقالة لأحد كبار كتابها (زفي باريل) ويذكر فيها أن الأمير السعودي عقد لقاءات متعددة مع الإسرائيليين منذ عام 2015، فإن الكلام ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد.
هذا الكلام مهم في ذاته وفي سياقه. وأرجو ألا أكون بحاجة لشرح لماذا هو مهم في ذاته، إذ يكفي أن ينسب الكلام إلى ولي العهد الذي يفترض أن يكون الملك القادم. وإذا ابتلعنا الكلام كارهين إذا ما خص آخرين، فإن الأمر لابد أن يختلف مع الرجل الثاني في المملكة العربية السعودية المرشح لأن يكون «خادم الحرمين» يوما ما.
السياق بدوره يزعجنا. ذلك أن موقع «ميكور ريشون» نقل في يوم الأربعاء ذاته عن وزير الإعلام والاتصالات الدرزي أيوب قرأ قوله، إن السعودية وإسرائيل تجريان في الوقت الراهن مفاوضات غير مباشرة لإقامة علاقات دبلوماسية لن تكون مقصورة على السعودية، وإنما أيضا مع كل الدول التي تنتظم في التحالف الذي تقوده السعودية ضد قطر.
أعرب قرا في الحوار عن سعادته لأن السلوك العربي الرسمي وبالأخص السعودي، يدلل على أن القضية الفلسطينية أصبحت تحتل المرتبة الثالثة على جدول أعمال العالم العربي، منوها إلى أنه بالنسبة للسعودية والدول التي تسير في ركبها، فإن مواجهة إيران والتصدي للإرهاب السُّني أصبحت تتقدم على القضية الفلسطينية. أضاف الرجل أن وسطاء أمريكيين يعكفون في الوقت الحاضر على إعداد صيغ تضمن إقامة علاقات دبلوماسية علنية بين تل أبيب والرياض. وضمن الخطوات التي تدرس الآن كمقدمة لاستئناف العلاقات السماح لرجال الأعمال والشركات الإسرائيلية بالعمل داخل المملكة.
على صعيد آخر، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارا (توصف بأنها البوق المعبر عن ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو) أن وضع نظام الحكم في السعودية في الوقت الحاضر يسمح بتحقيق المصالح الاستراتيجية لإسرائيل. في هذا الصدد كتب البروفيسور إبراهام تسفي معلق الصحيفة للشؤون الأمريكية أن "الانقلاب الذي حدث على سلم الأولويات في السعودية يمثل فرصة لإسرائيل يتوجب استغلالها، لاسيما عشية قدوم مستشار ترامب وصهره كوشنر ومبعوثه للمنطقة جيسين جرينبليت". اعتبر ابن تسفي أن شعور نظام الحكم في السعودية بأنه مهدد من قبل إيران، يسهل على إدارة ترامب ممارسة الضغوط من أجل تحقيق تسوية سياسية للصراع مع الفلسطينيين. ونوه إلى أن التحولات المتلاحقة التي شهدتها المنطقة منذ شرعت الرياض في حملتها ضد قطر، تفتح المجال أمام مطالبة السعودية بتطبيع كامل مع إسرائيل.
أضاف ابن تسفي أن خروج السعودية من الخزانة وعدم ترددها في تحدي إيران علنا، وكذلك استهداف قطر يمنح ترامب القدرة على مطالبة السعودية بالالتزام بخطوات تطبيعية لبناء الثقة تجاه إسرائيل.
إننا لا نستطيع أن نسلم بهذا الكلام الذي يخرج من إسرائيل، وقد يرى البعض أنها أمنيات وليست حقائق، لكننا لا نستطيع أن نتجاهله، أولا لأننا بصدد معلومات إذا لم يتم نفيها، فإن ذلك سيكون دليلا على صحتها. وثانيا لأن الإعلام السعودي تجاهل كل ذلك الكلام وسكت عليه. وثالثا لأن القرائن المتوافرة من مختلف المصادر تدل على أن الكلام له أصل، تماما كما أنه ليس هناك دخان من دون نار كما يقال.
إن الأحداث المثيرة تتلاحق في العالم العربي. ويبدو أننا نؤهل لمزيد من الصدمات والفواجع. وإذا وصل بنا الحال إلى أن عدو أمتنا يسر لما يحدث في بلادنا، فمعنى ذلك أننا تنكبنا طريقا لا يرضي ضمير أمتنا.
أضف تعليقك