منذ ثانية واحدة
استباقا لذكرى مرور أربع سنوات على أحداث 30 يونيو 2013 ، وحتى تجد وسائل الإعلام التابعة للنظام مادة تشغل بها الناس ، عن شكواهم المريرة من تردى أحوالهم المعيشية بالمقارنة لما كانت عليه قبل أربع سنوات ، كانت تلك القرارات بزيادة قيمة مخصصات الفرد بالبطاقات التموينية وزيادة المعاشات وإقرار علاوة غلاء للموظفين وتأجيل ضريبة الأطيان الزراعية لثلاث سنوات .
ويظل السؤال هل تكفى تلك الزيادة بالمعاشات وبمرتبات الموظفين لمواجهة الزيادة بأسعار الغذاء والخدمات ؟ والجواب الواضح أنها لا تكفى بالمرة ، كما يثور سؤال آخر حول ما هو الأهم لدى الناس ؟ هل هو استقرار الأسعار أم الحصول على تلك الزيادات ؟ ، والاجابة هى أن استقرار الأسعار له الأولوية .
ولو تذكرنا فى مايو 2008 حينما زاد مبارك المرتبات بنسبة 30 % وهلل الاعلام للقرار ، وبعدها بأسابيع قليلة كان حال الناس يقول خذوا الزيادات وأعيدوا لنا الأسعار السابقة قبل الزيادات ، وهو ما نتوقع تكراره خلال الشهور القليلة القادمة.
نقول ذلك لأن تلك الزيادات الجديدة ترتبط بالتمهيد للإرتفاعات المرتقبة بأسعار الكهرباء ومياه الشرب والمنتجات البترولية ، والعديد من الخدمات الحكومية ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة ، وهكذا لن تفى الزيادات بالمرتبات والمعاشات بمواجهة الغلاء سواء الحالى أو الغلاء القادم .
وحتى يكون الأمر محددا نجد أن جداول زيادات المرتبات بالعلاوتين الجديدتين – واحدة منهما مقررة سنويا بقانون الخدمة المدنية – تتراوح بين 130 جنيه كحد أدنى و309 جنيه كحد أقصى للفئة الممتازة ، و212 جنيه للفئة العالية و200 جنيه لدرجة المدير العام ، أى أن الزيادة اليومية للعلاوتين تكاد تكفى لشراء كيلو عنب .
ومع ذلك فالموظفون بما حصلوا عليه من علاوات أسعد حالا من العاملين بالقطاع الخاص ، الذين لن يحصلوا على أية زيادات ، ورغم وعود وزارة التخطيط بإقرار حد أدنى للأجور بالقطاع الخاص منذ أكثر من ثلاث سنوات فلم يتم التنفيذ بعد.
استمرار نسيان معاشات الضمان
كما لم يجد اقتراح اتحاد المستثمرين بصرف علاوة بالقطاع الخاص مائة جنيه شهريا ، بحد أقصى 300 جنيه شهريا صدى لدى القطاع الخاص ، بدعوى ركود السوق والتسبب فى زيادة التكاليف لإنتاج السلع ، والتى هى أصلا مرتفعة بسبب زيادات أسعار الكهربا ء والوقود ومياه والضريبة .
أما زيادات المعاشات والمقررة بنحو 150 جنيه أى بمعدل زيادة يومية خمس جنيهات ، فالمعروف أن هناك 2 مليون صاحب معاش يتقاضون معاشا شهريا قيمته خمسائة جنيه ، أى سيصل المعاش لهؤلاء الى 650 جنيه شهريا ، وهناك مليون صاحب معاش يتقاضون 600 جنيه شهريا وبعد الزيادة سيحصلون على 750 جنيه ، وهناك 400 ألف صاحب معاش يحصلون شهريا على 750 جنيه وهؤلاء سيصلون إلى 900 جنيه .
أما معاش تكافل وكرامة فسيزيد بنحو مائة جنيه فقط ، أى أن من يحصلون فى معاش تكافل على 385 جنيه سيصلون إلى 485 جنيه شهريا ، ومن يحصلون على 565 جنيه على أقصى تقدير سيحصلون على 665 جنيه.
وأما معاش كرامة فسيزيد من 350 جنيها شهريا الى 450 جنيها ، رغم أن خط الفقر الرسمى فى عام 2015 كان قد بلغ 482 جنيه ، وهو الرقم الذى زاد حاليا بعد الغلاء المصاحب لتعويم الجنيه فى نوفمبر الماضى ، وبما يشير الى أن الزيادات بمعاش كرامة لا توصل صاحبها إلى خط الفقر الرسمى غير الواقعى .
والغريب أن أصحاب معاشات تكافل وكرامة وأصحاب المعاشات الحكومية ، أسعد حالا من أصحاب المعاشات المنسية المسماة بمعاشات الضمان الإجتماعى ، والبالغ عددها 1 مليون و750 ألف أسرة وهؤلاء لم يحصلوا على زيادات بمعاشاتهم منذ مارس 2014 ، لتبقى قيمة معاشاتهم وحتى الآن 323 جنيها شهريا للأسرة المكونة من فرد واحد المطلقة والأرملة ومهجورةالعائل والعانس .
و360 جنيها شهريا للأسرة المكونة من فردين مثل أم وطفلها أو رجل وزوجته ، و413 جنيها للأسرة المكونة من ثلاثة أفراد ، و450 جنيها للأسرة المكونة من أربعة أفراد فأكثر ، أى أقل من قيمة خط الفقر للفرد الواحد البالغ 482 جنيه ، ومع ذلك لم يتذكرهم رأس النظام أو وزير التضامن أو أعضاء البرلمان الديكور .
ملايين الأسر بلا معاشات
ورغم محدودية قيمة معاشات الضمان الإجتماعى فهم أسعد حالا من ملايين الفقراء الذين لا يحصلون على أية معاشات ، سواء من خلال نظام التأمين والمعاشات أو معاشات تكافل وكرامة ، وهى الشريحة التى يجب أن تتجه إليها انظار صندوق النقد الدولى والبنك الدولى لحث الحكومة على مد العون لها .
أما عن زيادة نصيب الفرد بالبطاقات التموينية من 21 جنيها الى 50 جنيها ، فهذه القيمة تكاد توفر نفس المقررات التموينية التى كان يتم صرفها للفرد قبل منتصف 2014 ، والتى كانت 2 كيلو سكر و2 كيلو أرز وكيلو نصف زيت ، ولأن الدولة تسعى للتحول الى الدعم النقدى فقد صدرت تصريحات لمسؤلين بوزارة التموين عن الإتجاه من الشهر القادم لمساواة أسعار السلع التموينية بأسعارها بالسوق ، مما يقلل من الكميات التى يمكن أن تحصل عليها مبلغ الخمسين جنيها ، بالمقارنة لما كان عليه الحال أيام وزارة على مصيلحى الأولى وقبل تولى الجيش السلطة.
والتحول للدعم النقدى أمر طالب به صندوق النقد الدولى ووعدت الحكومة بتطبيقه ، ولن يتم السماح بوجود قيمة نقدية للدعم الى جانب وجود أسعار للسلع التموينية أقل من السوق ، ولو بهامش قليل كما هو الحال الآن ، الى جانب الاتجاه لتقليل عدد المستفيدين بالبطاقات التموينية.
وهناك لجنة وزارة تسعى لتحقيق ذلك ومن مهامها وضع شروط استحقاق للبطاقات التموينية ، والتى ستؤدى حتما عند تحديدها لتقليل عدد للمستفيدين من البطاقات سواء من الموظفين أو أصحاب المعاشات أو الحرفيين.
أما نقاط دعم الخبز فنتوقع استمرارها ليس تفضلا من الحكومة ، ولكن لأنها توفر المليارات من الجنيهات للحكومة ، فبدلا من قيامها بمحاسبة المخابز على حوالى 40 قرشا للرغيف ، فهى تعطى للمواطن عشرة قروش فقط عن الرغيف الواحد ، وبالتالى من مصلحتها استمرار هذا النظام.
الخلاصة أن ما تم الإعلان عنه من زيادة بالأجور والمعاشات يمثل مسكنات لملف الأجور والأسعار ، ولا يعالج المشكلة ، بعد أربع سنوات من الوعود بتحسين الأحوال وهو ما لم يحدث ، وبعد وقت قصير لن تجدى تلك الزيادات أمام استمرار ارتفاع الأسعار لأسباب محلية وخارجية ، وبما يشير الى أن أسلوب الترقيع لا يصنع ثوبا جديدا ، وأن المسكنات لا تفى بالغرض .
أضف تعليقك